ينابيع الرحمة في تعاليم الإسلام
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
21 صفر 1447 هـ – 15 أغسطس 2025 م
الحمدُ للهِ الرَّحيمِ الرَّحمنِ، واسعِ الفضلِ والإحسان، كتبَ على نفسِه الرحمةَ، وجعلَها سَبْقًا لغضبِه، وأمرَ عبادَه بها، وحثَّهم عليها، فقال: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ). نحمدُه تعالى حمدَ الشاكرين، ونستغفِرُه استغفارَ المنيبين، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، أرحمُ الراحمين، وأكرمُ الأكرمين، ونشهدُ أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ رحمةً للعالمين، صلى اللهُ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: إن ديننا الإسلامي العظيمَ الذي شرَعه اللهُ تعالى يقومُ على أداءِ الحقوق: حقُّ اللهِ في التوحيدِ والعبادةِ، وحقُّ العبادِ في الرحمةِ والإحسانِ وحُسنِ المعاملة. وقد جعل اللهُ الرحمةَ خُلُقًا أصيلًا بين خلقه، وفضَّلها على كثيرٍ من النِّعم؛ فخلقَ مائةَ رحمة، أنزلَ منها واحدةً بين الناس، وادَّخر عنده تسعًا وتسعين ليوم القيامة. وفضَّلها سبحانه على نعمةِ العلم فقال في شأن العبد الصالح: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) واللهُ يحبُّ أهل الرحمة، ويُثني على من يتواصَون بها؛ فقال عز وجل: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ). فالرحمةُ أساسٌ تُقام عليه الحقوقُ الواجبة؛ كالزكاة، والمستحبّة؛ كالعفو والصدقة. قال أهل العلم: ينبغي أن يكون قصدُ العبدِ نفعَ الخلقِ مطلقًا، وهذه هي الرحمةُ التي بُعث بها محمدٌ ﷺ. إنها هبةٌ ربانية، ينزعها ممن شاء، ويُنزِلها في قلوب من أراد بهم خيرًا، كما قال ابن عباس في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ): أي الرحمة. ونصيبُ الإنسان من الرحمةِ بقدر نصيبه من الهداية؛ فأكملُ الناسِ إيمانًا، أعظمُهم رحمة. قال تعالى في وصف النبي وأصحابه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ووصفَ المؤمنين بأنهم: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، قال ابن عباس: أي رُحَماء.
امتلاءُ القلبِ بالرحمةِ علامةُ سعادةٍ، ومفتاحٌ لنَيل رحمةِ الله؛ قال رسولُ الله ﷺ:
(الراحِمون يرحمُهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.)
ومن أهل الجنة من رقَّ قلبه وامتلأ رحمةً وإيمانًا؛ قال ﷺ: وأهلُ الجنةِ ثلاثة: وذكر منهم. ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكل ذي قربى ومسلم.. أما قسوةُ القلب فهي علامةُ الشقاء، وجفافُه خروجٌ للرحمةِ منه، قال تعالى:(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾، وقال ﷺ: لا تُنزعُ الرحمةُ إلا من شقيٍّ.) ومن لا يرحمُ الناس، لا يرحمه الله؛ كما قال ﷺ: لا يرحمُ اللهُ من لا يرحمُ الناس.) ولم يكن ﷺ يُقِرُّ من يغلظ قلبه أو يأنف من مظاهر الرحمة؛ فعن الأقرع بن حابس أنه قال: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا. فنظر إليه رسولُ الله ﷺ وقال: (من لا يرحم لا يُرحم)
وأحقُّ الناسِ بالرحمةِ: الوالدان، قال تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وخيرُ الأولادِ من كان أقربَ إلى رحمةِ والديه، كما قال سبحانه عن الغلام الصالح:
(فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا). ورحمةُ المؤمنين ببعضهم تُشبه تلاحمَ الجسد الواحد؛ قال ﷺ: ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.) بل حتى البهائم، حضَّ الشرع على الإحسان إليها، وقال ﷺ: (والشاةُ إن رحمتَها، رحمك الله) والمؤمن يرحم الكافرَ لفقده نعمةَ الهداية، ويشفق عليه من الضلال. كما أنه يرحم العاصي بالنصح والدعاء؛ فقد أُتي للنبي ﷺ برجلٍ شرب الخمر، فقال بعضهم: أخزاك الله!، فقال ﷺ: (لا تقولوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: رحمك الله)
أيها المؤمنون والمؤمنات: وأعظمُ الناسِ رحمةً هم أنبياءُ الله ورسله، بعثهم الله لهداية البشر، فدعَوا أقوامَهم إلى التوحيد، وسَعَوا لإنقاذهم من الهلاك، وتحمَّلوا في سبيل ذلك الأذى، فما استعجلوا العقوبة، ولا طلبوا الانتقام، بل تَمنّوا الهدايةَ للضالين، والرحمةَ للعاصين.. فهذا آدمُ عليه السلام، إذا رأى من ذريته أهلَ الجنة فرِح، وإذا نظر إلى أهل النار منهم بكى، كما في حديث المعراج وقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: (هذا آدم، وعن يمينه أسودةٌ هم أهل الجنة، وعن شماله أسودةٌ هم أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى.. وإبراهيمُ عليه السلام كان رؤوفًا رحيمًا، دعا ربَّه فقال: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ولِرقةِ قلبِه جادل الملائكة في قوم لوط لعلهم يتوبون. وموسى عليه السلام، وهو من أولي العزم، سقى امرأتين غريبتين حين رأى حاجتهما، فكانت رحمته بالضعفاء خلقًا راسخًا فيه.
وامتدَّت رحمةُ الأنبياءِ إلى أقوامهم في مواقفَ كثيرة فيحيى عليه السلام وُصف بأنه حَنانٌ وتقيٌّ، يدعو إلى طاعة الله برفق ورحمة.. وعيسى عليه السلام، بارٌّ بأمه، رفيقٌ بقومه، دعا ربَّه فقال: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ).
أما نبينا محمد ﷺ، فقد بلغ في الرحمة غايتَها، فقد راجع ربَّه في أمر الصلاة حتى خُفِّفت إلى خمس، حرصًا على أمته، ولم يكن سبّابًا ولا لعّانًا، بل نبيًّا رحيماً.
وحين أُوذِي من قومه وأُدميت قدمُه، أتاه ملك الجبال وقال: (إن شئتَ أُطبِق عليهم الأخشبين)، فقال ﷺ: (بل أرجو أن يخرج اللهُ من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا). لقد بعثه الله رحمةً للعالمين، فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). ومن قبِل هذه الرحمة وسارَ في نُورها، سعد في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عنها خسر الخسران المبين. وقد قال الله تعالى في خصوص المؤمنين: (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) وكان ﷺ أرحمَ الناسِ بأمته، تلا قولَ إبراهيم: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)، وقولَ عيسى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ)، ثم رفع يديه وبكى، وقال: (اللهم أمتي أمتي)، فأرسل الله إليه جبريل يسأله عن سبب بكائه، فأخبره، فقال الله: (يا جبريل، قل لمحمد: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك). قال النووي رحمه الله: (وهذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة).
وكان ﷺ رحيماً بأصحابه، عاد سعد بن عبادة رضي الله عنه في مرضه، فلما دخل عليه وجده مغمى عليه بين أهله، فظن أنه مات، فقال: (قضى) مات؟ قالوا: لا يا رسول الله، فبكى ﷺ، فلما رأى القوم بكاءه بكوا. ورُفِع إليه ابنُه إبراهيم وهو في سكرات الموت، تتقعقع نفسُه، فبكت عينا النبي ﷺ، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟، فقال: هذه رحمة، جعلها الله في قلوب عباده).
عباد الله: كان نبيُّنا محمدٌ ﷺ رحيمًا بالشباب، ومن أروع صور رحمته ما رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قال: (أتينا النبيَّ ﷺ ونحن شَبَبَةٌ متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة)، فلما لاحظ شوقهم لأهليهم، لم يُثقل عليهم ولم يُطِل المقام، بل قال لهم برحمة الأب وحنان المعلم: (ارجِعوا إلى أهليكم، فعلِّموهم، وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي). رحمةٌ نبويةٌ تشُعُّ حِكمةً ومراعاةً لأحوال النفوس.
وكان ﷺ رحيماً بالنساء، يراعي ضعفهنَّ وعاطفتهنَّ الجيَّاشة، ومن مظاهر ذلك أنه كان يُخفِّف الصلاة إذا سمع بكاء الطفل، شفقةً على أمه ورفقًا بحالها، فقال: (إنِّي لأقومُ في الصلاةِ، أُريدُ إطالتَها، فأسمعُ بكاءَ الصبي، فأتجوَّزُ في صلاتي، كراهيةَ أن أشقَّ على أُمِّه)
وما أرحمه صلى الله عليه وسلم بالصبيان! يقول أنس رضي الله عنه: ما رأيتُ أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رأى الحسن والحسين رضي الله عنهما يمشيان ويتعثران، فقطع خطبته، ونزل من فوق منبره، وحملهما بين ذراعيه، وضمَّهما إلى صدره، في مشهدٍ يفيض حنانًا ورحمة. قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعليقًا على ذلك: (وهذا من كمال رحمته ﷺ، وتلطفه، وتعليمه لأمته كيف تكون الشفقة والرحمة بالصغار).
أيها المؤمنون: إن شريعة الإسلام شريعةُ رحمةٍ وعدلٍ وإنصاف، لا تختصُّ بالمؤمنين وحدهم، بل تتعدّاهم إلى العدو قبل الصديق، وإلى الإنسان والحيوان، والطير والجماد؛ فرحمة الإسلام لا تعرفُ حدودًا. ومن أراد رحمة الله، فليَسعَ في بثِّ الرحمة في الناس؛ فقد قال ﷺ: إنما يرحمُ اللهُ من عبادِه الرُّحماء). فما فاز مَن فاز، وما سعد مَن سعد، إلا برحمةٍ أودعها اللهُ في قلبه، ففاض بها على من حوله.قال تعالى (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).
فاللهم ارزقنا قلوبًا رقيقة، وأرواحًا رحيمة، وأعمالًا زكيَّة، وبلِّغنا برحمتك رحمتك، واجعلنا من الرُّحماء الذين ترحمهم، إنك أرحم الراحمين.
بارَكَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ ما تسمَعون، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ الّذي أرسلَ رسولَهُ رحمةً للعالمين ونوراً للمهتدين وعدلاً للمظلومين وشاهداً، ومبشّراً، ونذيراً. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون: لقد جاء الإسلامُ بمنظومةٍ فريدة من القيم، لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، وجعلها واقعاً عملياً في السلم والحرب، والرخاء والشدّة، ومن أبرز معالمها الرحمةُ حتى مع الأعداء. وكان القدوةَ في ذلك رسولُ الله ﷺ، الذي قال ربّه فيه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) وفي ميدان الحرب، حيث تسيل الدماء، وتشتدّ العداوات، كان ﷺ يضبط النفوس، ويهذّب الغرائز، ويمنع الانتقام الأعمى، ويأمر أصحابه بعدم قتل النساء، ولا الأطفال، ولا الشيوخ، ولا قطع الشجر، ولا هدم البيوت، ولا التعرض لمن لا يقاتل. بل كان ينهى عن المثلة والتعذيب، حتى بحقّ أعتى الأعداء. ومن صور رحمته ﷺ: يوم فتح مكة، بعد أن ناصبته قريش العداء سنين طويلة، وقتلوا أصحابه، وآذوه وأخرجوه من بلده، وقف أمامهم وهم تحت قبضته، يستطيع أن ينتقم، لكنه قال قولته الخالدة: (اذهبوا فأنتم الطلقاء). وفي غزوة بدر أوصى النبي ﷺ أصحابه بالإحسان إلى الأسرى، فأطعمُوهم مما يجدون، حتى إنهم قدّموا لهم الخبز وأكلوا هم التمر؛ امتثالاً لهديه الكريم ورحمته البالغة، وقد أثنى الله تعالى على عباده الأبرار الذين يطعمون الأسير مع غيره من المحتاجين، فقال: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً)
وحين جُرح ﷺ في أُحد وكُسرت رباعيته، لم يدعُ على من فعل ذلك، بل قال: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)
هذه عباد الله كانت مدرسة الحرب في الإسلام: حربٌ تقيّدها الأخلاق، ويقودها العدل، وتحكمها الرحمة. أما ما نراه اليوم في فلسطين وغزة الجريحة، فهو صورة معاكسة تماماً لما علّمه الإسلام وأمر به. هناك تُقصف البيوت فوق ساكنيها، ويُقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم، وتُزهق أرواح الشيوخ والنساء بلا رحمة، ويُمنع عنهم الماء والغذاء والدواء، وتُدمَّر المستشفيات والملاجئ، في مشاهد حرب إبادة لا تفرّق بين مقاتل وأعزل، ولا بين ساحة قتال وبيوت آمنة. إنها حربٌ يرفضها الضمير الإنساني قبل الشريعة، وتستنكرها كل الشرائع والمواثيق. ولئن كان رسول الله ﷺ يمنع حتى من قطع شجرة في أرض العدو، فكيف بمن يقطع عن الناس أسباب الحياة كلها، ويحاصرهم بالجوع والعطش، ويحوّل مساكنهم إلى أنقاض؟ أيها الإخوة: إن الأمة وهي ترى هذه المآسي، مدعوة لأن تتمسك بمبادئ نبيّها ﷺ، وأن تكون نصيرةً للمظلوم، ورافعةً للظلم، وفاعلةً في ميادين الإغاثة، والدعاء، والدعم بكل وسيلة مشروعة.
فليكن في قلوبنا رحمة النبي ﷺ، وفي مواقفنا عدله، وفي أفعالنا نصرة للمظلومين في كل مكان، عسى أن نكون ممن ينالون رحمة أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ، يا رَحِيمَ المُسْتَضْعَفِينَ، يا جابِرَ كَسْرِ المُنْكَسِرِينَ، نَسْأَلُكَ أَنْ تُفَرِّجَ الكَرْبَ عَنْ أَهْلِنَا فِي غَزَّةَ، وَأَنْ تَرْفَعَ البَلاءَ عَنْهُمْ، وَأَنْ تَحْفَظَهُمْ بِحِفْظِكَ، وَتَكْلَأَهُمْ بِرِعايَتِكَ، وَتُؤَمِّنَهُمْ فِي أَوْطانِهِم، وَتَرُدَّ عَنْهُمْ كَيْدَ المُعْتَدِينَ، وَأَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ بَلاءٍ عافِيَةً.
اللَّهُمَّ اسْقِ جائِعَهُمْ، وَأمِنْ خائِفَهُمْ، وَاشْفِ جَريحَهُمْ وَارْحَمْ شَهيدَهُمْ، وَاجْبُرْ مُصابَهُمْ، وَكُنْ لَهُمْ عَوْناً وَنَصِيراً، وَظَهِيراً وَمُؤَيِّداً.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ دِماءَهُمُ الطّاهِرَةَ وَصَرَخاتِ أَطْفالِهِم وَآهاتِ نِسائِهِم وَبُكاءَ شُيُوخِهِم نُوراً فِي صَحائِفِهِم، وَرِفْعَةً فِي دَرَجاتِهِم، وَشَرَفًاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَاجْعَلْها شاهِدَةً عَلَيْهِم يَوْمَ يَلْقَوْنَكَ، وَلا تَحْرِمْهُمْ أَجْرَ الصّابِرِينَ وَلا مَكانَةَ الشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّهُمْ وَنَصِيرُهُمْ، فَكُنْ لَهُمْ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى، وَانْصُرْهُمْ نَصْرًا مُؤَزَّراً عاجِلًا، وَأَرِنا فِي أَيّامِنا هذِهِ فَرَجاً قَرِيبًا يُثْلِجُ الصُّدُورَ، إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقادِرُ عَلَيْهِ. اللهم أحفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك وعنايتك واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا سميع الدعاء. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين. اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم والدينا وذوي الحقوق علينا برحمتك يا أرحم الراحمين... اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)