الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440 هـ
الموافق 1 مارس 2019 م
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيماً وتشريفاً وثناءً، المتصف بصفات الكمال عزّة وقوة وكبرياءً، به نصول وبه نجول، وبه نؤمّل دفع الكروب شدة وبلاءً، ودرءَ الخطوب ضنكاً ولأواءً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أفضل هذه الأمة جهاداً وفداءً وأعظمها قدوة واصطفاءً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ضربوا أروع الأمثلة صفاءً ووفاءً، وطهراً ونقاءً، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم اهتداءً واقتفاءً، وسلم تسليماً يزيده بهجة وبهاءً، ونوراً وضياءً، وبركة وسناءً.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
معاشر المسلمين: إن جيل الصحابة رضوان الله عليهم خير جيل ظهر على وجه الأرض، هم الذين وضعوا أنفسهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يعلمهم ويوجههم ويصوغهم، فتلقوا تلكم التربية النبوية الكريمة، حتى خلت نفوسُهم من حظ نفوسِهم.
ومن بين الصحب الكرام صحابي جليل كان من السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، صلى إلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وهو أوّل من شيّد المسجد، وأوّل من خطَّ المفصَّل من القرآن، وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راضٍ.. إنه الخليفة الراشد الثالث، ذو النورين، عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة القرشي، يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد الرابع من جهة أبيه. فهو ينتمي إلى بني أمية من قبيلة قريش.. كان رضي الله عنه ربعة من الرجال لا بالطويل ولا القصير، ذو وجه حسن وبشرة رقيقة، ولحية كثيفة، ولون أسمر، ورأس كثير الشعر..
عباد الله: أسلم عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟! فقال: بلى واللَّه إنها كذلك، قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم. وفي الحال مرَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: (يا عثمان، أجب اللَّه إلى جنته، فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه)، قال: فو اللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله عبده ورسوله.
كان عثمان رضي الله عنه غنياً شريفًاً في الجاهلية، وأسلم بعد البعثة بقليل، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة الأولى والثانية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ)، وكان يقال: أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان.
لقّب عثمان رضي الله عنه بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبي صلى الله عليه وسلم رقيّة ثم أم كلثوم، فقد زوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقيّة، فلما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم، فلمّا ماتت تأسّف رسول الله على انقطاع مصاهرته وقال: (والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجتُكَها يا عثمان). ولا يعرف أحد تزوج بنتَي نبيّ غيره..
روى سعيد بن المسيب رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عثمان بعد وفاة رقية مهموماً حزيناً، فقال له: (ما لي أراك مهموماً حزيناً ؟! فقال: يا رسول اللَّه، وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ ماتت ابنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك، فبينما هو يحاوره إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن اللَّه عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها).
أيها المؤمنون: أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان سهمَ البدريين وأجرَهم، وكان قد غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرسول له: (إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه).. بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه يوم الحديبية إلى أهل مكة لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته، فضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه وقال: (هذه يدُ عثمان، اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك)، فقال الناس: هنيئًا لعثمان هذا الفضل… قال عثمان: إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بُعِثَ به محمدٌ، ثم هاجرت الهجرتين، وكنت صهْرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعتُ رسول الله، فو الله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل. وكان رضي اللَّه عنه أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، وكان ليَّن العريكة كثير الإحسان والحلم. وكان من كبار تجار قريش، وعرف بشدة حيائه، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: (أصدق أمتي حياءً عثمان)، وقال: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟) وكان لا يوقظ نائماً من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم، ويلي وضوء الليل بنفسه، فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك، فقال: لا، الليل لهم يستريحون فيه.. بشّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً. استخلفه رسول اللَّه على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوباً من قريش، وكان حليماً، رقيق العواطف، كثير الإحسان.
وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه ودماثة أخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين..
أيها المسلمون: قام عثمان بن عفان رضي الله عنه بنفسه وماله في واجب النصرة، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفًا وتصدّق بها، وجعل دلوه فيها لدِلاءِ المسلمين، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألف دينار.
كان الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين والفرح في وجوه المنافقين، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك قال: (والله، لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ)، فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام، فوجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها بتسعٍ، فلما رأى ذلك النبي قال: (ما هذا؟) قالوا: أُهدي إليك من عثمان، فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم والكآبة في وجوه المنافقين، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى رُئيَ بياضُ إبطيْه، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعاء لأحد قبله ولا بعده. وجهّز عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً، واستغرق الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء له يومها، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه، فقد جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره، فجعل يقلبها ويقول:(ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين)… لقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخلافته، فتشاور الصحابة فيما بينهم، ثم أجمعوا على اختيار عثمان وبايعه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين. استمرت خلافته نحو اثني عشر عاماً تم خلالها الكثير من الأعمال: نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار، توسيع المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد انبسطت الأموال في زمنه، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية.. وفي أيام خلافته رضي الله عنه غزا المسلمون ففتحوا الكثير من البلاد، فتوسعت بهم بلاد الإسلام، وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.. عباد الله: وفي أواخر عهد عثمان رضي الله عنه ومع اتساع الفتوحات الإسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالإسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة أراد بعض الحاقدين على الإسلام إثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان رضي الله عنه، وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة، فانخدع بقولهم بعض من غرر به، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل، فدعاهم إلى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفا عنهم، فرجعوا إلى بلادهم لكنهم أضمروا شراً وتواعدوا على الحضور ثانية إلى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم بعض الأشرار الذين تظاهروا بالإسلام.
أيها الأخوة والأخوات في الله: وفي شوال سنة خمس وثلاثين من الهجرة، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتاباً بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد، وأنكر عثمان رضي الله عنه الكتاب، وحلف بالله العظيم لهم، أنّه لم يأمُر أحداً بقتل أحد، ولم يعلم من أرسل الكتاب، وصدق رضي الله عنه، فهو أجلّ قدراً وأنبل ذكراً وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده، فهو تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم حاصروه في داره عشرين أو أربعين يوماً، ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعدوا لقتالهم وردهم، لكن الخليفة منعهم إذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم، ولكن المتآمرين اقتحموا داره من الخلف، من دار أبي حَزْم الأنصاري، وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن، وأكبت عليه زوجه نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها، لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها، وتمكنوا منه رضي الله عنه فسال دمه على المصحف، وقتل شهيداً في صبيحة عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين من الهجرة، في بيته بالمدينة، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة، ودفِنَ رضي الله عنه بالبقيع، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين، فلم تنغلق إلى يومنا هذا.
وبعد: أيها المسلمون، فإنما هذا غيض من فيض من بحر فضائل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.. اللهم اجعلنا بنبيك مقتدين، وبهديه عاملين، ولأصحابه مبجلين وموقرين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الآمر بالبر والإحسان، الناهي عن الإثم والعدوان، نحمده سبحانه أن هدانا للإيمان وعلمنا البيان، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: لقد جاءت في فضائل عثمان رضي الله عنه أحاديث عدة، نجدها مبثوثة في المراجع والمصادر المعتمدة لدى طوائف المسلمين، منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ يحفر بئر رومةَ فَلَه الجنّة)، فحفرها عثمان وكانت لسقي المسلمين، وقال: (مَنْ جهّزَ جيشَ العْسرةِ فله الجنّة)، فجهّزه عُثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم). ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال: (يا بنيّة، أحسني إلى أبي عبد الله؛ فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقا). وقال: (مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله). وقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم ارْضَ عن عثمان فإني راض عنه). وقال:(اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه)..
أما عن علاقة آل البيت رضوان الله عليهم بعثمان فقد كانت علاقة حب وود وأخوة ونسب، فعثمان رضي الله عنه هو الذي ساعد علياً في زواجه من فاطمة، وأعطاه جميع النفقات كما يقر بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنفسه حيث يقول: إني لما تقدمت إلى رسول الله طالباً منه الزواج من فاطمة ابنته قال لي: (بع درعك وائتني بثمنها حتى أهيء لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما)، قال علي: فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق، فبعته بأربع مائة درهم من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبن عم رسول الله، ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت: نعم، قال: فإن هذا الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان، فدعا له النبي بخير. ولأجل ذلك كان ابن عم رسول الله عبد الله بن عباس يقول: (رحم الله أبا عمرو –أي: عثمان بن عفان- كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، هجاداً بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضاً عند كل مكرمة، سباقًاً إلى كل منحة، حبيباً أبياً وفياً، صاحب جيش العسرة، خِتن رسول الله ). وكان من حب آل البيت لعثمان رضي الله عنه أنهم زوجوا بناتهم من أبنائه اقتداء بنبيهم الذي زوجه ابنتيه كما سبق، وسموا أبناءهم باسمه، وكان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين ويحبهما، وهما كذلك، ويشهد لهذا أنه لما حوصر من قبل البغاة أرسل عليّ ابنيه الحسن والحسين وقال لهما: اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه. بل اشترك علي رضي الله عنه أول الأمر بنفسه في الدفاع عن عثمان بلسانه ويده حيث حضر هو بنفسه مراراً، وطرد الناس عنه، وأنفذ إليه ولديه وابن أخيه عبد الله بن جعفر، ثم انعزل بعد أن قال لهم عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم. وقال: أنتم في حل من نصرتي.. ولما منع البغاة الطغاة عن عثمان الماء خاطبهم عليّ بقوله: (أيها الناس، إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، إن فارس والروم لتؤسر فتطعم فتسقي، فو الله لا تقطعوا الماء عن الرجل، وبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء مع فتية من بني هاشم).. وختاماً عباد الله، فهذا هو ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، صهر رسول الله وحبيبه في الدنيا والآخرة، وحبيب أهل البيت وابن عمهم وعمتهم وقريبهم، يحبهم ويحبونه كصاحبيه الصديق والفاروق،رضي الله عنهم جميعاً، فاعرفوا لهم قدرهم وفضلهم وسابقتهم لعلكم ترحمون.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال الله تعالى فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رءوف رَحِيمٌ).
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يحب نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم، ويحب آله وأصحابه، ويقتدي بهم، ولا تجعل في قلوبنا غلاً على أحد منهم يا رب العالمين.
اللهم إنَا نسألك حبك و حب نبيك، وحب من أحبه ، وحب كل عمل يقربنا إلى حبه ، اللهم وفقنا لإتباع سنته، وتوفنا على ملته، وارزقنا شفاعته، واحشرنا في زمرته، وابعثنا تحت لوائه، وأوردنا حوضه، واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم ألحقنا بالصالحين، واحشرنا في زمرة المتقين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين، وخليجنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم. وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم. ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.. اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم كن لهم في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن وفي كل مكان…اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، ومن احتلال الغاصبين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم الله موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
عِبَادَ الْلَّهِ:إِنَّ الْلَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِيْ الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ، فَاذْكُرُوْا الْلَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيْمُ الْجَلِيْلِ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَىَ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ الْلَّهِ أكبروالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ وَيَغْفِرْ الْلَّهَ لِيَ وَلَكُمْ.
سيرة الصحابي الجليل ذي النورين عثمان بن عفان – جامع الفاتح – مملكة البحرين