خطبة الجمعة.. الحث على إخراج الزكاة المفروضة

الحث على إخراج الزكاة المفروضة

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

13 شعبان 1445 هـ – 23 فبراير 2024

——————————————————————————

 

الحمدُ لله الذي جعل الزكاة أحدَ أركان الإسلام، وقرَنَها بالصلاة في كتابه، وحذَّر مانِعِيها من أليم عقابه، نحمده سبحانه حمْد عبْد وفَّقه مولاه لامتثال أوامره واجتناب ما عنه نهاه، ونشكُره والشكر له من نِعَمِه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، ونشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمَّداً عبده ورسوله، المبعوث بالهدى ودِين الحق، صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، المسارعين إلى الخيرات بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، اتَّقوا الله تعالى وتذكَّروا نِعَمَه عليكم، وفكِّروا في أوامره واجتناب نواهيه، ولا تلهينَّكم كثْرة الأموال وحبُّها عن التأمُّل في واجباتها فإنَّها فتنة، ولا بُدَّ من جهاد النفس والهوى والشيطان في إخراج واجباتها؛ لتسلَمُوا من عقوبات منعها، وقد أعطاكم الله الكثير ورضي منكم بالقليل، وأثابَكم على ما تُنفقون، وحذَّركم من عُقوبة ما تمنَعون.

معاشر المسلمين: من رحمة الله تعالى بعباده، أنه لما خلقهم وكلفهم هداهم لدينه، وبَيَّن لهم الطريق إليه، وأقام الحجة عليهم، وقطع أعذارهم، (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ)

والشرائع التي أوجبها الله تعالى على العباد، وألزمهم بها، هي لمنافعهم ومصالحهم، فالتزامهم بها ينفعهم ولا ينفع الله تعالى شيئاً، ورفضهم لها يضرهم ولا يضر الله تعالى شيئاً، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي) هذا؛ ومن أعظم ما فرض الله تعالى على عباده من الفرائض فريضة الزكاة، فهي عبادة المال، وركن الإسلام الثالث بعد الشهادتين والصلاة. تكرر ذكرها في القرآن الكريم كثيراً، وقُرن ذكرها بذكر الصلاة في أكثر الآيات، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) ولولا ما فيها من المنافع للعباد في معاشهم ومعادهم، وفيما يخصهم أفراداً وجماعات ودولاً وأمماً؛ لما كانت عناية الشريعة بها كذلك؛ إذ إن الله تعالى لا يشرع لعباده إلا ما يصلحهم في الدنيا والآخرة… والزكاة دليل صدق العبد في إيمانه، وتسليمه لربه، وثقته في موعوده؛ ولذلك يبذل أغلى ما يملك عن طيب نفس ورضا، ومن هذا القبيل أُطْلق على الزكاة لفظ الصدقة، وهو مأخوذ من الصدق في مساواة الفعل للقول والاعتقاد؛ كما ذكر ذلك العلامة أبو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى... وهذا الفهم لمعنى الزكاة يرتكز على مفهوم التلازم بين الفعل والقول والاعتقاد في الإسلام، فلا يكمل الاعتقاد بلا قول، كما لا يكمل القول بدون فعل، فالتلازم بين هذه الأمور الثلاثة لحمة عقيدة الإسلام ومرتكزها.

أيها الأخوة والأخوات: إن ارتباط الزكاة بالعقيدة، وكونها جزءاً أساساً لا يكتمل الإيمان إلا بها يدل عليه ما ورد من آيات عن الزكاة في العهد المكي، حيث لم تتكون بعد دولة الإسلام، ولم تتحدد أنواع الأموال والمقادير الواجب إخراجها إنما كانت الإشارة إلى الزكاة في هذه الفترة باعتبار أنها جزء من الاعتقاد، مما يدل على مدى التلازم بين الإيمان بالله تعالى والعبودية التي هي أقوال وأفعال تبرهن على صدق الإيمان، كما يبين هذا التبكير في الخطاب بالزكاة قبل قيام دولة الإسلام ما يجب على الفرد تجاه إخوانه ومجتمعه وأمته.

عباد الله: إن الزكاة تعني الطهارة والنماء والبركة، ومن عجيب التشريع الرباني أن الزكاة أَخْذٌ، والأخذ في الأصل نقص من المال، وهذا هو المستقر عند البشر؛ ولذلك يشح أكثرهم ببذل المال خوفاً من نقصه، ولكن الشارع الحكيم أخبرنا أن الزكاة وإن كانت إخراج جزء من المال فهي طهارة ونماء وبركة للمال، على عكس ما هو مستقر عند البشر، وقد تواردت النصوص على هذا المعنى العظيم الذي لا يدركه أكثر الناس، يقول الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) والتطهير والتزكية من أعظم مطلوبات أصحاب النفوس السامية، والهمم السامقة، وتطهير الزكاة عام يشمل المزكي، وآخذ الزكاة والمال المزكى، والمجتمع بأسره...أما المزكي فتطهره الزكاة من البخل والشح والأثرة والأنانية كما تطهره من عبودية المال، وكم من صاحب مال يملكه المال ويُسَيِّرُه حتى يكون عبداً له، فيوالي في المال، ويُعادي فيه، ويحب فيه، ويبغض فيه، ويشقى في جمعه ولا ينتفع به، ويخشى فواته أكثر من خشيته على دينه أو نفسه أو ولده، ولربما هلك بسبب خسارته، فهذا عبدٌ لماله وإن ملكه.

ومخرج الزكاة يتحرر بإذن الله تعالى من هذه العبودية إلى عبودية الله تعالى وحده، ويتطهر من شح نفسه، وفقر قلبه. وهذا من أعظم ما ينفع العبد عاجلاً وآجلاً، وقد أثنى الله تعالى على من كان كذلك، ووصفه بالفلاح، فقال (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) وقال سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ) ثم ذكر سبحانه سبباً من أسباب فلاحهم فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) وذم النبي صلى الله عليه وسلم من لم يتطهر قلبه من الشح والأثرة، ودعا عليه فقال عليه الصلاة والسلام: تعِسَ عبدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وإذَا شِيكَ فلا انْتَقَشَ)

والزكاة سبب لطهارة قلوب الفقراء والمساكين من الحقد على الأغنياء، وحسدهم على ما آتاهم الله تعالى من فضله؛ إذ يرون أن الأغنياء قد أحسوا بهم، وشاركوهم في مصابهم، وتلمسوا حاجاتهم، وواسوهم بأموالهم. فالزكاة أعظم صلة بين الفقراء والأغنياء، وفيها إزالة للحواجز المصطنعة بينهم، وتقريب بعضهم من بعض حتى يكونوا إخوة متآلفين، متحابين في الله تعالى، متعاونين على البر والتقوى. والفقراء إذا ما علموا أن لهم حظاً في أموال الأغنياء قد فرضه الله تعالى لهم، وقام الأغنياء بواجبهم فيه؛ فإنهم حينئذ سيتمنون زيادة أموال الأغنياء، ويفرحون بربحهم في تجاراتهم، ويدعون لهم بذلك، ويُبَرِّكون على ما يرون من عظيم أموالهم، ولا يتمنون زوالها أو تلفها؛ لعلمهم أن حقهم من الزكاة يزيد مع زيادة رؤوس أموال الأغنياء وأرباحهم. وقد ثبت أن النصر والرزق يُستجلب بالفقراء والضعفاء؛ وذلك ببركة صلاحهم ودعائهم، كما جاء في حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: (رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنَّ له فَضْلاً علَى مَن دُونَهُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ؟ وفي رواية: (إنَّما يَنصرُ اللَّهُ هذِهِ الأمَّةَ بضَعيفِها، بدَعوتِهِم وصَلاتِهِم، وإخلاصِهِم). ومهما عمل البشر من الوسائل والأساليب، ومهما قاموا به من البحوث والدراسات والدورات للتقريب بين الفقراء والأغنياء، وتآلفهم واجتماع قلوبهم فلن يجدوا للزكاة مثيلاً في ذلك، فسبحان من شرع فأحسن، وأمر فأحكم!!

عباد الله: والزكاة طهارة للمجتمع من مشاكل الفقر، واكتناز الثروات، وفشو الطبقية، وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وكثير من المشكلات الاقتصادية إنما يقضى عليها بهذه الشعيرة العظيمة التي فرضها الله تعالى حقاً للفقراء في أموال الأغنياء.. وينتج عنها أيضاً تطهير المجتمع من جرائم السرقة والنهب والإختلاس والغصب وقطع الطريق، وغير ذلك من أوجه الاستيلاء على الأموال بغير حق؛ فإن المحتاجين إن جاءهم المال من الأوجه المشروعة، لم يحتاجوا إلى تحصيله بطرق محرمة… وأما التزكية فهي الطاعة والإخلاص كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ فالزكاة دليل الطاعة، وعنوان الإخلاص، ولا يخرجها سخية بها نفسه إلا مؤمن بالله، صادق في إيمانه، مخلص لدينه؛ ولذا نفى الله تعالى عن أهل الشرك أداء الزكاة، فأخبر عز وجل أنهم لا يؤتون الزكاة؛ لفقدهم الإيمان والإخلاص، (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)

أيها المؤمنون: والزكاة ليست تبرعاً يتفضل به غني على فقير أو كبير على صغير، إنما هي حق في أموال الأغنياء، والتهاون في دفع الزكاة أما بسبب ضعف الوازع الإيماني أو الغفلة عن ما أوجبه الله أو التسويف أو حب المال – والعياذ بالله – مصيبة كبرى وعواقبها وخيمة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له مَالُهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعاً أقْرَعَ،(أي مثل الحية العظيمة) له زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ – يَعْنِي بشِدْقَيْهِ – ثُمَّ يقولُ أنَا مَالُكَ أنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه، والعمل به، وأن يقينا شح أنفسنا، وأن يجعل غنانا في قلوبنا، إنه سميع مجيب الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: من نظر في واقع المسلمين وجد أنهم قد قصروا كثيراً تجاه هذا الركن الركين من دين الإسلام، فشحت نفوس كثير منهم عن أداء حق الله تعالى في أموالهم، فعوقبوا بكثير من المشكلات الاقتصادية التي يبحثون لها عن حلول فلا يجدون أي حل... انظروا رحمكم الله تعالى إلى كثرة الأسواق والمحلات التجارية والمجمعات في بلاد المسلمين، واحسبوا أعداد الشركات والمؤسسات تجدوا أنها أكثر عدداً من الأسر الفقيرة في المجتمعات، ثم انظروا إلى حسابات بعض كبار الأغنياء والتجار، وأباطرة المال تجدوا أنها تقارب موازنات دول كاملة، فلو أخرج هؤلاء وأولئك ما أوجب الله تعالى في أموالهم من زكاة لما بقي في الناس فقير ولا محتاج؟ ومن نظر في أحوال كل بلد من البلدان، أو مدينة من المدن، أو قرية من القرى، أو قبيلة من القبائل، أو عائلة من العوائل أو أسرة من الأسر؛ وجد أن فيها أغنياء وفقراء، وأن زكاة أغنيائهم تسد حاجة فقرائهم في الغالب، فلو رَدُّوا صدقاتهم عليهم لكانت صدقة وصلة، ولأغنوهم عن الحاجة إلى غيرهم، ولكان كل قريب وجار كفيلاً بقريبه وجاره.

والعجيب أنه كلما ازدهر الاقتصاد، وتحركت أسواق المال والأعمال، وكثرت مصادر الدخل، واكتشفت الدول منابع أخرى للثروة؛ ازداد الفقر في الناس، وانضم أناس جدد إلى قوائم الفقراء، مع أنه في الحسابات البشرية يجب أن يكون الحال بعكس ذلك، ولكن السنن الربانية، والنواميس الكونية لا تختل ولا تخطئ؛ فإن تلوث الأموال بالكسب الخبيث نزع البركة منها، وجعل عاقبتها إلى محق وقلة. وإن التقاعس عن إخراج زكاتها أوقف نماءها وزيادتها، وزاد من محقها وقلتها وإن بدا للناس في الظاهر أنها تنمو وتزداد، وقد أخبرنا الله تعالى عن ذلك في قوله سبحانه (وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ الله، وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ) فتضعيف المال وبركته إنما تكون بتطهيره مما حرم الله تعالى، وتزكيته بالزكاة الواجبة، والصدقة المندوبة، وما نقصت صدقة من مال، بل تزده بل تزده.

والخلل في أداء الزكاة وقع مركباً من جهتين، وهذا أدى إلى ضعف وظيفتها التي شرعت الزكاة من أجلها، فلا أغنت الفقراء رغم كثرة الأغنياء، ولا رفعت الضائقات الاقتصادية عن الناس: أما الجهة الأولى: فكثير من مُلاَّك الأموال لا يُخرجون زكاة أموالهم، ويتحايلون لإسقاطها بشتى الطرق والوسائل، فما نفعت أموالهم مجتمعاتهم ولا سدَّت حاجات فقرائهم.

وأما الجهة الثانية: فإن من أخرجوا صدقاتهم لم يضعوها في أيدي من يستحقونها، بل جاملوا من يعرفون بها، أو دفعوها إلى أقرب سائل تخلصاً منها، فانبرى لذلك تجار يتاجرون بالزكاة، ويتلمسونها عند الأغنياء والكبراء، وهم ليسوا من أهل الاستحقاق. وواجب على من آتاه الله تعالى مالاً، أن يبحثوا عن المحتاجين بأنفسهم، ولا ينتظرون أن يأتيهم من اتخذوا من السؤال حرفة وتجارة. ومن كان عاجزاً عن ذلك فليدفع زكاته إلى جمعية خيرية رسمية أو إلى ثقة أمين يضعها حيث أمر الله تعالى، ولا يبتغي بها شرفاً ولا جاهاً.

وواجب على مَن عنده زكاة أو هو وكيل عليها أن يتقوا الله تعالى في الفقراء المتعففين، وأن يبذلوا جهدهم في الوصول إليهم؛ فإن الزكاة لا تُحقِّق مقصودها الذي أراده الشارع الحكيم جلَّ وعلا  بفرضها، ولا تبرأ ذمَّتُهم منها إلاَّ بسعيهم واجتهادهم في إيصال حق الله تعالى  لمستحقيه، ومَن أخلص النية في ذلك، وبذل جهده وطاقته، أعانه الله تعالى ويسَّر له الوصول للمستحقين المتعففين، وسيجد في هذا السعي لذةً لا يعدلها لذة، يعرف معها لِمَ شرُعِت الزكاة؟ ولِمَ كانت من فرائض الله تعالى ومن أركان الإسلام العظام؟

نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المتصدقين والمزكين والراحمين، وأن يتقبل منا أعمالنا إنه سميع مجيب الدعاء.

اللهم أخلف على المزكين والمتصدقين نفقاتهم، واغفر لهم وارحمهم، وتقبل منهم، واكتبهم مع عبادك الصالحين، وبارك لهم في أموالهم وفي صحتهم وفي أولادهم وفي أزواجهم وفي أعمارهم إنك سميع الدعاء.

اللهم إنا نعوذ بك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِك، وتُحَوِّل عافَيَتَك، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِك، وجميع سخطك.

اللهم أعز الإسلام وانصر والمسلمين اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين

 اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم وفق ولاة أمورنا وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم كن لأهلنا في فلسطين وغزة وفي بيت المقدس كن لهم معيناً ونصيراً وظهيراً، اللهم فرج همهم ونفس كربهم وخفف عنهم آلامهم يا أكرم الأكرمين… اللهم أفرغ عليهم صبراً، وثبت أقدامهم وانصرهم على القوم الظالمين، اللهم نجهم واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم كن معهم وانصرهم على القوم المعتدين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.. اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان يا سميع الدعاء.

 الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.