من حقوق المسلم على أخيه المسلم
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
20 شوال 1446 هـ – 18 أبريل 2025 م
الحمد لله الذي جعل المؤمنين أخوة في الإيمان، وشبههم في دعم بعضهم بعضا وشد بعضهم بعضا وقيام بعضهم ببعض بالبنيان، وشرع لهم من الأسباب ما تقوم به تلك الأخوة وتستمر على مدى الزمان، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والأسماء والصفات والسلطان، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى جميع الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: هناك حقوق وواجبات شرعها الدين، ورفع من شأنها رب العالمين، وأمر بها المسلمين، لكن كثيراً من الناس غفلوا عنها، وتساهل فيها جمعٌ من المسلمين، وأعرض عنها عددٌ كبير من أبناء هذه الأمة. هي حقوق وواجبات ينبغي أن تكون من أبرز صفاتهم وأوضح سلوكياتهم، غير أنها تضيع اليوم بين الناس بسبب خِلَافَاتٍ عَلَى تَعَصُّبَاتٍ مَذْهَبِيَّةٍ، أو طائفية، أَوْ قَبَلِيَّةٍ أَوْ حِزْبِيَّةٍ، أَوْ جِدَالَاتٍ دُنْيَوِيَّةٍ عَقِيمَةٍ، أو مَوَاقِفَ سِيَاسِيَّةٍ بَغِيضَةٍ.
وكثيراً ما تندثر وتختفي وتتلاشى بين الناس، لأجل نزاع تافه على متاع دنيوي زائل، أو شهوة عابرة لا تدوم. الأمر الذي أدى إلى ظهور القطيعة والهجران والخلاف والشقاق وسوء الأخلاق، وامتلأت القلوب بالضغائن والأحقاد، وساءت العلاقات وقامت الحروب وتفشى الظلم وتأججت العداوات بين أفراد المجتمع المسلم. هذه الحقوق والواجبات هي حق المسلم على المسلم وواجبات المسلم تجاه إخوانه المسلمين.
إنها حقوق الأخوة في الله.. هذه الخصلة العظيمة، والمرتبة الشريفة في دين الإسلام والتي قرنها الله سبحانه وتعالى بالإيمان فقال:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وبها امتن على عباده فقال: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ولأهميتها وعظيم أجرها فقد تولى سبحانه وتعالى بنفسه يوم القيامة يوم العرض الأكبر نداء المتحابين فيه ليكرمهم ويجزيهم أعظم الجزاء، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي)
ولها منزلة عظيمة، تطلع للوصول إليها الأنبياء والشهداء والصالحين، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاساً مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) بل جعل سبحانه وتعالى الأخوة وسيلة لاكتساب حلاوة الإيمان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ) وهي طريق المؤمنين وسبيلهم إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)
أيها المؤمنون والمؤمنات: الأخوة ليست شعاراً يردد أو قصة تحكي أو كلام يقال، بل هي دين وعبادة يقوم به المسلم طلباً لمرضاة الله وطمعاً لما عنده من أجر ومثوبة وهي لا تقوم على أساس النسب والقرابة والقبيلة والطائفة والمذهب والبلاد والعشيرة، بل أساسها الدين فالمسلم أخو المسلم في أي بلاد ومكان.. في أي عصر وزمان..
عباد الله: وللأخوة الصادقة حقوق ينبغي على كل مسلم أن يحرص عليها ويقوم بها تجاه إخوانه، وإن أول هذه الحقوق سلامة الصدر فلا يحمل المسلم على أخيه المسلم شحناء ولا بغضاء ولا حسد. يقول الله تعالى وهو يصف عباده وهم يتضرعون إليه (وَالَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ومن حقوق الأخوة القيام بالواجبات الحياتية واليومية والمعاشية تجاه إخوانك المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ) ومن هذه الحقوق حسن الظن بأخيك المسلم وستر عيوبه وتقديم النصح له، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) و قال صلى الله عليه وسلم: يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ) ومن هذه الحقوق زيارة المسلم لأخيه المسلم وتفقد أحواله قال صلى الله عليه و سلم: أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مرصدته ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد ؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية، فقال: هل لك عليه من نعمة تربّها عليه؟ فقال: لا غير أني أحببته في الله تعالى، فقال الملك: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)
أيها المسلمون: ومن حقوق الأخوة تقديم النفع لهم بالمال والجهد وإعانتهم بما تستطيع وقضاء حاجاتهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ) وقال الإمام علي رضي الله عنه: (عشرون درهماً أعطيها أخي في الله، أحبُّ إليَّ من أن أتصدق بمائة درهم) ولقد كان الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أهدي له شيء قال: أخي فلان أحوج مني إليه، فبعث به إليه، فبعثه أخوه إلى آخر فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر، حتى يرجع إلى الأول.
ومن حقوق المسلم على أخيه المسلم أن لا يهجره فوق ثلاثة أيام إذا تخاصما فهذه فسحة من الوقت تكفي لبرود نار الغضب وزوال حمى الخلاف ثم يحرم على كل منهما أن يهجر أخاه بعد هذه المدة ويدخلا جميعاً في حيز الإثم ودائرة المعصية حتى إن أعمالهما لتحبس فلا تعرض على الله سبحانه، لأجل ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (تعرض الأعمال على الله تعالى كل يوم اثنين وخميس فيغفر لكل امرئ لا يشرك بالله شيئـًا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا) واليوم ماذا حل بالناس ؟ لم يعد الهجر والتخاصم ثلاثة أيام أو أسبوع أو شهر، بل سنوات وربما العمر كله فكيف سنلقى الله بمثل هذه الأخلاق وبمثل هذا السلوك؟ ومن هذه الحقوق إيثار المسلم أخاه وتقديم مصلحته على مصالحه لأنه يبتغي بذلك وجه الله عز وجل وانظروا رحمكم الله إلى ذلك الضيف أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت رجل من الأنصار فماذا كان موقفه وزوجته؟ لقد قدما للضيف طعامهما وطعام أولادهما وناما بدون طعام حتى يشبع ضيف رسول الله فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله: (ضحك الله الليلة، أو عجب، من فعالكما فأنزل الله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) ومن هذه الحقوق: الدعاء له بظهر الغيب قال صلى الله عليه وسلم: دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل)
اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وارزقنا صدقَ الأخوةِ فيك، وجنّبنا الفُرقةَ والنزاع، واحفظ علينا مودّتَنا وأخوتَنا يا سميع الدعاء.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ وليِّ الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهِ العالمين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، إمامُ المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: إذا غابت الأُخوّةُ والمحبّةُ من حياة الناس، حلت محلَّها القطيعةُ والهجران، وظهرت الأحقاد، وساد الحسد، وامتلأت القلوبُ بالضغائن، وضاع الإحساسُ بحقوق الآخرين. يقول الله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ، إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ) فتأملوا ـ رحمكم الله ـ في هذا المشهد العظيم: رجلٌ يملك تسعاً وتسعين نعجة، ثم يطلب من أخيه أن يُسلِّمَه نعجته الوحيدة! أي أنانية هذه؟! وأي ظلمٍ أبين من هذا؟!
وما أشبه حال كثير من الناس اليوم بهذا المشهد، لا يتعاملون مع إخوانهم إلا بمنظار المصلحة، ولا يقدّمون إلا ما تمليه عليهم أنفسهم وأهواؤهم. بل الأعظم من ذلك: أن يصل الظلم إلى سفك الدماء المعصومة، وقتل الأرواح البريئة، بغير حق، ولأسباب تافهة لا ترقى إلى أدنى درجات العدالة والإنصاف!
أيها المؤمنون: إن من أعظم الحقوق التي فرضها الله بين عباده المؤمنين: أن يكون المسلم عونًا لأخيه، لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)
وفي زماننا الحاضر، تشتدُّ الحاجة إلى إحياء هذا المعنى العظيم، لا سيما ونحن نرى إخواننا في فلسطين، وفي المسجد الأقصى، وفي غزَّة الجريحة، وسائر بلاد المسلمين، يواجهون الظلم والعدوان، ويقاسون صنوف الحصار والجراح، ويُكابدون ويلات إبادة جماعية ممنهجة تُرتكب بحقِّ شعبٍ أعزل، تُباد فيه الأسر، وتُستهدف فيه المستشفيات والمدارس والمساجد والملاجئ، في مشهدٍ يُجسِّد انهيار الإنسانية وتواطؤ العالم بصمته المهين.
فلا يجوز لنا أن نقف موقف المتفرِّج، أو نُصمَّ آذاننا عن أنين الثكالى واليتامى، أو نُغضَّ أبصارنا عن مشاهد الدمار والخراب.
فإنَّ نصرة المظلوم فريضةٌ شرعيَّة، والسكوت عن الظلم خذلانٌ وإثمٌ عظيم.
ومن أيسرِ وأعظمِ صُوَرِ النُّصرةِ في هذا الزمانِ: الدَّعمُ المادِّيُّ للمنكوبين، والدَّعمُ المعنويُّ بنشرِ قضيَّتِهم، والدعاءُ الصادقُ لهم، وتثبيتُهم بالكلمةِ الطيِّبةِ والموقفِ النبيلِ. فإنَّ ما يُقدِّمُه المسلمُ نصرةً لإخوانِه، هو دليلٌ على صدقِ الإيمانِ، وحرارةِ الأُخوَّةِ، وحياءُ القلبِ الحيِّ من خذلانِ المظلومين. وقد قال النبيُّ ﷺ: (مَن نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامة)
ألا فلنقُم بواجبِ النُّصرةِ بما نستطيع، ولنشعِرْ إخوانَنا أنَّهم في قلوبِنا ودعواتِنا، وأنَّ الأمَّةَ لا تزالُ تنبِضُ بالإيمانِ، وأنَّ الأخوَّةَ في اللهِ لا تُقيِّدُها حدودٌ، ولا تُوقِفُها مسافاتٌ.
اللهمَّ ألِّفْ بين قلوبِنا، ووحِّدْ صفوفَنا، واجمعْ كلمتَنا على الحقِّ، وانصُرِ المستضعَفينَ من عبادِك، واخذلْ من ظلمَهم وتجبَّرَ عليهم، إنك على كلِّ شيءٍ قدير، وبالإجابةِ جدير.
اللهم اجعلنا من الذين يؤدّون الحقوق لأهلها، ويقفون عند حدودك، ويتعاملون مع عبادك بما أمرتَ من الرحمة والعدل والإحسان. اللهم اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، نغيث المحتاج، ونواسي المكروب، ونقف مع المظلوم، وننصر الملهوف، ونعين على نوائب الدهر، ونجبر خواطر عبادك، يا سميع الدعاء.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ..
اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في فلسطين وغزة الجريحة ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم فرّج كربهم، وآمن روعهم، واشفِ جرحاهم، وتقبّل شهداءهم، وارزقهم الصبر والثبات والتمكين. اللهم إنهم مظلومون فانتصر لهم، وإنهم مستضعفون فكن لهم، وإنهم جياع فاشبعهم، وعراة فاكسهم، وخائفون فآمِنهم، ومحاصرون ففكّ الحصار عنهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم من أراد بأهل غزة خيراً فوفّقه لكل خير، ومن أراد بهم سوءاً فاجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره يا سميع الدعاء.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)