خطبة الجمعة.. علامات قبول العمل الصالح بعد رمضان

علامات قبول العمل الصالح بعد رمضان

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

3 شوال 1445هـ – 12 إبريل 2024م

—————————————————————————-

الحمد لله الذي ألبس من شاء من عباده لباس الهداية والتوفيق، وألزمهم كلمة التقوى فصارت الطاعة والاستقامة لهم خير أنيس ورفيق، وألهمهم شغل أوقاتهم بالخير فصرفوا كل وقت لما هو به جدير وخليق، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: نحمد الله تبارك وتعالى الذي وفقنا لصيام شهر رمضان المبارك، وأتم علينا نعمة الصيام والصلاة وقراءة القرآن وسائر الطاعات. ولكن هنا سؤال يطرح نفسه: هل هذه الأعمال الصالحة كلها مقبولة عند الله عز وجل أم لا؟ كلنا يعلم أن القبول بيد الله تبارك وتعالى، ولا يستطيع أحدٌ أن يحكم على هذا العمل قُبل أم لم يقبل!  ولكن العلماء وضعوا صفاتٍ وعلاماتٍ وشروطاً لقبول الأعمال ، فانظر يا عبد الله إلى هذا العمل وقس عليه هذه العلامات والشروط، فإذا كان العمل استجمع وجمع كل هذه الشروط والعلامات فاعلم أنه مقبولٌ عند الله، وإذا فقد شرطاً واحداً أو علامةً واحدةً فعليك أن تراجع نفسك مسرعاً، وتحقق ما نقص من علاماتٍ لديك، وبعبارة أخرى : فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فقد قال الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ومن رحمة الله تعالى بأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه أخفى عنها كثيراً من علامات القبول، بل ربما كلها حتى لا يفخر أحدٌ بعمله، وفي هذا رحمةٌ وخيرٌ للعبد؛ حتى يظل جامعاً بين الخوف والرجاء معاً، وقد كان من علامات القبول في الأمم السابقة أن تنزل نارٌ من السماء فتحرق القربان، وهذا علامةً على قبوله، أما بالنسبة لأمة محمد  صلى الله عليه وسلم، فإنه يمكن استنباط بعض علامات القبول بعد كل طاعة وعبادة، وقد ذكر أهل العلم أن علامات قبول الأعمال كثيرة، ولكننا سنعرض بعضاً منها، لأهميتها في قبول كل عمل صالح نقوم به.

 العلامة الأولى: إخلاص العمل لله تعالى: قد يكون الإنسان منا يصلي، ويحج ويعتمر، ويتصدق، ويفعل الخيراتِ كلَّها، ولكن يفعل ذلك ليس إخلاصاً لله ولكن من أجل فلان وفلان، فيكون بذلك أشرك مع الله غيره في العبادة، وهذا بلا شك يجعل عملك مردوداً، ويوم القيامة يقول لك الله عز وجل: يا عبدي ليس لك عندي جزاءٌ، ولكن جزاءك عند فلان، لأنك عملت العمل من أجله هو، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصْغَرُ، قالوا: وما الشِّركُ الأصْغَرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الرِّياءُ؛ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لهم يومَ القِيامةِ إذا جُزِيَ الناسُ بأعمالِهم: اذْهَبوا إلى الذين كنتُم تُراؤون في الدُّنيا، فانظُروا هل تَجِدون عِندَهُم جزاءً؟ وجاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذكرَ ما له؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا شيءَ له! فأعادها ثلاثَ مرَّاتٍ ويقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا شيءَ له، ثمَّ قال: (إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصاً وابُتغِي به وجهُه) وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أقاتل في سبيل الله ولكنى أُحب أن يُرى موطني فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) فمن أهم علامات القبول أن يخلص العبدُ أعماله لله تعالى، فلا يجعل للخلق فيها نصيباً.

العلامة الثانية: المداومة والثبات والتوفيق لعمل صالح بعده وعدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة، بمعنى أنك قطعت عهداً على نفسك بالتغيير والتوبة من جميع الذنوب والمعاصي التي كنت تفعلها قبل رمضان، وبفضل الله تعالى تغير حالك في رمضان، فلو عدت إلى ما كنت عليه قبل رمضان من الذنوب والمعاصي فاعلم أن عملك ليس مقبولاً عند الله، بمعنى أن الله لو هداك ووفقك إلى طاعة وبعد الطاعة رجعت إلى المعصية، فاعلم أن رجوعك إلي المعصية مرة أخرى دليلٌ على أن عملك مردودٌ عليك. قال يحيي بن معاذ رحمه الله: من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول في وجهه مسدود) لقد كان رمضان لبعض الناس هداهم الله محطة مؤقتة، ثم رجعوا إلى ما كانوا عليه، فهل هذه النفسية السيئة عبدت الله حق عبادته؟ هل وفت حق الله؟ هل أطاعت الله أصلاً؟ هذه مصيبة كبيرة أن يعود شراب الخمر إلى خمورهم، ومتعاطي المخدرات إلى مخدراتهم، وأصحاب الزنا والفواحش إلى أوكارهم، وأصحاب الربا إلى معاملاتهم، وأصحاب الفسق والمجون إلى لهوهم وفسادهم، لقد دخلوا بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي، ما استفادوا شيئاً أبداً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول الحسن البصري رحمه الله: إن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئةُ بعدها، فإذا قبل الله العبد فإنه يوفقه إلى الطاعة، ويصرفه عن المعصية، وقد قال الحسن: يا ابن آدم إن لم تكن في زيادة فأنت في نقصان).. لقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة والمحافظة على الأعمال الصالحة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  إذا عمل عملاً أثبته، وأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدْومُها و إن قَلَّ) وقَالَت عَائِشَةَ عن أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً) فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وما دام العمل لله فإن الله  جل وعلا سيقبله برحمته، وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً). وهذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم: ما من امرئٍ تكونُ لهُ صلاةٌ بليلٍ يَغْلِبُهُ عليها نومٌ إلا كَتَبَ اللهُ لهُ أجرَ صلاتِهِ وكان نومُهُ عليهِ صدقةً)

العلامة الثالثة: تحقيق الغاية من العبادات بمعنى أن أنظر إلى العبادة التي شرعها الله، لماذا شُرعت؟ وما الغاية منها؟ فلو حققت الغاية التي شرعت من أجلها العبادة، فاعلم أنها مقبولة وإلا فلا، وإليك بعض الأمثلة: الصلاة مثلاً، لماذا شُرعت؟ قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) فالغاية من إقامة الصلاة أن تنهاك عن الفحشاء والمنكر، فالصلاة إذاً معيار لتهذيب الأخلاق، فإذا كنت تصلي تنقر الصلاة نقراً ثم تخرج من المسجد تسب هذا وتشتم هذا وتضرب هذا وتأكل مال هذا. إلخ، فاعلم أنه لا صلاة لك، لأنك لم تحقق الغاية التي شرعت من أجلها العبادة، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.. وانظر يا عبد الله إلى الصيام، لماذا شُرع ؟ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)  فالغاية منه التقوى، وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فمن صام ولم يحقق التقوى فلا صيام له، لقوله صلى الله عليه وسلم : (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب) وقال: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجهل، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ. وبهذا المقياس تستطيع أن تقيس جميع العبادات، فإذا لم تحقق الغاية من العبادة، فاعلم أن العمل غير مقبول عند الله عز وجل..

العلامة الرابعة: الخوف والوجل من عدم قبول الله لذلك العمل: فالمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات) يعطي ويخشى ألا يقبل منه، يتصدق ويخشى أن ترد عليه، يصوم ويقوم ويخشى ألا يكتب له الأجر. وورد في الخوف من عدم قبول العمل آثارٌ كثيرةٌ عن سلفنا الصالح، منها ما جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لأن أستيقن أن الله تقبل مني صلاةً واحدةً أحب إليّ من الدنيا وما فيها، إن الله يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين)، وروي أنه دخل سائل على ابن عمر رضي الله عنه فقال لابنه أعطه ديناراً  فأعطاه ، فلما انصرف قال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدةً واحدةً أو صدقة درهم، لم يكن غائب أحب إليَّ من الموت، أتدري ممن يتقبل الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين) وروي أن عامر بن عبدالله العنبري رحمه الله، حين حضرته الوفاة بكى، فقيل له ما يبكيك فقد كنت وكنت ؟ فقال يبكيني أني أسمع الله يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين)، فمن منا يا عباد الله أشغله هذا الهاجس! قبول العمل أو رده، في هذه الأيام؟

اللهم ارزقنا الإخلاص والتقوى، واجعلنا ممن يعملون الصالحات، ويجدون في طاعتك، وتقبل منا ما عملناه من الطاعات، وارزقنا الفوز برضاك في الدنيا والآخرة.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله العالمين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام المرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: ومن علامات قبول الأعمال الصالحة التي ذكرها أهل العلم: وهي العلامة الخامسة، استصغار العمل، وعدم العجب والغرور به: بمعنى أن تنظر إلى الطاعة كأنها شيء صغير، وأن تنظر إلى المعصية وكأنها جبل تخشى أن يقع عليك، والذي يحدث الآن العكس يرى العبد الذنب أنه صغير، ويستكثر عبادته ويستعظمها وكأنه يمنّ على الله بهذه الطاعة، فالمرء منا لو صلى ركعتين أو صام يوماً أو قرأ جزءاً من القرآن يعد نفسه من أولياء الله ويود لو بُني له بذلك مقام، وهذا في حد ذاته دليل على عدم قبول الطاعة عند الله  تبارك وتعالى، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أعْمالاً، هي أدَقُّ في أعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا لَنَعُدُّها علَى عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ المُوبِقاتِ)

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ في أصل جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب وَقَعَ عَلى أنفه فقال لَهُ هكذا فطار) ولذلك قال الله لنبيه : (وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)  فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: (لا تمنن بعملك على ربك تستكثره) ، فكل العمل الذي تعمله لا يدخلك الجنة إلا برحمة الله وفضله، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ) إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من أعمالٍ صالحة، فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع، أو بصر، أو نطق، أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً، حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة، ومما يعين على استصغار العمل: معرفة الله تعالى، ورؤية نعمه، وتذكر الذنوب والتقصير.

العلامة السابعة: كثرة الدعاء والاستغفار بعد كل طاعة: بمعنى أن كل عمل تعمله تطلب من الله فيه التوفيق والسداد وتستغفر الله بعد العمل، ولذلك جعل الله بعد كل عبادة دعاءً واستغفاراً جبراً للخلل الذي حدث في هذه العبادة، فبعد الانتهاء من الصلاة استغفار وتسبيح وتحميد وتكبير، لماذا؟ لجبر الخلل الذي وقع في الصلاة، وفى الحج قال تعالى : (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَام)، وقال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) وهذا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام دعوا الله أثناء بناء الكعبة، قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وعند الانتهاء من المجلس تختمه بدعاء كفارة المجلس: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ) فما من لغو أو رفث إلا غفر الله لك، ولذلك كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان أن يبلغهم رمضان، وبعد رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان، فعود نفسك على الدعاء والاستغفار وشكر الله بعد كل عمل تعمله، لأنك مهما حرصت على تكميل عملك فإنه لابد من النقص والتقصير.

عباد الله: وإنَّ مِنْ متابعةِ الإحسانِ بعدَ رمضان صيامَ السِّتِّ من شوال، ندبَنا إليها رسولُنا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح قال: (مَنْ صامَ رمضانَ، وأتبعهُ ستّاً مِنْ شوالَ، كانَ كصيامِ الدَّهرِ كُلِّهِ)، ووجهُ ذلك أَنَّ الله يَجزي على الحسنةِ بعشرِ أمثالِهَا، فصيامُ رمضانَ مضاعفاً بعشرةِ شهورٍ، وصيامُ الستِّ بستينَ يوماً، فحصلَ منْ ذلِكُم أجرُ صيام سنةٍ كاملةٍ.

وهي مستحبةٌ وغيرُ واجبةٍ، ويصحُّ صَومُهَا متفرقةً في أوَّل الشهر ووسطه وآخره.

نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح أعمالنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه على كل شيء قدير.

اللهم وفقنا جميعاً إلى عمل الصالحات، وجنبنا المعاصي والمحرمات، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة وعند الممات، اللهم تقبل منا صالح أعمالنا، وارزقنا الاستقامة على دينك في رمضان وفي غير رمضان يا رب العالمين.. اللهم اجعلنا من المداومين على الصالحات، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم اجعلنا من الأخيار الأبرار، اللهم ارزقنا العبادة، والاستمرار عليها وثبتنا عليها حتى الممات يا سميع الدعاء

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيسَ وزرائِه سلمان بن حمد، وفقهم إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبرِ والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.. اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان، ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم إنا نستودعك أهالي غزّة وفلسطين فانصرهم واحفظهم بعينك التي لا تنام، واربط على قلوبهم وأمدهم بجُندك وأنزل عليهم سكينتك وسخر لهم الأرض ومن عليها.

اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في غزة وفلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم الظالمين..

اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم أن تجعل المسجد الأقصى في حفظك وضمانك؛ فلا يدنّسه غاصب، ولا يعتدي على حرمته ظالم يا جبار السماوات والأرض يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم وارحم والدينا وموتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا..

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)