خلال افتتاح أعمال مؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة

وزير العدل يؤكد حرص الوزارة على مواصلة كل ما من شأنه تحقيق رؤى وتطلعات جلالة الملك المفدى

أ.د. الأمير يشيد برؤية عاهل البلاد المفدى الثاقبة لنشر قيم الإنسانية والوسطية والاعتدال والتسامح في شتى ربوع المملكة

د. الغريب: إشادة عالمية باحتضان البحرين لمؤسسات الصناعة المالية الإسلامية

الأمين: نطمح إلى توحيد بيت المال وصندوق الأموال الشرعية وتحديد مصارفها

د. الخليفي: المؤتمر استقطب مجموعة متميزة من المشاريع العملية الإبداعية والنماذج المبتكرة في تطبيقات الزكاة المعاصرة

 

أكد معالي الشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف حِرْصَ وزارةِ العدلِ والشؤونِ الإسلاميةِ والأوقاف الدائمَ على مواصلةِ تحقيقِ كلِّ ما مِنْ شأنِه أنْ يرفدَ مسيرتَنا الوطنيةَ ويحققَ رؤى وتطلعاتِ قيادةِ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى – حفظه الله ورعاه- ، مستندين بذلك إلى ثوابِتِنا الوطنيةِ، وإلى مبادئِ رؤيةِ البحرينِ الاقتصاديةِ 2030 وكافةِ المبادراتِ والخططِ الاستراتيجيةِ التي تسهمُ في بناءِ اقتصادٍ قويِّ مستدامٍ يعززُ العمليةَ التنمويةَ في المملكة.

جاء ذلك في كلمة ألقاها معاليه في افتتاح المؤتمر الدولي الزكاة والتنمية الشاملة، والذي انطلقت أعماله اليوم الثلاثاء برعاية معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ويستمر حتى بعد غد الخميس الموافق 17 أكتوبر بفندق ذا غروف بجزر أمواج، حيث يُقام المؤتمر بتنظيم من صندوق الزكاة والصدقات بالوزارة بالتعاون مع مركزي كمبريدج ولندن للاستشارات والبحوث والتدريب ومجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية والمالية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وبمشاركة ما يقارب 80 باحثاً وباحثة من 19 دولة، موزعين على عشرين جلسة.

وأضاف معالي وزير العدل قائلاً: إنه مما يَبْعَثُ على الفخرِ والاعتزازِ ونحنُ نُدَشِّنُ اليومَ فعالياتِ مُؤتَـمَرِ “الزكاةِ والتنميةِ الشاملة” الذي يشرفُ بِـحُضورِكم الكريم مشاركةُ هذا العددِ الكبيرِ من العلماءِ والمختصين الذي ناهزَ 80 عالمٍ ومختصٍ جاؤوا من 19 دولةً شقيقةً وصديقةً إلى منامةِ الخيرِ والسلامِ والحضارةِ ضُيوفًا أعزاءَ، لنؤكد مضي مملكةِ البحرينِ في جهودِها الحثيثةِ الراميةِ إلى تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامة، انطلاقًا من المسيرةِ التنمويةِ الشاملةِ التي أرست دعائِمَها قيادةُ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ حمدِ بنِ عيسى آلِ خليفة عاهلِ البلادِ المفدى حفظهُ اللهُ ورعاه، إذِ استطاعتْ مملكةُ البحرينِ مِنْ خلالِـها تحقيقَ العديدِ مِنَ الإنجازاتِ التي انعكستْ على نـماءِ وازدهارِ المملكة، حتى باتتْ موطنًا لِأكثرَ من (أربعِ مِائةِ) مؤسسةٍ ماليةٍ محليةٍ وإقليميةٍ ودولية، فضًلا عن كونِـها أحدَ أبرزِ روافدِ تنميةِ قطاعِ الصيرفةِ الإسلاميةِ عالـميًّا.

مشيداً معاليه بالاهتمام البالغ الذي تحظى به الزكاة من قبل القيادة الرشيدة، لما لها من دورٍ محوريٍّ في خدمةِ المجتمعِ وتحقيقِ تكافُلِهِ، ودعمِ مسيرةِ تنميــَــتِـهِ وتحقيقِ ازدهارِه ورخائِه، حيثُ كانتْ مملكةُ البحرينِ مِنْ أوائلِ الدولِ العربيةِ التي سَنَّتِ التشريعاتِ المنظِّمةَ لِلْعَمَلِ الزكويِّ المؤسسي، وما صندوقُ الزكاةِ والصدقاتِ إلا ثمرةٌ مباركةٌ غرسَتْها اليدُ الميمونةُ لِصاحبِ العظمةِ الشيخِ عيسى بنِ سلمان آل خليفة –طيب اللهُ ثَرَاه- عَــبْـرَ إصدارِ المرسومِ بقانونِ رقم (8) لسنةِ 1979م، وتعاهدتْـها الرعايةُ الملكيةُ الساميةُ لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ حمدِ بنِ عيسى آل خليفة عاهلِ البلادِ المفدى –حفظهُ اللهُ ورعاه- اِلتزامًا بِتعاليمِ الدينِ الإسلاميِّ الحنيف، وتلبيةً لِلْحاجةِ المجتمعيةِ والتنموية. ولم يَزلْ صندوقُ الزكاةِ والصدقاتِ مُنْذُ ذلكَ الوقت، يسيرُ سيرًا حثيثًا نحوَ تطويرِ البرامجِ والآليات، ويسعى سعيًا جادًا لِوضعِ الأنظمةِ والأسسِ اللازمةِ لِإدارةِ العملِ الخيريِّ بمزيدٍ مِنَ الجودةِ والإتقان. ولقد استطاع الصندوقُ –بفضلِ اللهِ تعالى- أنْ يَشْملَ بخدماتِه المتنوعةِ شريحةً كبيرةً مِنْ الأفرادِ والأسرِ والمؤسسات، وصولًا لِشَراكةٍ مجتمعيةٍ تقومُ على التكافلِ والتكامل، وتنميةٍ شاملةٍ تَرومُ التطويرَ والنماء.

ولفت معاليه إلى أن الارتقاءَ بالجانبِ الاقتصاديِّ لِلْمجتمعاتِ سبيلٌ إلى غدٍ أكثرَ إشراقًا، وأعمقَ إنتاجًا، وإنَّ الزكاةَ هي أحدُ أبرزِ مرتكزاتِ تلك العمليةِ التنمويةِ المنشودة، ومن هنا جاءتْ فكرةُ إطلاقِ هذا المؤتمرِ الذي يسلط الضوءَ على جملةٍ من المحاورِ في المجالات: الشرعيةِ والاجتماعيةِ والتشريعيةِ والمؤسسيةِ والتعليميةِ والمحاسبيةِ والإعلاميةِ والأمنيةِ والسياسية، كما يُعنَى بدراسةِ المشاريعِ العمليةِ والنماذجِ المبتكرةِ في تطبيقاتِ الزكاةِ المعاصرة، ورصدِ وتوثيقِ النماذجِ الإبداعيةِ للزكاةِ المعاصرةِ في العالمِ الإسلامي.

بعد ذلك تفضل فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور محمد أبو زيد الأمير نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية، بإلقاء كلمة ثمّن من خلالها جهود حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في رفعة شأن المملكة وسعي جلالته الدائم إلى توثيق أطر التعاون مع دول العالم مما يعكس رؤية جلالته الثاقبة في سبيل نشر القيم الإنسانية والوسطية والاعتدال والتسامح في شتى ربوع المملكة.

وأوضح الدكتور الأمير بأن الزكاة تشكل دعامة كبرى من دعائم الإسلام الاقتصادية، كما أنها من موارد المالية التي لا تنضب على مر السنين، ووسيلة ناجحة لتحقيق التضامن الاجتماعي والتكافل الإجباري بين أفراده، ورحمة من رحماته تعالى إلى عباده المؤمنين، وهي لون من ألوان العبادات التي فرضها الله تعالى ورتب عليها آثارا اجتماعية كبيرة من عطف ورحمة ومحبة ومودة وإخاء وتعاون وتآلف بين أفراد المجتمع المسلم.

موضحاً فضيلته بأن الزكاة بمقاديرها المختلفة من المال كفيلة أن تحقق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم الواحد، فتطيب نفس المعطي المزكي، وتطهر قلب الفقير المعدم، وتطهير نفسه من السطو والاعتداء والسرقة، كما أنها عماد التكافل بين المجتمعات الإسلامية ولها المردودات الإيجابية في خلق مجتمع مسلم نظيف يحب بعضه بعضا، وبجانب كون الزكاة عبادة دينية واجبة على المسلم، فإنها على المستوى المالي تجارة مع الله عزوجل، وامتدادا لهذا المنهج العظيم من تسهيل وصل أموال الزكاة لمستحقيها على وجه يكفل لهم الكرامة والإنسانية كان للأزهر الشريف ومؤسساته دور رائد في إنشاء بيت الزكاة والصدقات المصري برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.

وتقدم فضيلته بجزيل الكشر والتقدير لمعالي وزير العدل لرعايته هذا المؤتمر، مثمناً جهود مركزي لندن وكمبريدج في سبيل إخراج هذا المؤتمر بصورة تشرف مملكة البحرين، كما قدم فضيلته تحيات وتهنئة فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر على عقد هذا المؤتمر الذي يسهم في تفعيل الدور الحضاري لفريضة الزكاة كأحد أركان الإسلام ودعائمه في واقع المجتمعات المعاصرة.

من جهتها ألقت الدكتورة حفصة الغريب الرئيس التنفيذي للمؤتمر ورئيس مركز كمبريدج كلمة قالت فيها: لقد انطلقت فكرة إقامة هذا المؤتمرفي البحرين بعد أن لاحظنا حجم التحديات التي تحيط بواقع الزكاة في العالم الإسلامي، حيث وجدنا العديد من التحديات التي تحول بين الزكاة وتحقيق ثمراتها المرجوة في واقع المجتمعات الإسلامية، ومن منطلق مسؤوليتنا الحضارية واستشعارنا للواجب الوطني والإنساني الذي يقع على عاتق المراكز العلمية وبيوت الخبرة فقد بادرنا إلى إطلاق مؤتمرنا الأول في البحرين (الزكاة والتنمية الشاملة).. نحو تفعيل الدور الحضاري لفريضة الزكاة في واقع المجتمعات المعاصرة.

مثمنةً رعاية معالي وزير العدل للمؤتمر والتي لها أعظم الأثر للمضي قدما نحو تعزيز الرسالة الحضارية للزكاة في دعم التنمية الشاملة والمستدامة، وليس هذا بجديد على قيادة عاهل البلاد المفدى -أيده الله- في دعم ومساندة المشاريع التنموية، ولا سيما المتعلقة بالشريعة الإسلامية.

وأوضحت الغريب ببأن العالم كله بات يشيد بالفضل لمملكة البحرين في تبني واحتضان مؤسسات الصناعة المالية الإسلامية، والتي كان لها أعظم الأثر في قيادة وترشيد المسيرة المصرفية والمالية الإسلامية، سواء من جهة المعايير الشرعية أو المحاسبية، متمنيةً أن تواصل مملكة البحرين مسيرتها المتميزة في ترشيد مسيرة (مؤسسات وأدوات الاقتصاد غير الربحي في العالم)، والتي تقع فريضة الزكاة على رأسها، ويأتي هذا المؤتمر كمنصة مهمة لتحقيق هذا الهدف الدولي النبيل.

وتقدمت في ختام كلمتها بالشكر الجزيل لجميع الجهات المشاركة والمؤسسات الراعية ولجميع اللجان العاملة على مدى عام كامل من أجل إنجاح هذا المؤتمر وإيصال رسالته الحضارية للعالم، وأن تسهم شعيرة الزكاة في تطوير الأداء الاقتصادي وتحقيق التكافل المجتمعي في دول العالم أجمع، متمنية للباحثين كل التوفيق والنجاح في تقديم مساهماتهم العلمية المتميزة، وأن يخرج المؤتمر بتوصيات علمية تشمل الجانبين النظري المعرفي والتطبيقي العملي، بحيث تعم الفائدة العالم كله من مخرجات هذا المؤتمر بصورة عملية شاملة ومتوازنة.

ثم تفضل سماحة العلامة السيد علي الأمين عضو مجلس حكماء المسلمين بإلقاء كلمته، حيث أشاد من خلالها بالقائمون على هذا المؤتمر بجعلهم الزكاة موضوعاً للبحث عن التنمية المستدامة والشاملة، موضحاً بأن للزكاة دوراً مهماً وآثاراً جليلة في حياة المجتمع والأمّة، فالصلاة التي هي عمود الدين قد قرنت بها فريضة الزكاة في كثير من آيات القرآن الكريم، وفريضة الزكاة فيها تجسيد عملي للإيمان، فهي تخرجه من دائرة القول والإعتقاد إلى ميدان العمل، فبأداء الزكاة يتجاوز المرء نفسه متعلماً منها التضحية والإيثار في سبيل الآخرين، وعاملاً بمبدأ التعاون على البر والتّقوى.

وقال سماحته: إن تشريع الزكاة في الإسلام من أهم الدعائم لقيام المجتمع المتضامن بعضه مع البعض الآخر في السرّاء والضرّاء، وهو من أهم التشريعات التي تكافح آفة الفقر، حيث كانت الزكاة في صدر الإسلام من أهم الروافد لبيت المال الذي يرعى مصالح البلاد والعباد من دون نظر إلى انتماءاتهم الدينية، وفي عهد عمر بن عبد العزيز-الذي لقب بالخليفة العادل لشيوع العدل في زمانه-ذهب بعضهم بالزكاة يطوف بها على الفقراء في الشام فرجع بها لأنه لم يجد فيها فقيراً.

ولفت سماحته إلى أن التنمية المستدامة والشاملة التي تُطرح في هذا المؤتمر تسعى الدول المتقدّمة إلى تحقيقه في مجتمعاتها وشعوبها، لها ولأجيالها القادمة، فالزكاة مع غيرها من الأموال الشرعية والصدقات يمكن أن تكون من أهم الدعامات لها في مجتمعاتنا وشعوبنا، يستعان بها من خلال تنظيم مواردها ومصارفها على إبعاد شبح الفقر وما ينشأ عنه من آفات تصيب المجتمع.

وقال الأمين: دعونا في لبنان قبل سنوات إلى توحيد بيت المال وتحويله إلى مؤسسة بعدما كثرت صناديق الجباية والجمع للصدقات والأموال الشرعية وانتشرت تلك الصناديق في الشوارع وفي أماكن العبادة والمحال التجارية والبيوت، وإزداد عدد الفقراء لعدم إدارة الأموال بشكل يسد حاجة الفقراء، مجدداً الدعوة إلى توحيد بيت المال وصندوق الأموال الشرعية وتحديد المصارف لها حسب الأوليات، ولا بد من إيجاد لجنة عليا تقوم بدراسة وتحديد جهات الصرف والاستحقاق وطرق الجباية.

ثم ألقى الدكتور رياض الخليفي رئيس المؤتمر ورئيس مجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية بدولة الكويت كلمة، قال فيها: يأتي هذا المؤتمر الدولي في سياق التجديد والتطوير لقضايا الزكاة المعاصرة، حيث يهدف إلى استثمار البحث العلمي في تفعيل الأدوار الحضارية والتنموية الشاملة والمستدامة للزكاة المعاصرة، مؤكداً حرصهم على أن يكون هذا المؤتمر، مؤتمرا دوليا متميزا يليق بالإسهامات القيادية العالمية للبحرين في مؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية الإسلامية في العالم، فقد جاءت أطروحات المؤتمر في مسارين رئيسين هما: العلمي النظري، والتطبيقي العملي، موضحاً نجاح المؤتمر في استقطاب مجموعة متميزة من المشاريع العملية الإبداعية والنماذج المبتكرة في تطبيقات الزكاة المعاصرة.

وفي إطار أعمال مؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة واعترافا بدور البحرين في احتضان فعاليات هذا المؤتمر الدولي النوعي، قال د. الخليفي: بادرنا بطرح فكرة مشروع موسوعة علوم الزكاة المعاصرة، وهي موسوعة علمية دولية تهدف إلى جمع وتصنيف الإسهامات العلمية للزكاة في إطار موضوعي منظم يتناسب مع معطيات المعرفة في العصر الحديث، كما تستلهم تصنيف موضوعاتها من واقع المحاور العشرة لمؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة.

بعد ذلك تم عرض فيلماً وثائقياً حول إنجازات صندوق الزكاة والصدقات منذ إنشائه وحتى يومنا هذا، بعدها تفضل معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بتكريم الرعاة والداعمين لمؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة، وهم: صندوق العمل (تمكين)، شركة سداد، بنك الإثمار، مبرة عبدالرحيم الكوهجي، معهد كامبريدج للاستشارات والبحوث، مجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية والمالية، شركة بدايات، ومركز لندن للبحوث والاستشارات.

بعد ذلك انطلقت جلسات اليوم الأول للمؤتمر، واليت كانت تتمحورحول: معيار الزكاة (صافي الغنى)، المشروع الإعلامي “احسب زكاتك صح”، المحور المحاسبي، والمحور الأمني، بمشاركة ما يقارب 25 باحثا وباحثة.