لمحات من أنوار الشمائل المحمدية
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
13 ربيع الأول 1447 هـ – 5 سبتمبر 2025 م
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، خير البرية، وأشرف البشرية، أحبّه الله واصطفاه، واختاره واجتباه، وجعله أكثر الأنبياء تبعاً، وأعلاهم قدراً ومقاماً، شرح الله صدره، وغفر له ذنبه، أخشى الخلق لله، وأتقاهم له، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: إنَّ الحديثَ عن العظماءِ له حلاوةٌ وبهاء، غير أنَّ الحديثَ إذا كان عن سيِّدِ الخلقِ وأشرفِ الرسلِ محمَّدٍ ﷺ، فلا يُدانيه حديثٌ في روعته وعظمته وجلاله. إنَّه رسولُ الله ﷺ الذي ملأ حبُّه القلوبَ، وتعلَّقت به الأفئدة، واشتاقت لرؤيته النفوس. بذكره تلين القلوب، وترق الأرواح، وتُحلِّق الآمال بلقاءٍ قريبٍ عند حوضه الشريف، لنرتوي من يده الشريفة شربةً لا نظمأ بعدها أبدًا. فهلمُّوا ـ عباد الله ـ لنقف مع بعض اللمحات من سيرته العطرة، وشمائله الزكية، وصفاته العظيمة، تلك الصفات التي تُجدِّد الإيمان، وتُنمِّي المحبة، وتُثمر الاتباع والاقتداء. نعم عباد الله هو بشرٌ مخلوق، لكن الله تعالى اصطفاه وكمّله وشرَّفه خلقاً وخُلقاً، وجمع له الفضائل كلَّها في أسمى صورة. فهو محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب، الهاشميّ القرشيّ، طاهر النسب، كريم الأصل، مبارك البلد والمنشأ، خيرُ قريش، وسيدُ بني هاشم، وأشرفُ العرب نسباً وأعزُّهم مكانة. أمّا موطنه مكّة، فهي أحبُّ البلاد إلى الله تعالى، ومنها أشرقت أنوار الرسالة. وإذا أردنا أن نطوف بقلوبنا حول صفاته الخَلقية والخُلقية، فحسبنا ما وصفته كتب السّير والشمائل: كان ﷺ عظيم القدر، مهيب الطلعة، من رآه لأول وهلة هابه، ومن عاشره أحبه. كان ربعةً من القوم، لا بالطويل ولا بالقصير، معتدلَ البُنية، متماسكَ الجسد، أزهر اللون مشرق الوجه، بين البياض والسمرة، ذا رأسٍ عظيمٍ وهامةٍ بارزة، شديدَ سواد الشعر، لا هو بالجعد ولا بالسبط، شعره يبلغ أنصاف أذنيه أو إلى عاتقه أحياناً. وكانت لحيته كثيفة سوداء، ولم يبلغ عدد الشعرات البيضاء في رأسه ولحيته عشرين شعرة.
وكان ﷺ رحبَ الكفَّين عريضَ المنكبين، أشعرَ الذراعين وأعالي الصدر، أبيضَ الإبطين، وبين كتفيه خاتمُ النبوّة، كغدّةٍ حمراء عليها شعرات، آيةً شاهدة على صدق رسالته. وكانت عيناه واسعتين شديدتي السواد، أكحل مقرون الحاجبين، واسع الجبهة، إذا غضب أو ابتسم ظهر عرقٌ في جبينه. وكان أنفه مستقيماً فيه ارتفاع يسير مع دقّة أرنبته، ووجهه مشرقاً كالبدر لا عابساً ولا مُكشِّراً، وعنقه أبيض مشرق كأنَّه الفضة.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما رأيت شيئًا أحسن من النبي ﷺ، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت قبله ولا بعده مثله). ولقد عبَّر الشاعر عن ذلك بقوله:
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَينِي
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّأً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
أيُّها المؤمنون والمؤمنات: تلك بعضُ ملامح شخصية النبيِّ الكريم ﷺ في جمالِ خلقه وكمالِ صورته وهيئتِه، أمَّا إذا ارتقينا إلى شمائل نفسه الطاهرة ومكارم أخلاقه الزكية، فقد بلغ القمّة التي لا تُدرك، وارتقى الذُّرى التي لا تُسامى، وكفاه شهادة ربّه جلَّ وعلا إذ قال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وقال هو عن نفسه ﷺ: (أدَّبني ربِّي فأحسن تأديبي).
لقد كان صلى الله عليه وسلم مثالاً كاملاً في كلِّ فضيلة، دائم البِشر، سهل الخلق، قريب الجانب، لا فظًّا ولا غليظًا، ولا صخّابًا في الأسواق، ولا فاحشًا ولا بذيئًا، طويل الصمت، لا ينطق إلا بما فيه حكمة أو نفع، لا يذمُّ أحدًا ولا يعيره، ولا يتتبّع عورات الناس، يعفو ويصفح، ويقابل بالإحسان من أساء إليه، ويخالط الناس بالرحمة واللطف. وإذا غضب فغضبه لله، وإذا رضي فرضاه لله، لا لنفسه ولا لهواه.. أمَّا كرمُه وجودُه فكان فوق الوصف، يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر، أجود بالخير من الريح المرسلة، وأكرمُ الناس نفسًا ويدًا. وكان أعدلَهم في حكمه، وأصدقَهم لهجة، وأوفاهم أمانة؛ فقد لقَّبه قومُه قبل البعثة (بالصادق الأمين). وكان أشجعَ الناس، يثبت عند اشتداد الوطيس، ويتقدّم الصفوف عند احتدام القتال، حتى قال عليٌّ رضي الله عنه: (كُنَّا إذا اشتدَّ البأسُ واحمرّتِ الحدقُ، اتقينا برسول الله ﷺ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه)... وأما حياؤه وأدبه، فكان في غاية التواضع، لا يُطيل النظر في وجه أحد حياءً، وكان نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلُّ نظره الملاحظة والتأمل. يجالس الفقراء، ويعود المساكين، ويُجيب دعوة العبد، ويجلس بين أصحابه كأنه واحدٌ منهم، ويمنعهم من القيام له. تقول عائشة رضي الله عنها: (كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم). فما كان بينه وبين الناس حواجز ولا كبرياء، بل كان أبًا رحيمًا وقائدًا متواضعًا. وكان أوفى الناس بالعهد، وأوصلهم للرحم، وأرحم الخلق بالخلق. قال الله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ). به رحم الله الخلق، ولينه الله لعباده، فقال سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
وأمّا زهده ﷺ في الدنيا، فقد أعرض عنها مع أنها جاءت خاضعة بين يديه، فتحت له البلاد، وأُتِي بالغنائم، وأُفيضت عليه الأموال، ومع ذلك عاش زاهدًا، ينام على الأرض، ويشدّ الحجر على بطنه من الجوع، ولا يبيت عنده دينار ولا درهم. وكان يقول: (ما لي وللدنيا؟ إنما أنا في الدنيا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرة، ثم راح وتركها). وأما عبادته وخشيته لربه، فقد كانت فوق طاقة البشر، يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ويبكي حتى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، ويقال له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول: (أفلا أكون عبدًا شكورًا؟). وكان كثير الاستغفار والتوبة، يقول: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). وقرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه شيئًا من سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)، فقال له النبي ﷺ: (حسبك الآن)، فإذا عيناه الشريفتان تفيضان بالدموع.
عبادَ الله: هذا نبيُّكم ﷺ، وهذه قبساتٌ من نوره، وقطوفٌ من شمائله، ما ذكرناه إلا غيضًا من فيض، وقطرةً من بحر، فما أطيَب الحديثَ عنه، وما أبهى السَّيرَ في رياض أخلاقه، فهو الرحمةُ المهداة، والنعمةُ المسداة، والقدوةُ العظمى، والهادي إلى سواء السبيل.
أيها الأحبة: إنَّ الواجب على كلِّ مسلم أن يتربَّى على سيرة نبيِّه ﷺ، وأن يتخلَّق بأخلاقه، ويهتدي بهديه، ويستمسك بسنَّته، ويذود عن شريعته، فإنَّ محبته ليست كلماتٍ تُقال، ولا شعاراتٍ تُرفع، وإنما هي اتباعٌ صادق، وعملٌ بما جاء به، واقتداءٌ بسنته في السرِّ والعلن. فمن أحبَّه واتبع هداه، رُجي له شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أيها الأخوة: إن في سيرته ﷺ ميراثًا خالدًا، وذخرًا عظيمًا لهذه الأمة، به تسمو بين الأمم، وتفاخر الحضارات، فذاك المنهل العذب الصافي، فمن أراد السعادة فليشرب منه، ومن رام النجاة فليلزم طريقه.
فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا لنبيكم الكريم ﷺ حقَّه، من الإيمان الصادق به، ومحبته الصادقة، وتعظيم سنته، والدفاع عن مقامه الشريف، والتمسك بهديه القويم، تفوزوا في الدنيا والآخرة، وتكونوا من المفلحين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾.
اللَّهُمَّ ارزقنا محبَّةَ نبيِّك ﷺ، ولا تفرِّق بيننا وبينه حتى تُدخلنا مدخلَه، اللَّهُمَّ أوردنا حوضَه، واسقِنا من يده الشريفة شربةً هنيئةً لا نظمأ بعدها أبدًا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ الَّذي أرسلَ إلينا خاتَمَ النبيِّين، وأيَّده بالهُدى والدِّين، فكان رحمةً للعالمين، وقدوةً للسالكين، ومعلِّماً للمهتدين. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون والمسلمات: لقد علَّمنا رسول الله ﷺ أن الحبَّ في الله أوثق عُرى الإيمان، وأنه من أسباب دخول الجنان، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: كان رجلٌ عند النبي ﷺ فمرّ به رجل فقال: يا رسول الله إني أحب هذا، فقال له النبي ﷺ: أأعلمتَه؟ قال: لا، قال: «أعلمه»، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: (أحبك الله الذي أحببتني فيه).
أيها الأحبة في الله: إذا كان هذا شأن الحب بين المؤمنين، فكيف بحبنا لسيد المرسلين ﷺ؟ كيف لا نعلنه ونصرح به، وهو الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، وهدانا به إلى صراط العزيز الغفور؟! ومن هنا فإننا نقولها من أعماق القلوب، ونعلنها مدويةً في الأرض والسماء: نحبك يا رسول الله، نحبك حبًا يملأ الأفئدة، ويعمر الأرواح، ويُترجم بالأقوال والأفعال.
نحبك يا رسول الله: لأن الله أحبك واصطفاك، وقرّبك واجتباك، فكنت خليل الرحمن، وحبيبه، وصفوته من خلقه... نحبك يا رسول الله: لأنك أرحم بنا من أنفسنا، وأشفق علينا من والدينا، ولأنك ما تركت خيرًا إلا دللتنا عليه، وما تركت شرًّا إلا حذرتنا منه.
نحبك يا رسول الله: لأنك بلَّغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، حتى أتم الله بك النعمة، وكشف عن الناس الغمة، وتركْتَنا على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. نحبك يا رسول الله: لأنك كنت لنا قدوة في كل شأن، وأُسوة في كل أمر، فأنت المربي الفاضل، والمعلم الحكيم، والزوج الرحيم، والقائد العادل، والأب الحاني، لم تترك جانبًا من جوانب الحياة إلا رسمت لنا فيه الطريق المستقيم.
نحبك يا رسول الله: لأنك القائل: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين)، والقائل: (أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة). فصلوات ربي وسلامه عليك ما ذكر الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون.
أيها الإخوة والأخوات في الله: إن محبتنا لرسول الله ﷺ ليست كلمات تردّدها الألسن، ولا عواطف تستيقظ ساعة وتخبو أخرى، ولكنها محبة تُثبتها الأعمال، وتصدّقها الطاعات، محبة تدفع إلى نصرة سنته، وإحياء شريعته، وتربية الأبناء على هديه، وتقديم أوامره على هوى النفوس ورغباتها. فمن أحب رسول الله ﷺ حقًا أطاعه، ومن أطاعه فقد أطاع الله، قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.
عبادَ الله: إنَّ محبَّةَ نبيِّنا محمّدٍ ﷺ هي حياةُ القلوب، وضياءُ الأرواح، وزكاةُ الأعمال، وسببُ رفعةِ الدرجات في الدنيا والآخرة. ومن أعرض عن سنَّتِه، أو تهاوَن بأوامره ونواهيه، فقد عرَّض نفسَه للخذلان والخسران المبين، قال الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وإنَّ من لوازم محبته ﷺ محبَّةَ آله الأطهار وصحابتِه الأخيار، والترضي عنهم، والكفَّ عن الطعن فيهم أو تنقّصهم، فهم الذين اختارهم الله لصحبته ونُصرتِه، وبذلوا أرواحَهم وأموالَهم في سبيل دينه. قال تعالى: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ) وقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وقال ﷺ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُبْغِضُنَا، أَهْلَ الْبَيْتِ، رَجُلٌ؛ إِلَّا أَدْخَلَهُ الله النار) وقال ﷺ: (لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدُكم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه) فاجعلوا – رحمكم الله – محبتَكم لرسول الله ﷺ محبةً صادقةً تُثمرُ طاعةً واتباعاً في العبادات والمعاملات، في الأخلاق والسلوك، في البيوت والأسواق، في السرّ والعلانية، وليكن معها توقيرٌ لآل بيته الطاهرين، وإجلالٌ لأصحابه المكرّمين، لتنالوا شرف القرب منه ﷺ في دار الكرامة.
اللهم إنَّا نشهدُك أنّا نحبُّ نبيَّك محمداً ﷺ، ونحبُّ آله وصحبَه أجمعين، اللهم فلا تُفرِّق بيننا وبينه حتى تُدخلَنا مُدخلَه، اللهم اسقِنا من حوضه الشريف شربةً هنيئةً لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا. اللَّهُمَّ اجعلنا من المُحِبِّينَ لِنَبِيِّكَ، الْمُتَّبِعِينَ لِسُنَّتِهِ، الْمُقْتَفِينَ آثَارَ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، الْمُتَأَدِّبِينَ بِأَخْلَاقِهِمْ. اللَّهُمَّ اجعل قلوبَنا عامرةً بتوقيرِهم، وألْسِنَتَنا محفوظةً من سبِّهم أو الطعنِ فيهم أو التَّنقُّصِ من قَدْرِهم.
اللَّهُمَّ احشُرْنَا مَعَهُمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَاجمَعْنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِندَ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَاجعلْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَثَبِّتْنَا عَلَى مَحَبَّتِهِ حَتَّى نَلْقَاكَ وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعزّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمِنّا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى، وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيّئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا المظلومين فِي غَزَّةَ مُعِينًا وَظَهِيراً وَنَصِيراً، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ، وَارْزُقْهُمُ الصَّبْرَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ، اللَّهُمَّ فَرِّجْ كَرْبَهُمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَاشْفِ جرحاهم ومَرْضَاهُمْ، وَارْحَمْ شُهَدَاءَهُمْ، وَآوِ نَازِحِيهِمْ، وَأَطْعِمْ جَائِعِيهِمْ، وَأَمِّنْ خَائِفِيهِمْ.
اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنَا بِتَقْصِيرِنَا نَحْوَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا عَلَى نُصْرَتِهِمْ، وَارْزُقْنَا الإِخْلاصَ فِي الدِّفَاعِ عَنْ قَضِيَّتِهِمْ، وَاجْعَلْ لَنَا وَلَهُمْ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُمْ مِنْ عِنْدِكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ نَصْرِكَ وَفَتْحِكَ الْمُبِينِ، إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفّس كروبنا، وعافِ مبتلانا، واشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وارحم والدينا وذوي الحقوق علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلِّ وسلِّم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين).