خطبة الجمعة.. انتهت شعائر الحج وعاد الحجاج إلى ديارهم

انتهت شعائر الحج وعاد الحجاج إلى ديارهم

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

17 ذو الحجة 1446 هـ – 13 يونيو 2025 م

 

الحمدُ للهِ الذي شرعَ لنا ديناً قويماً، وجعلَ البيتَ الحرامَ مثابةً للناسِ وأمناً، ويسَّرَ سُبُلَ الحَجِّ وذلَّلها، وأجزلَ الأجرَ لمن أخلصَ وأتمَّ الشعائر. نحمدُه على نِعَمِهِ، ونشكرُه على تيسيرِ المناسك، ونستغفرُه من الزللِ والتقصير. ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، أرسلهُ بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدينِ كلِّه ولو كره المشركون، صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: ها قد انقضى موسمٌ من أعظم مواسم الإسلام، ومضت الأيام المعلومات، ثم الأيام المعدودات، أيامٌ حملت بين طيّاتها الخيرات والبركات، والأجور والمسرّات. فقد عاد الحُجّاج إلى أوطانهم بعد أن أتمّوا رحلة الحج الأكبر، وطافوا بالمشاعر، وتعرّضوا لنفحات الرحمة، يرجون رضا رب الأرض والسماوات. عادوا وهم فرحون بما آتاهم الله من فضله، ومسرورون بما منّ به عليهم من أداء النسك وتوفيق العبادة، فهنيئًا لهم حجُّهم، وسعيهم، وعبادتهم، وجهادهم في طاعة الله… وفي سائر بلاد المسلمين، لم تغِب بشائر الخير، فقد أدرك الناس عشرَ ذي الحجة، وهي أفضل أيام الدنيا، فصاموا، وخصوصًا يوم عرفة الذي يُكفّر صيامُه سنتين من الذنوب، حتى أصبح شبيهًا بأيام رمضان، لكثرة الصائمين فيه، حتى من صغار السن. ثم أقبل يوم النحر فصلّوا وقرّبوا الأضاحي، وامتلأت مصليات العيد بالتكبير والتهليل، وتتابعت أيام التشريق يأكل فيها الناس ويشربون ويذكرون الله، فحمدوه وشكروه على نعمه، فما أحقهم بالفرح: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ۖ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).

وهكذا -عباد الله- تمضي مواسم الخير سريعًا، بل هكذا تمضي حياة الإنسان بأسرها، قصيرة خاطفة، ثم يجني المرء ما قدَّم فيها، فطوبى لمن أحسن عمله، وعمّر أيامه بالطاعات، فنال الأجر والثواب.

أيها المؤمنون: وفي وقفة سريعة، دعونا نتأمل بعضاً مما تعلمناه من مدرسة الحج، وما جناه الحجاج من دروس وعبر في تلك الأيام العظيمة. ومن أبرز ما نتعلّمه من الحج: تلك المحبّة التي يغرسها الله في قلوب عباده لبيته الحرام، يقول سبحانه: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا) وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يشبع الناس من زيارة البيت، يأتونه ثم يعودون إليه مرارًا، مع أن مكة أرضٌ قاحلة، وجبالها سوداء، ومع ذلك تهوي إليها أفئدة المؤمنين، لا لمجرّد موقعها، بل لأنها موطن الطاعة ومهبط الرحمة. فهي (مثابة) كما أخبر الله، يرجع إليها الناس من شتّى البقاع، وكلما زاروها ازدادوا لها شوقًا، كما قال الشاعر:

لا يرجعُ الطرفُ عنها حينَ ينظرُها

                                   حتى يعودَ إليها الطرفُ مشتاقاً

عباد الله: لن ينسى الحجاج مشهد عرفات الخالد، حيث العيون دامعة، والقلوب خاشعة، والأيدي مرفوعة بالدعاء، هناك عرَف الجميع فقرهم وحاجتهم إلى ربهم، رأينا دلائل عظمة الله عز وجل في ذلك الموقف العظيم، حيث دعوات بلغات شتّى، وحاجات لا تُحصى، والله يسمعها جميعًا، لا يشغله أمرٌ عن أمر، ولا تغيب عنه حاجة، فيستجيب دعاء، ويغفر ذنبًا، ويكشف كرباً، ويشفي مريضاً، ويغني فقيراً، وهو على كل شيء قدير. ومن دروس الحج أيضاً: أنك ترى الحاجّ حريصًا أشدّ الحرص أن يكون حجه على وفق سنة النبي ﷺ، يسأل ويتحرى ويتّبع، وهذا حسن، لكن الأحسن من ذلك أن يمتد هذا الاقتداء إلى كلّ حياة المسلم، في عباداته ومعاملاته، في ظاهره وباطنه، في حركته وسكونه، في سفره وحضره، في نومه ويقظته، فيكون قريبًا من هدي نبيّه ﷺ، متعلّقًا بسنته.

فمن رزقه الله حسن الاتباع، فُتحت له أبواب الهداية، ونزلت عليه الرحمات، قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). عبادَ الله: لقد استحضر الحُجّاجُ قولَ نبيّهم ﷺ: (الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة)، فأنفقوا أموالَهم بسخاء، وبذلوا أوقاتَهم برضا، وتحمّلوا مشقّةَ السفر ومصاعبَ الطريق بقلوبٍ مطمئنّة ونفوسٍ راضية، مستشعرين ما أعدّه الله من الثواب العظيم. نعم، إن استحضارَ جزاءِ العملِ الصالح يرفع الهمم، ويطردُ الكسل، ويغرسُ في قلب المسلم حبَّ الصالحات، والمداومةَ عليها، والحرصَ على الاستقامة والثبات حتى الممات.

أيها المسلمون والمسلمات: لقد علّمتنا مدرسةُ الحجِّ قِصَرَ الأمل، نعم، لقد خرجَ الحاجُّ من دياره متجرداً من زينة الدنيا، صابراً على الطاعات، مُمسكاً نفسه عن الشهوات في أيامٍ معدودات، أيقنَ أن الرحيلَ قريب، وأن البقاءَ مؤقت، فما أجملَ أن يعود الحاجُّ مستحضراً أن حياته كلَّها أيامٌ قليلة، وأنّ الدنيا دارُ ممرٍّ لا دارُ مقرّ، وهذه هي التربيةُ النبوية التي غرسها رسول الله ﷺ حين قال: (كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابرُ سبيل).

أيها الإخوة والأخوات في الله: كما أن الدخولَ في الإسلام يجبُّ ما قبله، وينقلُ الإنسانَ من الظلمة إلى النور، فكذلك الحجُّ يجبُّ ما قبله، يفتح صفحةً جديدةً في حياة المسلم، ويطوي صفحاتِ الماضي بكلّ ما فيها، قال ﷺ: (من حجّ، فلم يرفث، ولم يفسق، رجعَ كيومِ ولدته أمُّه).

يرجع الحاجُّ طاهراً، نقيًّاً، قد غُفرت ذنوبه، وزالت آثامه، وتطهّرت صحيفته. وكذلك من صامَ يومَ عرفة، يُغفر له ما مضى من عامٍ وما أتى. إنها أيامٌ عظيمة، فُتحت فيها أبوابُ الرحمة، ومُدّت جسورُ العودة، فطوبى لمن أقبلَ على الله عز وجل وهو يقول: (تائبون، آيبون، لربنا حامدون).

عباد الله: التوبةُ لا تعني فقط الإقلاعَ عن الذنب، بل قد تكونُ ارتقاءً من عملٍ صالحٍ إلى ما هو أصلح، ومن خُلُقٍ حسنٍ إلى خُلُقٍ أحسن، ومن درجةٍ من الإيمان إلى ما هو أعلى وأزكى. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) يُحبهم لأنهم لا يرضون عن حالهم، بل يجتهدون في التغيير إلى الأفضل، يزيدون في قربهم، ويثبتون في طاعتهم، ويتقدمون في فقههم وورعهم عاماً بعد عام.

يا من قصدتَ بيتَ الله الحرام: اجعل حجك بدايةَ عهدٍ جديد، وانطلاقةً صادقة، وبشارةَ خير، وإشراقةَ فجرٍ جديد في حياتك، تقبل الله منك حجك، ورفع به درجتك، وأعاد علينا وعليك هذه الأيام المباركة أعواماً عديدة، وأزمنةً مديدة، والأمة الإسلامية في عزّةٍ وكرامة، ونصرٍ وتمكين، وسؤددٍ ورفعة، إنّه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

أيُّها المسلمون: وبهذه المناسبة العظيمة، مناسبة الحج، ومع اجتماع قلوب المؤمنين على طاعة الله، يحسن بنا أن نُعَبِّرَ عن شكرنا وامتناننا لكل من كان سببًا في تيسير هذا الركن العظيم من أركان الإسلام. وانطلاقًا من قول النبيِّ المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ)، فإننا نتقدَّم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى قيادتنا الرشيدة، ممثلةً في جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة، وسموِّ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظهما الله ورعاهما، على ما يولونه من عنايةٍ كريمة ودعمٍ متواصل لبعثة الحج البحرينية، وحرصٍ صادق على راحة حجاجنا الكرام من المواطنين والمقيمين، وتوفير أفضل الخدمات التي تُعينهم على أداء مناسكهم في يسرٍ وطمأنينة.

كما أننا نحمد الله تعالى ونشكره على نعمه العظيمة، ومنها أن شرَّف بلاد الحرمين الشريفين بخدمة الحرمين، وجعلها في أيدٍ أمينةٍ مخلصة، تبذل الغالي والنفيس في سبيل رعاية مصالح المسلمين، والحرص على أمنهم وسلامتهم، وخدمتهم بما يليق بمكانتهم وضيوف بيت الله الحرام.ومن هذا المنبر، نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، وإلى حكومتهما الرشيدة، على ما يقدمونه من جهود مباركة، وتسهيلات متواصلة، تعكس عناية المملكة العربية السعودية واهتمامها الكبيرين بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.

وقد شهد العالم بأسره ـ كما في كل عام ـ تطوراً ملحوظًاً في الخدمات، وتنظيماً محكماً، وتيسيراً واسعاً، كان له بالغ الأثر في تمكين الحجاج من أداء مناسكهم في طمأنينةٍ وراحةٍ وأجواءٍ روحانيةٍ إيمانية، سائلين الله أن يُجزل المثوبة للقائمين على هذا العمل المبارك، وأن يُديم على بلاد الحرمين نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام… اللهم اجعلنا من الشاكرين لأنعُمك، المعترفين بفضلك، المهتدين بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم، المتبعين لسنته، المعلّقين قلوبهم برحمتك يا أرحم الراحمين

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمد الشاكرين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنبياء والمرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: إن من أعظم ما يحرص عليه المسلم بعد أدائه للعبادات والطاعات، أن يُقبَل عمله عند الله عز وجل، وأن يرى آثار هذا القَبول في نفسه وسلوكه وحاله. ومن أبرز علامات قَبول العمل الصالح، والحج المبرور، انشراح الصدر، وسرور القلب، ونور الوجه، واستمرار العبد في طاعة ربه ومداومته عليها. فإن الحسنة، يا عباد الله، تجرّ الحسنة، والطاعة تفتح باب الطاعات. وقد صحّ عن رسول الله ﷺ أنه قال: (إِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) فالمداومة على الطاعة دليل الإخلاص وبرهان الصدق، وعلامة القبول.

أيها الأحبة في الله: للمداومة على الطاعات آثار عظيمة، ومنافع كثيرة، منها:

أنها تُورِث اتصال القلب بالله، وتعويد النفس على طاعته. وهي سبب لمحبة الله وولايته، كما جاء في الحديث القدسي: (وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه).

ومن آثار الطاعات كذلك: النجاة في الشدائد، قال ﷺ: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة). ومن آثارها: مغفرة الذنوب والسيئات، ففي الحديث: الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا) ومن أعظم ثمار المداومة على الطاعات: حسن الخاتمة، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).

أيها المؤمنون: قد يتساءل سائل: ما السبيل إلى الثبات على الطاعة؟ وما العوامل التي تُعين على المداومة في العمل الصالح؟ فنقول، وبالله التوفيق: أولاً: العزيمة الصادقة والإرادة الجادّة، فالله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).

ثانياً: الاعتدال في العبادة، فلا إفراط ولا تفريط، قال النبي ﷺ: (عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وكان أحب العمل إلى رسول الله ما داوم عليه صاحبه) ثالثاً: مرافقة الصالحين ومجالسة الأخيار، فإنهم يذكرون الغافل، وينبهون الناسي، قال رسول الله ﷺ:(المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)

رابعاً: محاسبة النفس ومراجعتها، ومعرفة تقصيرها في جنب الله، فالرقابة الذاتية سرّ النجاح في الاستقامة. خامساً: قراءة سير السلف الصالح، من الصحابة والتابعين، والاقتداء بثباتهم وجِدّهم في العبادة، فهي مِصباح للسائرين، وزاد للمجتهدين.

أيها المسلمون: لقد أنزل الله سورة النصر على نبيه ﷺ في ختام حياته، وفيها توجيه رباني عظيم، قال الله تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).

قال أهل العلم: شرع الله الاستغفار بعد نهاية كل عمل؛ لأن العبد قد يُقصّر من حيث لا يشعر، فيكون الاستغفار جابراً لهذا النقص، ومتمّماً لما قد فات.

فاسألوا الله القبول والثبات، وأكثروا من الاستغفار بعد الطاعات.

اللهم تقبّل أعمالنا، واكتب لنا القبول والرضا، وزكِّ نفوسنا وطهّرها من الغِلّ والحسد والنفاق وسوء الأخلاق، اللهم اجعلنا ممن يُحبّك ويُحب طاعتك، وأعنّا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك. اللهم حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم تقبل من الحجاج حجهم، اللهم اجعل حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً، وعملهم متقبّلاً، يا أرحم الراحمين.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَانْصُرِ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ كَلِمَتَكَ هِيَ العُلْيَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي وَطَنِنَا، وفي خليجنا، واجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً، وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، اللهم وَوَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا، َوَفِّقْ مَلِكَنَا حَمَدَ بْنَ عِيسَى، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رَئِيسَ وُزَرَائِهِ سَلْمَانَ بْنَ حَمَد، وَفِّقْهُم لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَهَيِّئْ لَهُمُ البِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ.. اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا، وَبِلَادَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَخَلِيجَنَا وبلاد المسلمين بِشَرٍّ وَسُوءٍ وَفِتْنَةٍ، فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَأَدِرْ دَائِرَةَ السُّوءِ عَلَيْهِ، يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ.

اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الحُرُوبَ وَالبَلَاءَ وَالغَلَاءَ وَالفِتَنَ وَالمِحَنَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاجْعَلْ دِيَارَنَا دِيَارَ أَمْنٍ وَسَلَامٍ وَوِئَامٍ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى، وَاحْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا، وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا، وَمِنْ فَوْقِنَا، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم كن لهم في فلسطين وغزة الجريحة نصيراً، اللهم فرّج كربهم، وآمن روعهم، واشفِ جرحاهم، وتقبّل شهداءهم، وارزقهم الصبر والثبات والتمكين. اللهم إنهم مظلومون فانتصر لهم، وإنهم مستضعفون فكن لهم، وإنهم جياع فاشبعهم، وعراة فاكسهم، وخائفون فآمِنهم، ومحاصرون ففكّ الحصار عنهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم من أراد بأهل غزة خيراً فوفّقه لكل خير، ومن أراد بهم سوءاً فاجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره يا سميع الدعاء.. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)