غزة والثبات وفي وجه الحصار
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
7 صفر 1447 هـ – 1 أغسطس 2025 م
الحمد لله القوي المتين، العزيز في نصره، الحكيم في أمره، الرحيم بعباده المؤمنين،
نحمده على كل حال، ونشكره في السراء والضراء، ونستعينه حين تشتد الكربات وتدلهم الخطوب، نحمده حمد الصابرين المحتسبين، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، كتب النصر لعباده الصادقين، وجعل العاقبة للمتقين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صبر على الأذى، واحتمل الحصار والبلاء، وأُوذِيَ في اللهِ ما لم يُؤذَ نبيٌّ قبلَه، حتى خرج من شعب أبي طالب منهكاً، لكنه شامخ بالإيمان، ثابت على الحق، مؤيد بوعد الله ونصره.اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وباركْ عليه، وعلى آلِهِ الطيّبين، وصحابتِهِ الصابرين، ومَن سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدِّين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: في العام السابع من البعثة، كانت دعوة النبي ﷺ تزداد عظمة وانتشاراً يوماً بعد يوم، حتى ارتفعت راية التوحيد عالياً، وانتقل المسلمون من مرحلة الكتمان والخفاء، إلى مرحلة الجهر بالعقيدة والاستعلاء بالإيمان. ومنذ ذاك الحين فقدت قريش صوابها وارتجت أركانها واضطربت صفوفها، واشتعلت نار الحقد في صدورهم، خاصة بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، إذ انقلبت موازين القوة، وبدأ المشركون يعيدون حساباتهم تجاه تلك الفئة التي كانوا يعدّونها بالأمس ضعيفة، عندها أجمعت قريش أمرها على قتل النبي ﷺ، وبلغ الخبر عمه أبا طالب، فهب مسرعاً، وجمع بني هاشم مؤمنهم وكافرهم، وأخبرهم بمخططات قريش الآثمة، فتحركت فيهم نخوة الدم والقرابة، وقرروا حماية النبي ﷺ والانحياز به إلى موضع يُسمّى (شعب أبي طالب) بمكة. ولم يقتصر الأمر على بني هاشم، بل شاركهم في ذلك بنو المطلب بن عبد مناف، حمية ومروءة…رأت قريش هذا التماسك، وفهمت أن يداً تمتد إلى محمد ﷺ لن تُرفع إلا على جثث الرجال، فأرادت أن تكسر هذا الحصن بالصبر الطويل والحصار الشامل. فاجتمع سادات قريش في (خيف بني كنانة) – وهو اليوم موضع المعابدة – وكتبوا وثيقة جائرة تقضي بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب مقاطعة تامة: لا بيع، لا شراء، لا زواج، لا حديث، ولا مخالطة، حتى يُسلموا إليهم رسول الله ﷺ. وعلّقوا تلك الصحيفة الظالمة داخل الكعبة تأكيداً على تنفيذ بنودها، وكان كاتبها منصور بن عكرمة العبدري، فدعا عليه النبي ﷺ، فشلت أصابعه… بدأ الحصار يطبق على الشعب بإحكام، فكان المشركون يشترون الطعام بأضعاف ثمنه ليمنعوا وصوله إلى المحصورين، فانقطعت الموارد، وقل الزاد، واشتد الجوع، حتى بلغ بالناس من الضيق والعوز مبلغاً لا يطاق.ومع اشتداد الأزمة، برزت مواقف عظيمة في الشجاعة والثبات، ومن أبرزها موقف أبي طالب، عم النبي ﷺ، الذي سهر الليالي حارساً، يحمل سلاحه، ويدور في الشعب يحرس ابن أخيه، وكان ينام بالنهار، ويأمر حمزة والعباس أن يرصدا مداخل الشعب تحسباً لأي غدر أو محاولة اغتيال.
بلغ من خوفه على النبي ﷺ أن كان يبدل فراشه كل ليلة، فيأمر أحد أبنائه أن ينام مكانه بينما يُنقل النبي ﷺ إلى موضع آخر، حماية له من يد الغدر.
مرت الشهور ثقيلة على أهل الشعب، فالجوع بلغ حدًّا مؤلماً، والحركة خفت، والكلام قل، وكان يُسمع من وراء الشعب بكاء الأطفال والنساء من شدة الجوع،
حتى اضطروا إلى أكل أوراق الشجر والجلود اليابسة، ومن شدة المأساة ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حيث قال: خرجت ذات يوم ونحن في الشعب لأقضي حاجتي، فسمعت صوتاً تحت البول، فإذا هي قطعة من جلد بعير يابسة،
فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها، ثم رضضتها وسففتها بالماء، فتقويت بها ثلاث ليالٍ)
ورغم القسوة، لم تغب المروءة عن بعض مشركي قريش، الذين حرّكتهم أرحامهم،
فراحوا يدخلون بعض الطعام سراً إلى الشعب، كحال هشام بن عمرو العامري،
الذي كان يحمّل بعيره بالطعام والثياب، ويقوده ليلاً حتى يقف به عند رأس الشعب، ثم يطلق البعير وحده ليدخل. وكذلك حكيم بن حزام، الذي كان يرسل الطعام سراً إلى عمته خديجة رضي الله عنها، حتى رآه أبو جهل ذات مرة، فمنعه وهدده، فتدخل أبو البختري بن هشام، ونشبت بينه وبين أبي جهل مشادة، انتهت بأن رض رأس أبي جهل بحجر حتى سال دمه، بينما واصل حكيم طريقه إلى عمته خديجة بالطعام.
تلك المواقف القليلة من الإغاثة لم تكن تكفي، فالمجاعة كانت طاحنة، والحصار خانقًا، والمشهد مؤلمًا، لكن الثبات على المبدأ، والتضحية في سبيل الدعوة، والصبر على البلاء، كانت دروسًا خالدة في تاريخ الإسلام، سطّرها النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم، بدموعهم، وجوعهم، وثباتهم، ليبقى الشِّعْب شاهدًا على ملحمة من الصبر والفداء لا تُنسى... أيها المؤمنون: لقد نزل البلاء بأهل الإيمان وهم في شِعْب أبي طالب نزولًا شديدًا، واشتد عليهم الكرب والجهد، وضُيِّق عليهم في المطاعم والمشارب، وامتحنوا في أنفسهم وأموالهم وأولادهم. ومع ذلك، فما كان هذا البلاء شرًّا محضًا، بل حمل في طياته من الخيرات ما يعجز العقل البشري عن إدراكه؛ ففيه رفعة للدرجات، وتكفير للسيئات، وامتحان لصبر المؤمنين وثباتهم، كما أنه كان من أعظم المحطات الإعلامية التي لفتت أنظار العرب أجمعين.
لقد كانت تلك المقاطعة الظالمة، وذلك الحصار القاسي، سببًا في انتشار خبر النبي ﷺ ودعوته لهذا الدين الجديد، فقد تسامعت العرب بأنباء ما يجري في مكة، وبدأوا يتساءلون عن دعوة الإسلام التي جعلت قريشًا تفقد رشدها ووقارها، وتتحول إلى هذه الصورة المتطرفة من الظلم والقسوة. فتلهف الناس خارج مكة لمعرفة حقيقة هذا النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك من أسباب خروج الدعوة من نطاقها المكي إلى آفاق الجزيرة كلها، تمهيدًا لعالميتها.
عباد الله: مضت ثلاث سنوات كاملة، وأهل الإيمان في الشِّعب صابرون محتسبون، يتقلبون في ليل البلاء ونهاره، ويتعلقون بأمل الفرج من عند الله، حتى انشقت السماء بخبر عجيب، إذ نزل جبريل بالوحي على قلب خير الورى ﷺ، يخبره أن الله عز وجل قد سلط دويبة صغيرة – الأرضة – على تلك الصحيفة الظالمة، فأكلت ما فيها من ظلم وقطيعة، ولم تُبق إلا اسم الله.
فأسرع النبي ﷺ إلى عمه أبي طالب، فأخبره بما أوحى الله إليه، فحمل أبو طالب الخبر إلى قريش، وقال لهم متحديًا: (إن كان ما يقول ابن أخي حقًّا، فانتهوا عن مقاطعتنا، وإن يكُ كاذبًا دفعتُه إليكم). فقبلت قريش التحدي، ومضوا إلى جوف الكعبة، فإذا الصحيفة كما وصفها النبي ﷺ: قد أكلتها الأرضة إلا ما كان فيها من ذكر اسم الله. لكن الاستكبار أعمى البصائر، والعناد طمس الضمائر، فأبوا إلا أن يستمروا في ظلمهم وجورهم. ثم شاء الله أن يتحرك في قلوب بعض رجال قريش ما بقي من نخوة وشهامة، فاجتمع نفر منهم في الليل سرًّا، وتلاوموا على الظلم القاسي الذي ألحقوه ببني هاشم، وأيقظتهم وشائج الرحم التي طال هجرها، فقرروا نقض الصحيفة الظالمة، وإنهاء هذا الحصار الخانق. وفي صباح اليوم التالي، مزقوا الصحيفة، وأعلنوا إنهاء المقاطعة، وخرج بنو هاشم وبنو عبد المطلب من الشِّعب بعد ثلاث سنوات من الشدة والضيق… وفي السنة العاشرة من البعثة خرج النبي ﷺ من الشِّعب ومعه أصحابه رضي الله عنهم وهم أصلب عودًا، وأشد عزيمة، وأقوى ثباتًا على هذا الدين.
وهكذا تفعل المحن بالأمم، فإنها تصنع الرجال، وتُخرج الأبطال، وتربي في النفوس معاني الصبر واليقين والثبات. (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
أيها المؤمنون: في شِعْب أبي طالب، حوصِر النبي ﷺ وصحبه ثلاث سنين، لا يطعمهم أحد، ولا يُوصَل إليهم زاد، حتى أكلوا ورق الشجر، وسمع الناس صراخ أطفالهم من شدة الجوع، ومع ذلك صبروا واحتسبوا، وثبتوا على الحق، لم يبدلوا ولم يهنوا.. وفي غزة اليوم، تتكرر المحنة، ويُعاد المشهد، يُحاصر أهلها منذ سنين، يُمنعون من الغذاء والدواء، وتهدَّم بيوتهم على رؤوس ساكنيها، ويجوع أطفالهم ونساؤهم.
لكنهم صابرون محتسبون، ثابتون على العهد، لم يساوموا على دينهم، ولم يفرطوا في أرضهم ووطنهم، يسطرون بصمودهم أروع صور الثبات والإيمان. وإنا لعلى يقين بأن من فرج الكرب عن نبيه ﷺ في الشِّعب، سيفرج الكرب عن إخواننا في غزة، فالله أرحم بهم، وأعلم بحالهم، وهو القادر على أن يبدل حالهم من ضيق إلى سعة، ومن حزن إلى فرج:(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
وسيأتي اليوم الذي يخرجون فيه من الحصار مرفوعي الرأس، محفوظي الكرامة، منصورين بعون الله عز وجل وتوفيقه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
اللَّهُمَّ ارْفَعِ الحِصارَ عن إخوانِنا في غَزَّةَ، ولا تُؤاخِذْنا بتَقصيرِنا في نُصْرَتِهم، اللَّهُمَّ فُكَّ كُرْبَتَهم، وعَجِّلْ بفَرَجِهم، وارْزُقْهم مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبون، يا سَميعَ الدُّعاءِ.
نفعني اللهُ وإيَّاكم بالقرآنِ العظيمِ، وبهدْيِ سيِّدِ المرسلينَ، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمد لله الرؤوف الرحيم، ناصر الضعفاء، ومغيث الجوعى والمستغيثين، أمر بالإحسان، وحث على إغاثة الملهوفين، ووعد الأجر الجزيل لمن أطعم جائعاً، وسقى ظمآنًا، وكسا عارياً، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الشكر على نعمه الظاهرة والباطنة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد، فيا أيها المسلمون: في زمن انقلبت فيه موازين العدل، وامتلأت الأرض بالظلم والطغيان، وتبدلت فيه القيم، وتشوهت المبادئ، تتكشف لنا مأساة تفوق الوصف، وتفطر القلوب، وتبكي العيون، وترجف لها الأوصال… إنها مأساة إخواننا في غزة الصابرة المحاصرة، المجوعة الجريحة، غزة هاشم الشهيدة الحية.
نعم عباد الله نشهد اليوم في غزة فصولاً من القهر لا نظير لها، يُمنع فيها الطعام والشراب، وتغلق المعابر، وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، ويغتال الطفل في حضن أمه، وتُستهدف المرأة الضعيفة التي لا حيلة لها، ويُصرع الشيخ الكبير المقعد الذي لم تعد تحمله قدماه، وتُفنى الأسرة بكاملها تحت ركام دارها، ويُدفن الجائع بلا كفن، ويُترك الجريح ينزف بلا دواء، حتى أنك ترى الأطفال هياكل عظمية من شدة الجوع، وإن دخلت المساعدات فهي شحيحة جداً، لا تكفي لسد رمق الجوعى، وكأن العالم قد أصيب بالخرس، وتواطأ على صمت مخزٍ يدينه التاريخ، لا يفسره إلا قسوة القلوب، ووحشية الضمائر.
إن ما يحدث اليوم في غزة، ليس مجرد عدوان عسكري، بل هو حرب مكتملة الأركان على معنى الحياة، على الطفولة البريئة، على إنسانية الإنسان وكرامته! إنها مأساة العصر، ومحنة القلوب الحية، ووصمة عار في جبين البشرية.
يا أمة محمد ﷺ، يا أمة القرآن، يا أمة المليارين من المسلمين: إنها ليست مأساة عابرة، بل هي جريمة متعمدة، يتواطأ فيها الصمت، ويُستخدم فيها الحصار والتجويع سلاحاً فتاكاً، وتُترك فيها غزة وحدها تصارع الموت جوعاً وعطشاً، والعالم يشاهد، والمنظمات تراوغ، والقرارات تُجمّد، والضمائر نائمة في سبات عميق!
فأين الضمير الإنساني؟ أين صرخات الغيرة؟ أين العروبة؟ أين الإيمان؟ أين ذلك الإيمان الذي يجعل المؤمنين كالجسد الواحد؟ قال رسول الله ﷺ: (مَثَلُ المؤمنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَراحُمِهِمْ وتَعاطُفِهِم، كمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى) فهل تداعينا لجراح غزة؟ هل سهرنا لجوع أطفالها؟ هل تألمنا لوجعها؟ أكثر من مليارَي مسلم اليوم عاجزون عن إدخال شربة ماء لعطشان، أو كسرة خبز لجائع، أو دفء لطفل يئن ويرتجف من الخوف تحت الركام!
ألا رحمٰاك، ربنا، رحمٰاك بالمستضعفين والجياع! رحمٰاك بمن لا ناصر لهم إلا أنت، ولا باب لهم سواك، رحمٰاك بمن أنهكهم الجوع وأضناهم القهر وأدمت قلوبهم المآسي!
عباد الله: لقد قرأنا في سيرة نبينا ﷺ عن حصار الشعب، حيث جاع سيد البشر، وسمع الصحابة قرقرة بطنه الشريف، وأكلوا أوراق الشجر، وصبروا واحتسبوا. واليوم يتكرر المشهد بشكل أفظع وأمرّ، لكن في غزة! أطفال يموتون جوعاً، وأمهات تجف دموعهن من شدة العجز، وشيوخ تختنق أنفاسهم تحت وطأة الحصار الظالم! مشهد يهد الجبال، ويبكي الحجارة، ويُعرض أمام أعين العالم لحظة بعد أخرى، وكأن دماء أهل غزة لا تزن شيئاً! لكن، لا تظنوا أن الله غافل عما يجري! كلا والله! قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)، وقال سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ).. أيها المسلمون: إن غزة اليوم تقف شامخة رغم الجراح، صامدة رغم الألم، تُعلّم الأمة دروساً في الثبات والعزة. فإن عجزت الأجساد عن نصرتها، فالدعاء، والكلمة الصادقة، والدعم المالي والإعلامي، ورفع الوعي، وممارسة الساسة الضغط السلمي على الدول الكبرى ومطالبتها بوقف حرب الإبادة، ورفع الحصار عن أهل غزة، كلها وسائل فعالة لا يُستهان بها. فانصروها رحمكم الله بما تستطيعون، لنكون بذلك قد أدينا واجبنا واعتذرنا إلى الله، وكونوا معها قلباً وموقفاً، فالوحدة والتمسك بالدين هما أقوى أسلحتنا، قال ﷺ: (المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدُّ بعضُه بعضاً) اللهم كن مع أهل غزة، وخفف عنهم، وارفع البلاء والحصار عنهم، واجمع كلمتنا، ووحد صفوفنا، واجعلنا صادقين في نصرتهم قولاً وفعلاً. اللهم لا تؤاخذنا على تقصيرنا في نصرة إخواننا في غزة الجريحة، اللهم كن لهم ولياً، ونصيراً ومعيناً وظهيراً. اللهم إنا نشهد ضعفنا، ونقر بتقصيرنا، ولا نملك إلا الدعاء، فاقبله منا، ولا تُحملنا ما لا طاقة لنا به، واجعل ما نعجز عنه من نصرة لهم في موازين نياتنا الصادقة، وانصرهم على البغاة المعتدين الظالمين، يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم والدينا وذوي الحقوق علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)