خطبة الجمعة.. التوجيهات النبوية لعلاج مشكلة الفقر

التوجيهات النبوية لعلاج مشكلة الفقر

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

28 صفر 1447هـ – 22 أغسطس 2025 م

 

الحمد لله الغني الكريم، الرزاق الحكيم، الذي بسط لعباده الأرزاق، وكتب لهم أقواتهم، وقسم بينهم أرزاقهم بحكمة وعدل ورحمة، نحمده سبحانه على نعمه الظاهرة والباطنة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالإنفاق، ووعد بالخلف، وجعل الصدقة برهانا، والزكاة طهرة ونماء، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، بعثه الله هاديا ومعلما، ودالا على كل خير، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

معاشر المسلمين: إن من أخطر التحديات التي عانت منها الإنسانية عبر العصور: آفة الفقر، التي تضعف المجتمعات، وتهدد الأمن والسلم، بل قد تمتد آثارها إلى العقائد والأخلاق. وما زالت اليوم تهدد حياة الملايين من المسلمين في شتى بقاع الأرض. ولما عجزت كثير من الجهود البشرية عن تقديم الحلول الكافية، جاء المنهج النبوي الرباني برؤية متكاملة وواقعية، تعالج هذه الأزمة وتفتح أبواب الأمل أمام المجتمعات.

عباد الله: إن الإسلام لا يدعو إلى الفقر ولا يرضى به، بل يدعو إلى العمل والسعي، والتكافل والتعاون، وإقامة العدل في توزيع الخيرات. وقد استعاذ النبي ﷺ من الفقر كما استعاذ من الكفر، لما بينهما من صلة خطيرة؛ فالفقر قد يجر إلى الذل والجريمة. كما استعاذ ﷺ من ثقل الدين لما فيه من هم وذل، إذ قال ﷺ: (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخلَفَ).

أيها الإخوة والأخوات في الله: لم يجعل النبي ﷺ علاج الفقر مجرد دعاء ترفع به الأيدي، وإنما قرن الدعاء بالعمل، ووصل بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب. فقد علم الأمة أن الفقر لا يقاوم بالأماني ولا بالكسل، وإنما يدفع بالعمل الشريف والسعي الجاد. قال ﷺ: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ). وقد جسد النبي ﷺ هذا المبدأ في حياته قبل أن يدعو إليه، فكان راعيا للغنم في صباه، لا يأنف من مهنة متواضعة، بل يفتخر بأنه عمل وكسب من عرق جبينه. ولم يكن هو وحده؛ فهذا نبي الله داود عليه السلام مع جلالة قدره وعلو منزلته، كان يأكل من كسب يده وهو يصنع الدروع، كما قال تعالى: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ).وفي هذا درس بليغ: أن المهن اليدوية، وإن رآها بعض الناس بسيطة، هي أساس العزة والاستغناء. ولذلك قال النبي ﷺ: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ؛ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ). فالمجتمع الذي يعتمد أفراده على عرق جباههم أكرم وأقوى من مجتمع يتكفف الناس بعضهم بعضاً. غير أن واقعنا اليوم يشهد – وللأسف – عزوفاً من كثير من شبابنا عن المهن الحرفية، وتعلقاً بالوظائف المريحة أو الكسب السريع، مع أن الإسلام رفع شأن كل عمل شريف صغيراً كان أو كبيراً. فالأمم لا تبنى بالشعارات، بل بسواعد أبنائها، ولا تنهض بالاستهلاك والاعتماد على غيرها، بل بالإنتاج والاجتهاد. وقد رأينا كيف نهضت بعض الشعوب من ركام الحروب حين أعادت الاعتبار للمهن والصناعات، فصارت في مصاف الدول المتقدمة.

فلنعِد الاعتبار للمهن الحرفية والأعمال اليدوية، ولنجعل للتدريب فرصاً أوسع تشمل الشباب والفتيات: تدريباً مهنياً، وحرفياً، وتقنياً، وزراعياً، وصناعياً، وحتى في مجالات التجارة والإدارة وريادة الأعمال. مع توفير حوافز ودعم وتمويل مناسب، حتى يتحول الشباب من عاطلين إلى منتجين، وتغدو الأسر المحتاجة مكتفية، وينهض المجتمع بطاقاته ليكون متكافلا، كريما، يعيش أفراده في سعة واطمئنان..

عباد الله: ومن أنجع الحلول التي جاء بها الإسلام لمشكلة الفقر: الزكاة الواجبة، ذلك الركن العظيم من أركان الدين، الذي فرضه الله تعالى في أموال الأغنياء، رحمة بالفقراء، وتطهيرا للأموال والأنفس. فهي ليست إحساناً عابراً، ولا فضلاً من الغني على الفقير، وإنما هي حق مفروض، وركن من أركان الإسلام الخمسة، لا يقوم الدين إلا به. قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

وبين النبي ﷺ هذا المعنى بوضوح حين بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن فقال له: (فأعلِمْهُم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم). فهي نظام إلهي محكم، يضمن دوران المال في المجتمع، فلا يتكدس عند فئة، ولا يحرم منه آخرون.. ولو أن المسلمين أدوا هذه الفريضة كما أمر الله عز وجل، ووجهت الزكاة إلى مصارفها الشرعية الثمانية التي نص عليها القرآن، لانتفى الفقر من مجتمعاتهم، ولما رأينا محتاجاً يمد يده، أو يتيماً يضيع حقه، أو أرملة تشكو العوز. ولكن – وللأسف – كم من أموال الزكاة تهدر، أو تصرف في غير مواضعها! وكم من أغنياء غفلوا عن هذه الفريضة أو قصروا في أدائها! فكانت النتيجة أن بقي الفقر شاخصاً بين المسلمين، رغم وفرة الموارد وكثرة الأموال.

أيها المؤمنون: ومن جملة المعالجات النبوية الحكيمة لمعضلة الفقر: نظام الوقف الخيري، وهو من أعظم التشريعات التي خلدها الإسلام لمداومة الخير واستمرار النفع. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أوقف بعض أراضيه صدقة جارية على الفقراء والمساكين، لتكون مورداً دائماً يسد حاجتهم، ويضمن لهم كرامة العيش.

 والوقف في جوهره يقوم على مبدأ عظيم، وهو: حبس الأصل وتسبيل المنفعة، بحيث يبقى المال أو الأرض أو العقار ثابتا لا يباع ولا يوهب، وإنما تصرف ثماره وغلاته في وجوه البر وأبواب الخير.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله لصاحبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استشاره في التصدق بأرض له: (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها). فكان هذا التوجيه أصلا لمؤسسة اقتصادية واجتماعية باقية الأثر، تسهم في محاربة الفقر عبر الأجيال، وتوفر مصدراً مستداماً للرعاية والعطاء.

أيها المسلمون: إن عظمة الوقف لا تكمن في كونه صدقة عابرة، بل في كونه استثماراً مستمراً للخير، يمد يد العون للفقراء والأيتام والمساكين، ويغطي نفقات التعليم والصحة، ويمول المشاريع الصغيرة، ويعزز التكافل الاجتماعي، فيبقى نهر عطائه جارياً ما دامت منفعته قائمة، حتى بعد وفاة الواقف.

وفي عصرنا الحاضر نحن أحوج ما نكون إلى إحياء هذه السنة المباركة عبر أوقاف عصرية تخدم حاجات المجتمع، كدعم الطلبة المحتاجين، وتزويج الشباب، وبناء المساكن للفقراء، وعلاج المرضى، وتوفير فرص عمل للعاطلين ودعم المشاريع الصغيرة للأسر المتعففة.

وهكذا يصبح الوقف وسيلة مستدامة، تمتد ثمارها جيلاً بعد جيل، بدلاً من أن تقف عند حدود المساعدات المؤقتة.

أيها المسلمون: ومن أعظم ما عالج به الإسلام مشكلة الفقر: التكافل الاجتماعي، فهو دواء ناجع يبعث الطمأنينة في القلوب، ويقوي أواصر المحبة بين الناس.

 وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قدوة في ذلك، إذ كان يشارك الفقراء طعامه، ويحث أصحابه على مؤازرتهم، حتى قال: (مَن كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومَن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس). فكان صلى الله عليه وسلم يربي الأمة على مشاركة الخير وتوسيع دائرة الرحمة.

ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى إحياء هذا المبدأ العظيم في مجتمعاتنا وذلك من خلال مبادرات عملية، كإنشاء صناديق دعم للأسر المتعففة ورعاية الأيتام، وتوجيه الزكوات والصدقات إلى مصارفها الشرعية، فضلاً عن تشجيع الأعمال التطوعية التي تجمع بين أفراد المجتمع وتبني جسور الألفة بينهم.

إن وجود الفقر في بعض مجتمعاتنا ليس سببه قلة الموارد، بل هو نتيجة ضعف في التكافل وسوء في التوزيع. ولو أنَّ كلَّ قادرٍ بَذَلَ من فضلِه، ومدَّ يدَ العونِ لإخوانِه، وأحسَّ الغنيُّ بحاجةِ قريبه وجارِه وابنِ وطنِه، لانحسرتْ مظاهرُ الفقرِ من بيوتِ المسلمين، وسادَت بينهم روحُ المودَّةِ والتكافل. وقد رسم القرآن الكريم هذا الطريق المبارك فقال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقتُم مِّنْ خَيرٍ فَلِلْوَالِدَينِ وَالأَقرَبِينَ وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفعَلُوا مِنْ خَيرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ). فالحل بين أيدينا: إحياء روح التكافل والتراحم، بتعاون الأفراد، ومبادرات المؤسسات، ورعاية الدولة لهذا الواجب العظيم، حتى يكون المجتمع المسلم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

فاللَّهُمَّ اغنِ فقرَاءَ المسلمين من فضلك، واكفِهم بحلالِك عن حرامِك، وبطاعتِك عن معصيتِك، وبارِك في أموالِ المحسِنين والمُساهِمين في تفريجِ كُرُباتِ عبادِك، واجعل ذلك في موازينِ حسناتِهم، يا واسعَ العطاء، يا غنيَّ يا حميد.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الغني الكريم، الذي وعد عباده بالاستخلاف في الأرض إن أقاموا العدل وأدوا الحقوق، وجعل في التكافل والإحسان علاجاً ناجعاً لمشكلة الفقر، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: إن من أعظم ما تحتاج إليه أمتنا اليوم أن تحيي التوجيهات النبوية في واقعها، فالإسلام لم يجعل الفقر قدرًا محتومًا، بل دعا إلى العمل والسعي، وربط الكرامة بالجد والاجتهاد. فمن كان قادرًا على الكسب فالواجب عليه أن يسعى ويعمل ليعف نفسه وأهله عن المسألة، ومن بيدهم الأموال من تجار وموسرين ومؤسسات، فعليهم أن يفتحوا أبواب الرزق للشباب، ويوفروا لهم الوظائف والمشاريع التي تحفظ الكرامة وتغني عن الحاجة.

وقد جعل الله تعالى في أموال الأغنياء حقًا للفقراء، قال سبحانه: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). فالزكاة ليست منة ولا فضلًا، بل هي حق واجب، وهي الركيزة الأولى لعلاج الفقر. فإذا أديت كما أمر الله ورسوله، وأحسن توزيعها، لانتهت كثير من مظاهر الحاجة. ثم تأتي الصدقات والتبرعات، لتكون بابًا واسعًا للرحمة والإحسان، وهي زيادة في الخير والبركة.

ومن الحلول العظيمة المستدامة التي أوصى بها النبي ﷺ وأحياها الخلفاء الراشدون: الوقف الخيري، فهو صدقة جارية تنقذ أجيالًا متعاقبة، ولا تقف عند حدود فرد أو وقت معين. فينبغي أن تفعل مشاريع الأوقاف التنموية والإنتاجية، في مجالات التعليم والصحة والدعم الأسري، حتى تتحول إلى رافد ثابت يعالج جذور الفقر لا أعراضه فقط.

وفي هذا المقام يحقُّ لنا أن نرفع أسمى آيات الشكر والامتنان إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، الرئيس الفخري للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، على ما يوليه من رعاية أبوية واهتمام كريم بالأيتام والأرامل وأصحاب الحاجات، حتى غدت هذه المؤسسة المباركة مثالاً مضيئاً للعطاء الإنساني والعمل الخيري المؤسسي. ويزداد هذا العطاء تألقاً بما أرساه جلالته من مبادرات خيّرة، في طليعتها وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري، الذي يُجسّد رؤية حكيمة في رعاية العلم ودعم الطلبة المحتاجين، ليبقى أثره صدقةً جارية، ونوراً متدفقاً عبر الأجيال. والشكر موصول أيضاً لحكومتنا الرشيدة، وإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية، والجمعيات واللجان الخيرية والإسلامية، والصناديق والمبرات وسائر المؤسسات الاجتماعية، على ما يبذلونه من جهود مشكورة ومبادرات مباركة في خدمة الفقراء ورعاية المحتاجين في البلاد فجزاهم الله خير الجزاء، وأجزل لهم الثواب والعطاء. غير أنّ التحديات جسيمة، والحاجات متزايدة، مما يستوجب مزيداً من البذل والعطاء وتكاتف الجهود الرسمية والأهلية، حتى لا يبقى في مجتمعنا فقير جائع، أو يتيم محروم، أو أرملة بلا عائل، أو شاب عاطل بلا سند. وهنا يبرز دور هيئة تمكين في دعم الشباب وتأهيل العاطلين لميادين العمل، فتحقق بذلك التكافل الذي أمر الله به، وترسم للوطن صورة مشرّفة في التضامن والرحمة.

أيها الإخوة والأخوات في الله: لنقف وقفة صدق مع أنفسنا، ونسألها بضمير حي: هل تفقدنا أبناء وطننا المحتاجين؟ هل مددنا يد العون إلى جيراننا الفقراء؟ هل خصص أحدنا من ماله نصيبًا ثابتًا يفرج به كربة معسر، أو يدخل به السرور على يتيم أو أرملة أو ضعيف أو عاطل لا يجد ما يسد به حاجته؟

إن الأمة لا تنهض وفيها جائع يبيت على الطوى، أو محتاج يئن تحت ثقل الحرمان. وقد حذر النبي ﷺ من الغفلة عن الجار الجائع فقال: «ما آمَنَ بي مَن باتَ شَبعانَ، وجارُه جائعٌ إلى جَنبِه وهو يَعلَمُ به». فالإيمان ليس أقوالًا تردد، ولا شعارات ترفع، وإنما هو رحمة صادقة، وعمل نافع، وتفقد للمحتاجين، وسعي في قضاء حوائجهم. فلنجعل من علمنا وعملنا، ومن عدلنا وتكافلنا، سبيلًا لمعالجة الفقر، ولنَبْنِ معًا مجتمعًا متراحمًا متكافلًا، لا يضيع فيه ضعيف، ولا يهمل فيه محتاج، ولا يترك فيه ابن وطن يطلب العون فلا يجده. فبهذا نرضي ربنا ونحفظ لحمتنا، وننهض بأمتنا.

اللهم يا واسع الفضل، ويا باسط الرزق، ابسط علينا من بركاتك، وارزقنا رزقًا طيبًا واسعًا مباركًا، يغنينا عن سؤال الناس.

اللهم ارزقنا عملاً صالحًا يكفينا عن ذل الحاجة، وأغننا من فضلك، واجعل لنا من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجاً.

اللهم إنا نسألك برحمتك الواسعة أن توفق شبابنا للعمل الشريف النافع، وأن تفتح لهم أبواب الرزق الحلال، وأن تهيئ لهم فرصًا للعمل تحفظ كرامتهم وتكفيهم عن ذل السؤال.

اللهم بارك في أموال أغنيائنا ومؤسساتنا، وألهمهم السخاء والعطاء، واجعلهم سندًا للضعفاء والفقراء والمساكين، وانشر بيننا روح التكافل والرحمة، حتى لا يبقى في مجتمعنا جائع ولا محروم ولا محتاج.

اللهم اجعل أموالنا عونًا لنا على طاعتك، ولا تجعلها وبالًا علينا في معصيتك يا سميع الدعاء.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاء رخاء، وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان، اللهم كن لهم في فلسطين وغزة الجريحة ناصرًا ومؤيدًا ومعينًا. اللهم فرج كربهم، وآمن روعهم، واشف جرحاهم، وتقبل شهداءهم، وارزقهم الصبر والثبات والتمكين. اللهم إنهم مظلومون فانتصِر لهم، وإنهم مستضعفون فكن لهم، وإنهم جياع فأشبعهم، وعراة فاكسهم، وخائفون فآمنهم، ومحاصرون ففك الحصار عنهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم احفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك، وأكْلِه برعايتك وعنايتك، واجعله في حِرْزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستُر عيوبنا، ونفِّس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم والدينا وذوي الحقوق علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.