المنهج الإسلامي في توزيع التخصصات والمسؤوليات
25 ربيع الآخر 1447 هـ – 17 أكتوبر 2025 م
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
الحمد لله البصير الخبير، الحكيم العليم، الذي أتقن كل شيء خلقه، وأودع في هذا الكون سننًا لا تحيا الأمم وتنهض إلا بمراعاتها، وجعل التخصص والإتقان من دلائل الرشد والعقل السليم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وسع علمه كل شيء، وأحاط بكل شيء حكمة وتدبيرا، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أوتي جوامع الكلم، فربى أصحابه على التفوق في مجالاتهم، ووضع كل واحد في موضعه الأنسب والأليق. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
معاشر المسلمين: لقد خلق الله تعالى الناس متفاوتين في القدرات والملكات والأفهام، وسخر لكل منهم طريقًا يسلكه، وعملا ينهض به، وأمرهم بما يستطيعون، وبين لهم سبيل الخير والشر، والحق والباطل، والحلال والحرام.. وقد قرر الإسلام في بنائه للمجتمع وتعميره للأرض أن الناس ليسوا سواء؛ فلكل منهم موهبته وعقله وميوله، فمنهم القوي والضعيف، والذكي والأقل ذكاء، والشجاع والجبان، والمتعلم والأمي، وأصحاب الهمم العالية والغايات النبيلة، ومن يعيش في سفاسف الأمور.
وخص الإسلام المرأة بأعمال تلائم طبيعتها وتنسجم مع فطرتها.
ولهذا دعا الإسلام إلى مبدأ التخصص في الأعمال والتكاليف، ليقوم كل امرئ بما يحسن؛ فالتخصص هو أن يقتصر الفرد أو الجماعة على مجال معين أو فن مخصوص، وهو ضرورة لبناء مجتمع متكامل متوازن، توزع فيه الأعمال والعلوم على الأفراد بحسب ما وهبهم الله من قدرات ومعارف، أو بما أوكل إليهم من مصالح المسلمين. فالتخصص أن يعمل المرء فيما يتقن، وأن يوضع في المكان الذي يبدع فيه، لينتج ويفيد أمته، وهو سبب الإتقان والمهارة والجودة، ومفتاح الاكتشاف والاختراع، وسبيل النجاح والنهضة، وحاجز أمام الفوضى والاضطراب. وهو مبدأ أصيل في الإسلام، قال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) وبيّن سبحانه أن الأمور ترد إلى أهلها، فقال: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، وقال النبي ﷺ: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له). فلا يكلف الإنسان ما لا يطيق، ولا يطلب منه ما يعجز عنه، إذ يقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وقال أيضا (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). فالطبيب في طبّه، والمهندس في هندسته، والعالم في علمه، والمعلم في ميدانه، والتاجر والباحث والسياسي والصانع كل في اختصاصه، هم أحق الناس بالسؤال والاستشارة في مجالاتهم، لتستقيم الأحوال، وتصان الحقوق وتؤدى الواجبات ويزدهر الإنتاج وتنبثق الإبداعات، ويُبنى المجتمع على نظام وعدل وإتقان.
أيها المؤمنون: لقد كان نبيكم ﷺ إمام الحكماء، يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فيختار لكل مهمة من تتوافر فيه الكفاءة والأمانة والقدرة، فكان ذلك من تمام حكمته ونور بصيرته. فقد اختار بلال بن رباح رضي الله عنه صاحب الصوت الندي ليكون مؤذن الإسلام الأول، فارتفع صوته بالتوحيد حتى اقترن اسمه بالأذان في ذاكرة الأمة إلى اليوم.
واختار أبا محذورة الجمحي رضي الله عنه، لجمال صوته، وقوة نبرته، حيث قال عن نفسه: (أمر رسول الله ﷺ عشرين رجلًا فأذنوا، فأعجبه صوتي، فعلمني الأذان).
واختار مصعب بن عمير رضي الله عنه سفيرًا إلى المدينة، فكان خير ممثل للدعوة، ومهّد الأرض لقيام الدولة الإسلامية، وهيأ النفوس لاستقبال الرسول ﷺ مهاجرًا.
ولما رأى ﷺ في زيد بن ثابت نبوغًا علميًا، وجهه لتعلم اللغات، ثم كان له الدور العظيم في جمع القرآن وحفظه، فكان موضع الثقة والعلم. وجعل خالد بن الوليد رضي الله عنه قائدًا في ميادين الجهاد، ولقبه (بسيف الله المسلول)، لما رأى فيه من عقلية عسكرية وبسالة نادرة.. وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان من أبرز من اختارهم النبي ﷺ للمواقف العظام، جعله حامل لواء المسلمين غير مرة، وزوجه فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة، وتركه في فراشه ليلة الهجرة فداء له، وولاه القضاء، وقال: (أقضاكم علي)، فكان مرجعًا في الحكم، ومحلا للثقة في الملمّات.
بل إن النبي ﷺ كان يفرّق بين أصحابه بما خصهم الله به من ميزات، ويوجه الأمة إلى الاستفادة من كلٍّ في مجاله؛ فقال ﷺ: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح). وكما راعى ﷺ القدرات والطاقات، فحين طلب أبو ذر رضي الله عنه الإمارة، قال له: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)، فدله على ما يناسبه من عبادة وزهد وورع.
هكذا كان نبينا الكريم ﷺ يقرأ النفوس، ويضع كل رجل في موضعه اللائق، ويعلم الأمة أن الأمانات لا تُعطى بالمحاباة، بل بالكفاءة والجدارة.
أيها المؤمنون: إن الحياة لا تستقيم، ولا الأعمال تنجز، ما لم يقم كل فرد بدوره وتخصصه في بيته ومجتمعه؛ فإن عطلت الأدوار، فسدت القيم، وساءت الأخلاق،
وضاعت الأمانة. لقد سُئل النبي ﷺ عن الساعة، فقال له رجل: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال ﷺ: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وكيف إضاعتها؟ قال ﷺ: (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) أي إذا أُسندت المسؤوليات إلى غير الأكفاء، وتولى المناصب من لا يملك العلم ولا الأمانة ولا الكفاءة، عندها تُهدر الحقوق، وتختل الموازين، وتفشو الفوضى، ويعم الفساد، ويقترب زمن الفتن والاضطراب. فحين تُرفع الأمانة من القلوب، وتُقدّم المصالح على المبادئ، وتُستغل المناصب للغنى أو الجاه، تكون تلك بداية الانحدار الذي حذر منه النبي ﷺ.
إن هذا الحديث النبوي العظيم يضع ميزانًا لقيام الأمم وسقوطها؛ فصلاحها بحفظ المسؤولية والأمانة، وفسادها بتضييع الكفايات وتغليب الأهواء. فإذا أُسندت الأمور إلى غير أهلها، فسد العمل، وضاعت الحقوق، وتفشى الظلم، وتحولت المناصب من تكليف وأمانة، إلى تشريف ومغنم. ولهذا كان تفريط الناس في مسؤولياتهم وإسناد الأعمال إلى غير أهلها من أعلام الفتن وعلامات الساعة، لأنه يؤذن بخراب الضمائر، وزوال العدل، وانهدام القيم التي تقوم عليها نهضة المجتمعات ورقي الأمم.
وقد أدرك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا المعنى العظيم في المسؤولية والأمانة، فاستدعى الصحابي الجليل سعيد بن عامر الجمحي رضي الله عنه، وقال له: (إنا نوليك على أهل حمص). فاستعفاه سعيد قائلًا: (أناشدك الله ألا تفتنني)، فقال عمر مغضبًا: (تضعون هذا الأمر في عنقي ثم تتخلون عني؟ والله لا أدعك ولا أعفيك)، فولّاه على حمص رغم تمنّعه. ثم عرض عليه رزقًا من بيت المال، فقال سعيد: (وما أصنع به؟ عطائي يكفيني ويزيد عن حاجتي). ومضت الأيام، حتى جاء بعض أهل الثقة من حمص إلى أمير المؤمنين عمر، فسألهم أن يكتبوا له أسماء الفقراء، فلما نظر في الكتاب، وجد بينهم اسم سعيد بن عامر، فتأثر وقال متعجبًا: (أميركم فقير؟)، قالوا: نعم، تمر الأيام ولا توقد نار في بيته. فبكى عمر حتى بلت دموعه لحيته، ثم خرج إلى الشام متفقدًا أحوال ولاته، فسأل عن سعيد فأثنوا عليه خيرًا، غير أنهم ذكروا له أربع ملاحظات يسيرة. فجمعهم عمر وسعيدًا رضي الله عنهما، وسأله عنها، فقالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، فقال سعيد: أقوم على خدمة أهلي ثم أخرج للناس. قالوا: ولا يجيب أحدًا في الليل، فقال: جعلت النهار للناس، والليل لربي. قالوا: ولا يخرج يومًا في الشهر، فقال: أغسل فيه ثيابي، وليس لي خادم.. قالوا: وتصيبه غشية أحيانًا، (أي يُغمى عليه بين وقت وآخر، فيفقد وعيه لحظات من شدة ما يعتريه من خوف أو حزن أو تأثر قلبي شديد.) فقال: شهدت مقتل خبيب وأنا مشرك، فما أذكر ذلك اليوم إلا خشيت ألا يغفر الله لي فيُغشى علي.
فبكى عمر رضي الله عنه وقال: (الحمد لله الذي لم يخيّب ظني فيك). وهكذا كان أولئك الرجال العظام مثالًا في الورع والتقوى، يرون المناصب تكليفًا لا تشريفًا، ومسؤولية لا مغنمًا، ويقدمون رضا الله على زخارف الدنيا ومتاعها الزائل.
فلنقتدِ بهم يا عباد الله في أمانتهم وعدلهم وزهدهم، ولنجعل العمل العام وسيلة لخدمة الوطن والأمة لا لنفع النفس، ولنستشعر رقابة الله في السر والعلن، فإنها أمانة عظيمة، وسؤالها يوم القيامة شديد.
اللهم اجعلنا من الأمناء الصادقين، واحشرنا في زمرة عبادك المخلصين، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ووفقنا لما تحب وترضى، يا رب العالمين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي
ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي نظم شؤون الحياة بنظام محكم، فجعل لكل عمل أهلًا، ولكل اختصاص رجالًا، وأمر بإسناد الأمور إلى الأكفاء الأمناء، نحمده على ما شرع من منهج قويم في توزيع المسؤوليات، ينهض بالأمم، ويقيم العدل بين الناس، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون: إن من سنن الله تعالى في خلقه أن تتكامل الجهود، وتتوزع الأدوار، وأن يُناط بكل إنسان ما يتقنه ويحسن القيام به. فالحياة لا تقوم على فرد واحد، ولا ينهض وطن بجهد محدود، وإنما تنهض الأمم وتزدهر الأوطان حين تُوضع الأمور في مواضعها، وتؤدى المسؤوليات بعدل وحكمة، فيعم النظام، ويزهو الإتقان والإبداع. وقد أرشدنا الإسلام إلى هذا المبدأ منذ فجر الدعوة، فلكل إنسان موضعه الذي يحسنه ويجيده؛ فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يعرف بالحلم والحكمة، وعمر بن الخطاب بالقوة والحزم، وعثمان بن عفان بالحياء والسخاء، وعلي بن أبي طالب بالعلم والفهم، ولكل مكانه الذي يخدم الأمة في منظومة متكاملة من الأدوار المتناسقة.
أيها المؤمنون: من أعظم أسباب تقدم الأمم وازدهارها أن تُسند الأعمال إلى أهلها، وأن يكرم أصحاب الكفاءة والخبرة والتخصص. قال تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)؛ فالقوة هي الإتقان في الأداء، والأمانة هي الصدق والإخلاص في العمل.
فإذا اجتمعت القوة والأمانة، وُفقَت الأوطان والأمم في مسيرتها، واطمأنت الشعوب في حياتها.. لقد جعل الإسلام مبدأ التخصص ركيزة لبناء المجتمع؛ فالمعلم يؤدي رسالته في نشر العلم والمعرفة، والطبيب يعالج الأبدان، والمهندس يشيد العمران، والفلاح يغذي الإنسان، والجندي يحمي الأوطان، والعالم يوجه بفقهه وبصيرته؛ فإذا أدى كل دوره بإخلاص وتفان، تحقق التوازن الاجتماعي، ونما الاقتصاد، وارتفعت مكانة الأمة بين الأمم.
أيها الإخوة: من حكمة الشريعة أن جعلت الناس متفاوتين في القدرات والاهتمامات، ليكمل بعضهم بعضًا، ولتقوم الحياة على التعاون والتكامل لا على التنافس المذموم.
فبالتنوع تُبنى الحضارات، وتتحقق مصالح العباد، وتزدهر الأوطان.
وقد شبه النبي ﷺ وحدة الأمة بالجسد الواحد، فقال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).
فالأمة كيان متكامل، لا غنى فيه لطرف عن الآخر، وكل خلل في عضو منها ينعكس على سائر الجسد.
أيها المسلمون: إن الله تعالى جعل العمل عبادة، والإتقان فيه قربة، فقال سبحانه: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
فكونوا عباد الله أمناء في أعمالكم، متقنين لمهامكم، متعاونين في أداء أدواركم، فبذلك تُبنى الأوطان وتزدهر الأمم.
واعلموا أن كل نجاح هو ثمرة تعاون بين أهل الاختصاص وتكامل في الجهود، وكلٌّ في ميدانه يسهم في رفعة الوطن وصناعة نهضته المباركة.
فاتقوا الله عباد الله، وأخلصوا في أعمالكم، وأحسنوا اختيار الأكفاء لأماناتهم، فإن الأمم لا تنهض بالأقوال، بل بالعمل الجاد، والتخطيط السليم، والتكامل في الأدوار والاختصاصات، على هدي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)
اللهم يا حكيم يا عليم، يا عدل يا رحيم، نسألك أن تُلهمنا رشدنا، وتوفقنا لأداء ما اؤتمنا عليه بحق وعدل وإخلاص، وأن تجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم.
اللهم اجعلنا من الذين يؤدون الأمانات إلى أهلها، ويضعون الأمور في مواضعها، وينصفون الناس في حقوقهم، ولا يقدمون الهوى على الهدى، يا سميع الدعاء.
اللهم أصلح أحوالنا، وأخلص نوايانا، وبلغنا من الخير غاياتنا، واجعلنا ممن يحسنون العمل ويتقنونه، ويؤدون الأمانة كما أمرت، ويسهمون في عمارة الأرض بما يرضيك.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاء رخاء، وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللَّهُمَّ يا ناصرَ المستضعفين، ويا مُجيبَ دعوةِ المضطرين، ويا وليَّ المؤمنين، ويا جابِرَ المنكسرين، نسألُكَ بأسمائِكَ الحُسنى وصفاتِكَ العُلا أن تفرِّجَ الكربَ عن أهلنا في غزَّة، وأن ترفعَ البلاءَ عنهم، وأن تُبدِّلَ خوفَهم أمنًا، وذلَّهم عزًّا، وحاجتَهم غنى، وضعفَهم قوَّة. اللَّهُمَّ لا تُؤاخِذنا بتقصيرنا في نصرتِهم، ولا بما فرَّطنا فيه من حقِّهم، واغفر لنا عجزَنا وقِلَّةَ حيلتِنا، واجعل لهم فرجًا ومخرجًا قريبًاً اللَّهُمَّ كن لهم وليًّا ونصيرًا، ومعينًا وظهيرًا، اللهم اجعل لهم من لدنك سلطانًا نصيرًا، اللهم ثبِّت أقدامَهم، واشفِ جرحاهم، وتقبَّل شهداءَهم، واحفظ ذراريهم ونساءَهم، واجعل لهم من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافية.
اللَّهُمَّ اجعل لنا وللمسلمين يدًا صادقةً في نصرة قضيَّتِهم، وقبولًا عندك في مساعي إعانتِهم، وألِّف بين قلوب المؤمنين على الحق، ووحِّد صفوفهم، وأصلح ذات بينهم، واجعلهم يدًا واحدةً على من سواهم.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستُر عيوبنا، ونفِّس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم والدينا وذوي الحقوق علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).