خطبة جامع الفاتح الإسلامي .. الدعاء سلاح المؤمن

الدعاء سلاح المؤمن

خطبة جامع الفاتح الإسلامي 

لفضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

28 ربيع الأول 1445 هـ – 13 أكتوبر 2023 م

———————————————————————————

الحمد لله وسعت رحمته كل شيء وعمَّت، وتوالت نعمه على عباده وتمت، نحمده سبحانه ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، تعلقت به القلوب المؤمنة فاطمأنت، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد ان محمداً عبده ورسوله، قام بواجب الذكر والشكر، وجاهد في سبيل الله بدعوته حتى ارتفعت راية الملة واستتمت، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ما تعاقب الليل والنهار وازدهرت النجوم واستكنَّت، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: اعلموا رحمكم الله أن الإيمان بالله عز وجل سبب الأمن والأمان، الإيمان يجعل الخوف من الله وحده، ولا أمان فيما سواه: يقول تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيباً) ولهذا كانت الصدور الجوفاء من الإيمان البعيدة من الله، مليئة بالخوف والهلع والجزع والاضطراب والحيرة.

عباد الله: وإذا امتلأ القلب إيماناً، عرف صاحبه ملجأه، ودواءه، ومفزعه، وشفاءه.

إن الحياة قد طبعت على كدر، وقلما يسلم الإنسان من خطر، مصائب وأمراض، حوادث وأعراض، أحزان وحروب وفتن، ظلم وبغي، هموم وغموم، إلا أن الله تعالى لطيف بعباده رحيم بخلقه، فتح لهم باباً يتنفسون منه الرحمة، وتنزل به على قلوبهم السكينة والطمأنينة، ألا وهو باب الدعاء. فالدعاء نعمة كبرى، ومنحة جلى، جاد بها المولى تبارك وتعالى وامتن بها على عباده، حيث أمرهم بالدعاء، ووعدهم بالإجابة والإثابة. فشأن الدعاء عظيم، ونفعه عميم، ومكانته عالية في الدين، فما استجلبت النعم بمثله، ولا استدفعت النقم بمثله؛ ذلك أنه يتضمن توحيد الله، وإفراده بالعبادة دون من سواه، وهذا رأس الأمر، وأصل الدين.

فما أشد حاجة العباد إلى الدعاء، بل ما أعظم ضرورتهم إليه؛ فالمسلم في هذه الدنيا لا يستغني عن الدعاء بحال من الأحوال.

فإن كان راعياً ولاه الله رعية يرعى مصالحهم وأمورهم، فما أحوجه إلى الدعاء؛ كي يثبت الله سلطانه، ويعينه على استعمال العدل في رعيته ويحببه إلى رعيته ويحبب الرعية إليه.

وإن كان داعياً إلى الله تعالى فما أشد حاجته لدعاء ربه، وسؤاله الإعانةَ، والقبول، والتوفيق، والتسديد؛ ليثبت على الحق، ويصبر على عثار الطريق ومشاقه، ولتصيخ له الأسماع، وتَصْغى إليه الأفئدة.

وإن كان مجاهداً في سبيل الله فما أعظم حاجته للدعاء، الذي يطلب به النصر، ويستنزل السكينة والثبات في اللقاء، ويسأل ربه خذلان الأعداء، وإنزال الرعب في قلوبهم، وهزيمتَهم، وتفرق كلمتهم... وإن كان مريضاً فما أشد فاقته وأعظم حاجته للدعاء؛ ليستشفي به من مرضه، ويسأل به كشف كربته، وأن يمن الله عليه بالشفاء والعافية.. وبالجملة فالمسلمون، بل ومن في الأرض كلهم جميعاً بأمسِّ الحاجة للدعاء، وإخلاصهم لرب الأرض والسماء؛ ليصلوا بذلك إلى خيري الدنيا والآخرة.

عباد الله: المتيقظون يلجؤون إلى حصن الإيمان وسلاح الدعاء، يفرون إلى جناب الله تعالى، ويلتجئون بحماه، يدركون أن الخلائق فقراء إلى الله: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ) ومن يهدي من أضل الله؟! من لم يتفضل الله عليه بالهداية والإيمان ومغفرة الذنوب فهو الهالك في الدنيا والآخرة، ولقد أدرك المؤمنون فيما أدركوا أن المفزع في هذا الخضم من الحيرة والتذبذب والخوف، لقد أدركوا أن المفزع بعد الإيمان هو الدعاء، السلاح الذي يُستدفع به البلاء، ويُرد به شر القضاء، ويستنصر به على الأعداء، وهل شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء، كيف والله سبحانه يحب ذلك من عبده، وانطراحه بين يديه، والتوجه بالشكوى إليه، بل أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة: (وَقَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال: (إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فكم من بلية ومحنة رفعها الله بالدعاء، ومصيبة كشفها الله بالدعاء؟ وكم من ذنب ومعصية غفرها الله بالدعاء؟ وكم من رحمة ونعمة ظاهرة وباطنة استجلبت بسبب الدعاء؟ ولا يهلك مع الدعاء أحد، ولا يخيب من لله رجا وقصد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثَ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها  قالوا: إذًا نُكثِرَ، (أي من الدعاء، قالَ: اللهُ أَكثَرُ) أي فعَطاؤُه أكثَرُ عِندَ كُلِّ دَعوةٍ أرادَ بها العَبدُ الخَيرَ. والدعاء عباد الله قربة الأنبياء عليهم السلام: كما وصفهم الله تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) ولمَّا دعا إبراهيم عليه السلام ربه قال الله تعالى للنار: (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنّي مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ) ولمّا نادى ذو النّون يونس عليه السلام في الظلمات جاء الجوابُ من فوقِ السموات فقال الله جل في علاه: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) وقد ذكَر الله تعالى رحمتَه بزكريّا إذ نادى ربَّه نداء خفياً، فلم يكن بدعاءِ ربّه شقياً… ومن ذلكم عباد الله: ما ذكره الله جل وعلا في قصة نوح عليه السلام واستنصاره بالدعاء، (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) أجاب الله دعوته. ومن ذلكم ما جاء في قصة موسى وأخيه هارون في استنصارهما على أعدائهما بالدعاء، (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ قال الله: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا)

وفي كتابِ الله تعالى أكثرُ من ثلاثمائة آية عن الدعاء.

فيَا من تكالبَت عليه الهموم والغموم، وضاقت عليه الأرضُ بما رحُبت، أينَ أنت من سؤال الله، أينَ أنتَ من سؤال الله ورجائه؟ ويا مَن أرهقته الأمراضُ وأغرقته الديون، أين أنتَ مِن دعاءِ الغنيّ الكريم؟ ويا مَن أثقلته المعاصي والذنوب، أينَ أنتَ مِن غافرِ الذنب وقابل التّوب؟ ويا مَن غشيَه الخوف والقلق، وتسلط الأعداء تطلّعْ إلى السّماء فعند الله الفرَج.. هذا هو الدّعاء، فأين السائلون؟ وهذا هو الطريق، فأين السالكون؟!

عباد الله: لقد مرّ على الأمة أزمات وابتلاءات وحروب ومآزق، فكان اللجوء إلى الله هو سبيل النجاة، والله تعالى يبتلي الناس لترق قلوبهم، ويلجؤوا إليه بصدق وتضرع: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ولقد كان بعض المشركين الأوائل، إذا نابتهم النوائب واشتد عليهم الخطب، عرفوا أي باب يطرقون، وأين يلجؤون ويهرعون، فدعوا الله مخلصين له الدين، وهذه أمة الإسلام اليوم أحوج ما تكون إلى ربها ولطفه ونصره وعطفه، والله سبحانه لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو وحده الذي يسمع دعاء الداعين أينما كانوا، وبأي لغة تكلموا، لا يشغله سمع عن سمع، ولا يتبرم بكثرة الداعين وإلحاح الملحين، هو سبحانه الذي لا تشتبه عليه الأصوات، ولا تختلف عليه الحاجات، يعلم ما في الضمائر وما تنطوي عليه السرائر، وهو الذي ينفع ويضر على الحقيقة، دون أحد من الخلائق.

أيها الأخوة والأخوات في الله: الدعاء حبل ممدود بين السماء والأرض، يقدره حق قدره عباد الله المخلصون، هو الربح ظاهر بلا ثمن، وهو المغنم في الدنيا والآخرة بلا عناء، هو التجارة الرابحة، يملكها الفقراء كما يملكها الأغنياء على حد سواء، يتفاوت الناس في هذه العبادة بين مُقِل ومستكثر، بين حاضر القلب وشارد الذهن، بين خاشع متأمل لما يقول، وبين قاسي القلب لا يتأثر ولا يلين، وهو طريق للفلاح في الآخرة، وهو سبب من أسباب السعادة في الدنيا بإذن الله، ذلكم هو الدعاء بل هو العبادة، وهل علمت -أخا الإسلام- أن المقصر في الدعاء من أعجز الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبخلَ الناسِ من بخلَ بالسلامِ ، و أعجزُ الناسِ من عجز عن الدعاءِ)

فاحرصوا رحمكم الله على الدعاء لأنفسكم وأولادكم وأزواجكم ووالديكم وإخوانكم ووطنكم وولاة أموركم، الدعاء لأمتكم وللمسلمين وللمستضعفين المظلومين في مشارق الأرض ومغاربها الذين تسلط عليهم الأعداء فساموهم سوء العذاب والنكال.

فليس لنا والله ملجأ ولا منجا منه إلا إليه، فيجب علينا كثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تعالى مع البعد عن موانع الإجابة والمعاصي والمحرمات، ولنعلم أن الله تعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا جميعاً للتوبة والإنابة والدعاء والتضرع إلى الله القوي العزيز، القادر المقتدر، الرحيم الغفور.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله العالمين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام المرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: إنّ نصرة المسلمين بعضهم بعضاً من الحقوق التي أوجبها الله تعالى عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ). وتأمل هذا المثل الذي ضربه نبينا صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال (مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى).. إن نصرة المسلمين سبب لتفريج الكربات فيالها من سعادة ويا لها من كرامة يحصل عليها من نصر إخوانه المستضعفين المظلومين في كل مكان. ففي الصحيح يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبة من كرب يوم القيامة). من منّا لا يحب أن يفرج الله عنه كرب يومٍ جاء نعته في قوله تعالى: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) ونصرة المسلمين سبب لمعونة الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) فكن في عون إخوانك في مصائبهم يكن الله لك في أمورك كلها. ونصرة المسلمين والمستضعفين مجلبة لرحمة الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلم: (الرَّاحمون يَرْحمهم الرحمن) وقال: (مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ) بل إن نصرة المسلمين والمستضعفين من أحب الأعمال إلى الله تعالى: ولا يوفق لمثل هذا العمل إلا من وفقه الله تعالى. اسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبين هذا الجزاء العظيم فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعاً) إن نُصرة المستضعف والمظلوم واجب شرعي ولو كان مشركاً، فكيف إذا كان من المسلمين؟ يقول تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) وإن أقل ما يجب عليك أيها المسلم إخلاص الدعاء للمستضعفين والمظلومين بأن يفرِّج الله همَّهم، ويؤنِس وحْشتهم، وينصرهم على عدوِّهم. كما يجب عليك تقديم المساعدة المادية والغذائية والطبية وخيم الإيواء عبر القنوات الرسمية والمشروعة.

عباد الله: وكما جاء الترغيب في الوقوف مع المؤمن جاء النهي، والترهيب من خذلانه، والتنصل عن نصرته وموالاته.. فلقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ)

وخذلان المسلمين سبب لخذلان الله للعبد، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ)

فخذلان المسلمين سبب للفتنة والفساد الكبير الذي لا يرحم أحداَ قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا القيام بحق إخواننا المستضعفين والمظلومين في كل مكان وأن يجعلنا ممن ينصرون إخوانهم في الدين والعقيدة، إنه سميع مجيب الدعاء.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ، وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ..

اللهم لقد أنقطع الرجاء إلا منك، وخاب الظن إلا فيك، وقل الاعتماد إلا عليك، نسألك يا الله أن تفرج عن المستضعفين المظلومين في كل مكان ولا تكلهم إلى غيرك طرفة عين، اللهم ارحم ضعفهم وتول أمرهم وفك الحصار عنهم، واحقن دمائهم، وارفع البلاء عنهم، وأحفظ أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ورجالهم ورد عنهم كيد الكائدين، وعدوان المعتدين يا رب العالمين. اللهم إنا نستودعك أهلنا المستضعفين في فلسطين وفي الأقصى وفي كل مكان، اللهم أحفظ دمائهم، والطف بحالهم، واجبر كسرهم واشف مرضاهم وتقبل شهدائهم واحفظهم بحفظك من كل سوء ومكروه، ولا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم… اللهم أحفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك، واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا وشهدائنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)