الجمعة 27 ذو الحجة 1439هـ
الموافق 7 سبتمبر 2018م

الحمد لله أعلى شأن العلم والعلماء ، وجعل طلب العلم من أجل الأعمال وأعظم القربات، فقال تعالى : (‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)‏ ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له، شهد بهذا لنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بأهل العلم من خلقه فقال: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، حثنا على طلب العلم ، فقال (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين ،والتابعين ومن تبعهم بإحسان.

أمّا بعد: فاتقوا الله عباد الله، فبالتّقوى تُنال الخيراتُ،وبالتّقوى يُنال العِلم،  (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ)

معاشر المسلمين:مع بداية مواسِمِ الدّراسة في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات، تكثُر الأطروحاتُ التعليميّة والتنظيرات التربويّة، ويستنفِر الجميعُ للحديث والمساهمة في هذا الجانب، وما ذاك إلاَّ لإدراكِ النّاس ما للتّربية والتّعليم من أهمّيةٍ بالغة وأثرٍ فاعل في بِناء الأجيال وإعداد المجتمعات. ولقد كانت عنايةُ الإسلام فائقةً في هذا المضمار من أوّل حرفٍ نزل به الوحيُ من القرآن الكريم على رسول الأنام صلى الله عليه وآله وسلم، فقال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ  الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) . كما توافرتِ النصوصُ عن إمام المربّين صلى الله عليه وسلم قولاً وتطبيقاً في جانب التربية حتى تغيَّرت حياةُ الأعراب الجفاة عبدَةِ الأوثان في سنواتٍ قليلة، فأصبحوا قُدوةَ الدنيا وقادةَ العالم، وخلَّدوا سِيَراً لا زال شذا عِطرِها يفوح، ونورُ هُداها يُقتَبَس إلى يومِنا هذا….

أيّها المسلمون: لا يخفى على عاقلٍ فضلُ العلم المقرونِ بالتربية الصالحة، فبه يعبد المسلم ربَّه على بصيرة، وبه يعامِل الناسَ بالحسنى، وبه يسعَى في مناكبِ الأرض يبتغي عند الله الرزقَ، وبالعلم تُبنى الحضارات، وتُبلغُ الأمجاد، ويحصُل النماءُ والبناء. العلمُ يُجلِسُ صاحبَه مجالسَ الملوك، وإذا اقترن بالإيمان رفعَه الله في الدنيا والآخرة،وصدق الله العظيم(يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)  .

عباد الله: وإذا كان العلم مجرَّداً من التربيّة والتعليم خواءً من المبادِئ فهو وبالٌ ونقمة على صاحبه؛ ولذا ارتبطتِ التربية بالتعليم، والعِلم بالعمَل، والمفردات بالمبادِئ والسلوك، ففي القرآنِ العظيم آياتٌ تتلَى إلى يوم الدين فيها أدَبُ الحديث، وأصولُ العلاقات الاجتماعية، وبِرّ الوالدين، والعِشرة الزوجية، والأخوة الإسلامية، والعلاقات الدولية في السِّلم والحرب، بل فيه أدبُ الاستئذان وأدبُ النظر، واقرؤوا إن شئتم سورةَ النساء والأنفال والحجُرات والنور.

أما السنّة النبوية والسيرة المصطفوية، فعالَمٌ مشرِق بالمُثُل والتربية، ويكفينا مثالاً حديث عبد الله ابنِ عباس رضي الله عنها قال: (كنت رديفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال:(يا غلام، إني أعلِّمك كلمات، أحفظ الله يحفَظك، أحفظ الله تجِده تجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلم أنَّ الأمةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمَعوا على أن يضرّوك لم يضرّوك إلاَّ بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام وجفَّت الصحف)… عباد الله: إنّه أوّلُ ما ينبغِي ترسيخه في قلوبِ الناشئةِ وتُرسَى عليه قواعدُ التربية، عقيدةٌ صحيحة وربطٌ للنَّشء بالله ومراقبَتِه واليقين والتوكّل عليه، عندها يصبِح المؤمن ذا همَّة وعزيمةٍ وقوّةِ إرادة، لامتلاءِ قلبِه بالإيمان واليقين، فيُرجى منه النّتاج، وتتحقَّق منه الآمال، وهذا سرُّ امتداحِ الله تعالى لخِيرة أنبيائِه بأنهم أولو العَزم من الرسل… أيّها المؤمنون والمؤمنات: إنَّ الأبَوَين المستحقَّين للدّعاء هما من أحسنا التربيةَ والتعليم،(وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا ماتَ ابن آدم انقطَعَ عملُه إلاَّ من ثلاث) وذكر منها: (ولدٍ صالح يدعو له)…  إنَّ مهمّةَ تربيةِ الأولاد مهمّةٌ عظيمة، خصوصاً في هذا الزّمنِ الذي تَلاطمَت فيه أمواجُ الفتن، واشتدَّت غربةُ الدين، وكثُرت فيه دواعي الفساد، حتى صار المربِّي مع أولاده كراعِي الغَنَم في أرضِ السّباع الضارية إن غفَل عنها أكلَتها الذئاب.

أيّها المربّي مِن أبٍ وأمّ ومعلِّم ومعلّمةٍ، اعلم أنَّ خيرَ القلوب أوعاها وأرجاها للخيرِ ما لم يسبِق إليه الشرّ، وأولى ما عُنِي به الناصحون ورغِب في أجره الراغبون إيصالُ الخير إلى قلوبِ أولاد المسلمين لكي يرسَخَ فيها وتنبيهُهم على معالم الدّيانة وحدودِ الشريعة وترويضُهم عليها، وهذه والله وظيفةُ الأنبياء، وقد أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم:  (أنّ الله وملائكتَه وأهل السموات والأرض ليصلّون عل معلِّمِ الناس الخير)، وفي صحيح مسلم أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم  قال:(من دعَا إلى هدًى كان له مِنَ الأجرِ مثل أجورِ من تبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً). فهنيئاً لك يا عبد الله إذا أخلصتَ نيّتك واحتسبتَ أجرَك عند ربّك.

كما أنّ على المربّين من المعلّمين والوالدَين العنايةَ بجانب القُدوة، فإنّ قدرةَ المتعلّم على الالتقاط والاقتداء بوعيٍ أو بدون وعي كبيرةٌ جداً،يقول تعالى:  (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)  وإذا قال المنظِّرون: إنّ التربيةَ والتعليم عمليّةٌ تكامليّة، فما دورُ الآباء والأمّهات في هذا التكامل؟ وما دور وسائِلِ الإعلام في التربية والتوجيهِ والنّصح والتعليم؟ وهل أدّى الأمانة من لم يرب أبناءه على تعاليم الإسلام وشعائره؟ وهل رعى المسؤوليّةَ من ترك أولاده نهباً لأصحاب الأفكار المضللة المفسدة،والتجمعات والأحزاب المشبوهة في البلاد ولرفقاء السوء الذين يحرضونهم على زعزعة الأمن والاستقرار في أوطانهم. وقد قال الله تعالى:  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، والأمر بالوقايةِ للوُجوب، ومن لم يقِ ويحفظ يُسأَل كما قال صلى الله عليه وسلم:(كلُّكم راعٍ، وكلّكم مسؤولٌ عن رعيّته).

أيّها المربّون، أنتم مؤتَمَنون على تربيةِ أجيالِنا وإعدادِ أولادِنا وتوجيهِ مستقبَلنا في تطويرٍ وتجديد ومواكبةٍ للجديدِ مع الأصالةِ والثباتِ المستمَدّ من شريعة الإسلام، نعَم الأصالةُ والتميُّز المستمِدّةُ منهجَها من كتاب الله وهدي نبيه، الهادِفةُ إلى تعبيدِ الناس لله ربِّ العالمين والالتزام بأوامره ونواهيه،وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، وطاعة ولاة الأمر من المسلمين في المعروف،  وتنشئةِ المواطنِ الصالحِ المنتِج الواعي السَّالم من شطَطِ التفكير ومَسالِك الانحرافِ والتخريب والتكفير والتفجير… إنّ مبادئَ الإسلام الثابِتَة المرِنةَ كانت الانطلاقةَ الصحيحة للحضارةِ الإسلامية التي باركَها الله على أهلِ الأرض جميعاً، وما ضعُفت إلاَّ حينَ كانت المنطلقات غيرَ شرعيّة في تنكُّر للدّين أو تحجُّر لا يتحمَّله الإسلام.

أيّها المسلمون: كلُّ أمّة تنشِئ أفرادَها وتربّيهم على ما تريد أن يكونوا عليه في المستقبَل، إذًا فالتربيّةُ والتعليم في حقيقتِه هو صناعةُ الأجيال وصياغةُ الفكر وتشكيلُ المجتمع وتأهيلُه وتوجيهه، وكلُّ الأمم والدوَل مهما كانت غنيّةً أو فقيرة متقدِّمةُ أو متخلّفة تدرِك هذا الجانبَ، وتسعى بما تستطيعُ لترسيخِ مبادئِها وأهدافِها عن طريقِ التربية والتعليم، وتعتبر ذلك من خصوصيّاتها وسيادتِها وسماتها التي لا تساوِم عليها، ومنه ندرِك أنَّ استيرادَ التربيةِ من أمّةٍ أخرى بكلِّ عيوبها ظاهرها وباطنها، خطيئةٌ كبيرة وتبعيَّة خطيرة، تعني نشأةَ جيلٍ مغيَّب عن تراثِه وتاريخِه مقطوعِ الصّلةِ بعقيدته ومبادئه، مسخاً بلا هويّة يسهُل قيادُه بل واستعبادُه. وهذا لا يعني هجرَ الإفادة مِن تجارب الأمم، فالحكمة ضالّة المؤمِن أنّى وجدَها فهو أولى بها، إلاَّ أنه من الخلطِ والتّضليل فرضُ إبعاد علوم الدين عن علوم الدنيا بحجّة التطوير أو إقصاءُ الدين لمواكبة العلم كما بُليت بذلك بعض بلادِ المسلمين، وفي قولِ الله عزّ وجلّ:  (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)  دليلٌ على أنّ العلومَ النافعة هي المقرِّبة إلى الله ولو كانت من علومِ الدنيا، وذلك باصطِباغها بصِبغة الإيمان والتقرُّب بها إلى الله وخِدمةِ دينه ونفعِ المسلمين وعمارةِ الأرض كما أراد الله، في توازُنٍ وشُمول ووسطيّة واعتدالٍ، فتُعمَر الدنيا والآخرة… أمّا إذا تجرَّد التعليمُ وأهدافه من الإيمان فأضحَتِ الوسائل والمقاصِد مادّيةً بحتة فهو الوبالُ والشقاء، وهذه حضارةُ اليوم شاهِدٌ حيّ على هذا النتاج، فشقِيت أمَمٌ بصِناعاتها واختِراعاتها، وأصبح التّسابُقُ في وسائِلِ الدمار لا في العَمَار والاستقرار، وأضحَى الظلمُ والطغيان وسرقةُ الأوطانِ هو شعار أقوَى الدّوَل وأظهرِها في الحضارة المادية، وها هي فلسطينُ السليبة وغيرها من بلاد المسلمين تدمَّر قُراها، وتُسفَك دماها برعايةِ مبادئ الحضارةِ الزائفة، وما الفخرُ في بناياتٍ تعانِق السّحابَ إذا كانتِ الأخلاق والفضائل مدفونةً تحتها في التراب؟! وما الرّبح في كثرةِ المتعلِّمين إذا غُيِّبتِ المبادئ والحقائِق وصودِرَ الدين وشُغِل العامّة بالشّهوات واللّهَثِ وراءَ المادّة الجافّة في غفلةٍ عن الآخرة؟! وصدق الله العظيم حيث يقول:  (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) وأخيراً عباد الله، فإذا كان هذا الزمنُ زمنَ صِراعٍ حضاريّ وعقائدي بين الأمم وضغوطاتِ لعولمةِ الفِكر وعلمنةِ التعليم فإنّ من علامةِ إخلاص ووعيِ القائمين على المناهجِ في بلاد المسلمين مواجهةَ هذا التحدّي والعناية بالمنطلقات والأسُسِ العقدية والفكرية الصحيحةِ حين بناءِ المناهج أو تطويرها. والواجبَ على المسئولين والمربّين والمتربِّين عموماً أن يكونوا على قدرِ المسؤوليّة وإنهم قادرون إن شاء الله، في القيام بهذا الواجِبِ العظيم لأجلِ مستقبَل مضيءٍ بإذن الله بالعلمِ والهدَى والعطاءِ والبناءِ في ظلِّ دوحة الإيمان الوارفة.

حفِظ الله بلادَنا البحرين وبلادَ المسلمين عزيزةً بدينها آمنةً بإيمانها سابقةً لكلِّ خير… أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:  (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ).

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فيا أيها المسلمون: ينتظم أبناؤنا من الطلاب والطالبات في هذه الأيام بمدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، لينهلوا من مناهل العلم والمعرفة، على حسب مستوياتهم واتجاهاتهم، يشجعهم على ذلك ويدفعهم أولياء أمورهم والقائمون على تدريسهم، من مربين ومربيات ومدرسين ومدرسات، والذين يقع عليهم العبء الأكبر في تربية الناشئة التربية الإسلامية الهادفة،والمواطنة الصالحة، التي تعود عليهم بالنفع في دنياهم وآخرتهم، ولا يتم ذلك إلا بالتعاون الجاد بين البيت والمدرسة، وقيام كل منهما بما له وما عليه تجاه أبناء المسلمين وبناتهم…ألا فليعلم كل من اشتغل بالتدريس:أن أقل ما يُنتظَر من المعلم والمعلمة أن يتقيا الله تعالى فيما استرعاهم الله من أمانة أبناءنا وبناتنا من الطلاب والطالبات ، وأن يتقيا الله سبحانه وتعالى في قولهما وفعلهما وسلوكهما، وأن يكون ذلك كله متفقاً مع روح الإسلام ومبادئه في التعامل مع الطلاب والطالبات، والتخاطب معهم،وعدم التمييز بينهم، وأن يروا فيهما القدوة الصالحة التي تحتذى… وإن المنصف ليدرك دون شك جهد ذلك الجندي المجهـول- المعلم المخلص والمعلمة المخلصة- في تعليم الأجيال، وتربيتهم، وتقويم سلوكهم، وإن واجب الوطن نحوه:أن يشكر جهوده ويكرمه، ويؤدي إليه بعضاً من حقه، وأن يعرف له قدره واحترامه وفضله.

أبنائي وبناتي من الطلبة والطالبات:وصيتي أليكم بالجد والاجتهاد ودفع الكسل واحترام مدرسيكم ومدرساتكم، وتقديرهم وتوقيرهم وإجلالهم، حيث لا علم إلا بمعلم، فاعرفوا لهم قدرهم وفضلهم، فإن احترام المعلم يثمر الخشية والحياء والخوف والخجل، وأكرم بها من صفات حميدة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لَهُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَار، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَلِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ) ويقول بعض السلف: (لا ينال العلم ولا ينتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله وتعظيم المعلم وتوقيره)… أيها الأخوة والأخوات: ولا ننس بهذه المناسبة أن نتقدم بالشكر والتقدير لقيادتنا الكريمة، على دعمها الكبير للعلم والتعليم والمعلم وطلبة العلم، واهتمامها بأبنائنا من الطلبة والطالبات، وحرصها على تعليمهم،التعليم المجاني، وتنفيذها لمشاريع التعليم التطويرية والتربوية المستمرة وتوجيهها لتحسين أداء المدارس والمعلم، وتوفير المدارس والمباني والإنشاءات والتجهيزات والمعلمين المؤهلين الأكفاء والتي تصبّ في خدمة الطلبة والطالبات باعتبارهم محور العملية التعليمية… والشكر موصول لوزارة التربية والتعليم ولوزيرها وللقائمين على الوزارة لتنفيذهم تطلعات ورؤى القيادة الحكيمة، وتوسعهم في إنشاء المدارس ومعاهد التدريب الفنية والمهنية، وتطويرهم للمناهج والمواد الأساسية،  والتقاء الوزير مع أعضاء الهيئات التعليمية، والتشاور والتحاور معهم، وتوظيفهم لهذا العام أكثر من سبعمائة مدرس ومدرسة من البحرينيين وحرصهم على الاستعانة بالكوادر الوطنية المؤهلة، بما يضمن ويسهم في تجويد المخرجات التعليمية وحفظ الهوية الدينية والوطنية  لطلاب وطالبات وطننا العزيز.

سدد الله الخطى وبارك في الجهود ووفق الجميع لما يحب ويرضى.

اللهم أقر عيوننا بصلاح أبنائنا وبناتنا وأهدهم إلى صراطك المستقيم،وجنبهم رفقاء السوء، وأحفظهم من شر الأشرار وكيد الفجار،وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين، اللهم علمهم ما ينفعهم وانفعهم بما علمتهم وزدهم علماً يا رب العالمين. اللهم أغننا وزينا بالعلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية يا رب العالمين… اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين،اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين. اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا،واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين،  الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَرَئِيْسَ وُزَرَائِهِ خليفة بن سلمان وَوَلِيَّ عَهْدِهِ سلمان بن حمد  الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ، وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَارَبْ الْعَالَمِيْنَ. اللهم من أراد بلادنا وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا وجيشنا ورجال أمننا، بشر وسوء وفتنة فأشغله بنفسه، وأجعل كيده في نحره، وأدر دائرة السوء عليه يا سميع الدعاء.

اللهم انصر عبادك المظلومين في كل مكان، اللهم كن معهم ناصراً ومؤيداً في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن وفي أراكان إنك على كل شيء قدير.. اللهم احقن دماءهم، وأحفظ أعراضهم، وأطفالهم ونساءهم ورجالهم وشيوخهم، ولا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم..

اللهم فرج الهم عن المهمومين ونفس الكرب عن المكروبين واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم نور على أهل القبور من المسلمين قبورهم، واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وإيتآء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

فاذكروا الله العلي الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ويغفر الله لي ولكم.

خطبة جامع الفاتح –   عدنان بن عبد الله القطان –   مملكة البحرين