الجمعة 2 ربيع الآخر 1441 هـ

الموافق 29 نوفمبر 2019م

الحمد لله المنفرد بقدرته، المتعالي في سلطانه، البادئ بالإحسان ، العائد بالامتنان، المغتفر إساءة المذنبين بعفوه، وجهل  المسيئين بحلمه ، الذي قرن بالفضل رحمته،  وبالعدل عذابه، نحمده على حلمه بعد علمه، وعلى عفوه بعد قدرته، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يخرج شيء عن قدرته، ولا يعزب عن رؤيته، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، المصطفى من خليقته والمجتبى من بريّته، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه، وكل من سار على نهجهم فجمع بين استقامة عمله وصلاح نيته..

أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: خلق الله الكون فأبدعه، ومن إبداعه أن جعل من كل خلق خلقه زوجين اثنين؛ لتستمر الحياة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ومن أفضل الخلق عند الله بنو آدم، الذين اصطفاهم الله تعالى لحمل رسالة التوحيد، وعبادة الله في الأرض؛ فالمرء يولد فرداً في أسرة، ثم ما يلبث أن يكون رباً لأسرة، وهكذا تستمر الحياة، وإن استقرار الأسر مطلب رباني؛ فالله من حكمته أن جعل بين الزوجين مودة ورحمة، تنشأ مع العقد وتزداد بتبادل الحقوق.

عباد الله: الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع، فلا بد أن تكون صالحة ليصلح المجتمع؛ فهنيئاً لمن رزق أسرة صالحة مطمئنة قد رضي الجميع فيهم، غير أن هناك أسراً قد تفرقت، أو ضعفت أواصرها، ويرجع ضعفها وتفرقها لأسباب عدة، ومن أشد الأسباب تفريقاً للأسر ما يسمى بالعنف الأسري؛ الذي يشتت الأسرة وينفر القلوب، ويجعل جو الأسرة جواً كئيباً، غير مرغوبٍ العيشُ فيه؛ لذا كان لزاماً على الآباء والأمهات السعي في تجنب هذا الداء الفتاك، وهذا ما سنتعرض له في هذه الخطبة بإذن الله.

أيها المؤمنون: ما أنعم العيش إذا كان بين أبوين وإخوة متحابين متعاطفين، وما أنكده إذا تخلفت تلك الصفات؛ فلنسْع جميعاً لخلق جو أسري سعيد لننعم بالحياة الهادئة، التي إذا دخلها الإيمان والطاعة، سمت في ملكوت السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.

العنف الأسري، هو سوء الخلق من أحد أركان الأسرة -وهم الأبوان والأولاد-، مما يسبب التشاحن والتباغض، ولربما أدى للقتل، كما نسمع بين الفينة والأخرى والعياذ بالله. وقد عرفت البشرية العنف الأسري من قديم الزمن، عندما قتل قابيل أخاه هابيل.

إن ظاهرة العنف الأسري لها أشكال عديدة: فهناك العنف الذي يتعرض له الأطفال سواء بالإهمال وسوء التربية أو الضرب والتعذيب، وهناك العنف المتبادل بين الآباء والأولاد وبين الآباء والأمهات، وبين الإخوة والأخوات، بل وقد امتد العنف خارج نطاق الأسرة الصغيرة، إلى الأقارب والأصهار، من عداوة وعنف في ما بينهم، وهناك العنف الذي تتعرض له الزوجات من الأزواج والمتمثل في سوء المعاملة والضرب والتعذيب، وأن الأبواب المغلقة خلفها حكايات كثيرة، وهذا النوع من العنف يؤثر على الأولاد وبالتالي على المجتمع ككل.

وقد طفت على السطح حديثاً في بعض المجتمعات المسلمة ظاهرة العنف الجنسي الذي تتعرض لها المحارم بارتكاب الفحشاء معهم عياذاً بالله، بل هناك ظاهرة خطيرة للعنف الأسري، والمتمثلة في إيذاء كبار السن من الآباء والأمهات، سواء بالضرب أو الإهانة أو بتركهم بدون رعاية أو حماية.

أيها أيها المسلمون: إن من العوامل التي توجد العنف الأسري هو عدم أداء الحقوق؛ الأب لا يؤدي الحقوق الواجبة تجاه زوجته وأولاده، والزوجة كذلك والأولاد مثل ذلك؛ فلو أدى كل فرد في الأسرة الحقوق الواجبة عليه تجاه والديه وإخوانه، لما حدث خلاف ولسادت المحبة في الأسرة، فلقد رسم المولى للأسرة طريق السعادة؛ فمن حاد عنه تعرض للتعاسة ولا بد.. ومن العوامل كذلك: عامل الوراثة، فيكون الولد عاش في جو مليء بالعنف فإذا كبر وكون أسرة، طبق الأخلاق التي رآها في أسرته، وبهذا يظهر أثر العنف في الأسرة أنه يؤثر على الأبناء فيرثون ذلك الخلق.

ومن العوامل: ظروف المعيشة الصعبة؛ كالفقر والبطالة والضغط النفسي والإحباط المتولد من طبيعة الحياة العصرية اليومية.

وكذلك تعاطي أحد أفراد الأسرة للخمور والمخدرات.. وكذلك اضطراب العلاقة بين الزوجين نتيجة ضعف الوازع الديني والأخلاقي، وعدم الانسجام بين الزوجين في مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية والبيئية، مما يؤدي لغياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة.

وكذلك الفهم الخاطئ للدين والعادات والتقاليد التي تركز على قيادة الرجل لأسرته بالعنف والقوة… أيها الأخوة والأخوات في الله: إن العنف لا يصلح بل يفسد، ولا يبني بل يهدم، لهذا وجب على المسلم تجنبه مع الجميع، خصوصاً مع أفراد الأسرة.. ومن أراد السعادة الأسرية فليلزم هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم الزوج الحنون، والأب العطوف؛ فمن قرأ سيرته وسار على نهجه نجا وأفلح.

استمع لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئاً قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِماً، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.)

عباد الله: ومع أن ضرب الرجل لزوجته الناشز الضرب غير المؤذي، جائز شرعاً للتأديب، إلا أنه لا ينبغي إلا في أضيق الحدود، وضرباً غير مبرح، وليس لكل زوجة، وقد أساء البعض فهم معنى الضرب للزوجة.. والناشز: هي الزوجة العنيدة المشاكسة التي استعصت على زوجها، ومنعته وقصرت في حقّه، ولم تطعه في المعروف والخير، يقول تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًاً، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّاً كَبِيراً) وقد فسر عبد الله ابن عباس رضي الله عنه الضرب غير المبرح فقال: بالسواك ونحوه.. وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه، قال أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت، ولذا لما نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء وقال: (لا تضربوا إماء الله) جاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ذئرن ـ أي اجترأن ـ النساء على أزواجهن ، فرخّص في ضربهن الضرب غير المؤذي،  فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم، ليس أولئك بخياركم.. فالضرب غير المبرح مباح غير أنه لا يفعله خيار الناس، ولهذا لم يضرب النبي صلى الله عليه وسلم امرأة قط. وبهذا يتبين لك أخي المسلم أن الرجل الضارب ليس من خيار المسلمين كما قال عليه الصلاة والسلام، وكذلك فإن الضارب لا يُشار بِهِ في الزواج كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس وقال لها أما أبو جهم فضراب للنساء، قالت : فكرهته.

عباد الله: إن الزوجة هي التي تنشر الرحمة والعطف والحنان في البيت؛ فعليها دور كبير في ذلك، ولكن الزوج مطالب بالصبر والحلم وكظم الغيظ؛ فهو القوام على الأسرة ومن الواجب عليه التحمل والصفح لتسير الأسرة بسلام، قال ابن كثير رحمه الله: (وكان من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه). صح في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عندَ بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفةٍ ( وهو إناء من أواني الطعام) أرسلت بصحفة فيها طعامٌ، فضربت الزوجة، التي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصَّحْفةُ، فانفَلَقَتْ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارت أمُّكم، غارت أمُّكم)

ثم أوقف الخادمَ حتى أُتِي بصَحْفَةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصَّحْفَةَ الصحيحة إلى التي كُسرت صَحْفَتُها، وأمسَكَ المكسورة في بيت التي كسَرَتْ).. الله أكبر، إنه موقف تربوي عظيم فقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم الأمر معالجة تربويّة حكيمة، يتبين منها رقي تعامله  مع الزوجة وتقدير نفسيتها وما جُبلت عليه من غيرة قد تجعلها تخطئ الصواب في التصرف أحياناً، فلم يعاتبها وأعذرها فيما فعلت ولم ينته إلى هذا الحد فحسب بل نبه أصحابه إلى ما حملها على هذا التصرف فقال (غَارتْ أُمُّكم)

أيها المسلمون: كم من بيت هدم على أساساته بسبب العنف، وكم من زوجة هربت من زوجها بل انحرفت بسبب العنف من الزوج، وكم من زوج تزوج بأخرى من أجل عنف زوجته، وكم من ابن وبنت هربا من بيوت أهلهم بسبب العنف، إن العنف خراب البيوت، فلنتعلم الرفق، ونرفق بالناس خصوصاً في بيوتنا، يقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيء إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ). ويقول: (من أُعْطِيَ حَظَّهُ من الرِّفْقِ فقد أُعْطِيَ حَظَّهُ من الخيرِ، ومن حُرِمَ حَظَّهُ من الرِّفْقِ فقد حُرِمَ حَظَّهُ من الخيرِ) ويقول: (إنَّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ، ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العنفِ، وما لا يُعطِي على ما سواه)

عباد الله: لقد تغيرت الأمور عن ذي قبل؛ فلكل زمن رجاله وأخلاقه، فارفقوا بأهليكم وأولادكم وقرابتكم وعاشروهم بالمعروف، فهذه هي أخلاق الرجال.. اللهم أصلح حال الأسر، ووفقهم لما فيه صلاحهم ونجاحهم يا ذا الجلال والإكرام.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا أيها المسلمون: إن دينَنا الإسلامي الحَنيفَ، لم يدَعْ لنا خيراً إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّاً إلا حذَّرَنا منه، وإن أولَ عُنفٍ أُسريٍّ وقعَ في البشريَّة، قد قصَّه علينا ربُّنا  جلَّ وعلا  في كتابِه العزيز الذي لا يأتِيه الباطِلُ من بين يدَيه ولا من خلفِه، تنزيلٌ من حكيمٍ حميد، فقد قال الله في مُحكَم التنزيل عن أول عُنفٍ أُسريٍّ: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ، إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) هذه صورةٌ واحدةٌ من صُور العُنف الأُسريِّ، وهي أعلاها خطراً وجُرماً؛ لبُلوغها درجةَ إزهاقِ النفسِ بغيرِ حقٍّ، وما دُون ذلكم من الصُّور لا يُمكنُ حصرُه، غيرَ أن من أهمِّها: الضربَ المُبرِّح، أو التهديدَ بالطلاق، أو الحِرمانَ من النَّفقَة، أو الظُّلمَ في العطيَّة بين الأولاد أو بين الزوجات، ونحو ذلكم. هذا إذا كان العُنفُ صادِراً من قِبَلِ الزوجِ. أما إن كان من قِبَل الزَّوجة، فمن صُوره: التربُّصُ بالزوجِ من خلال هَدر حُقوقِه، وتأليبِ الأولاد على عُقوقِه جسديًّاً ونفسيًّاً وماليًّاً. وقُولُوا مثلَ ذلكم في العُنفِ الصادِرِ من الأولاد تُجاه الوالدَين أو أحدهما.

عباد الله: إن مُعضِلةَ العُنف الأُسريِّ لجَديرةٌ بأن تكون من أولويَّات اهتِمامات المُجتمع المُسلم؛ لأن استِقرارَه الاجتماعيَّ والنفسيَّ لا يُمكنُ أن يتحقَّقَ بمنأَى عن استِقرار الأُسرة التي هي أُسٌّ في المُجتمع، فكان لِزاماً على المُؤسَّسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية  أن تُعنَى بتلكُم المُعضِلة أيَّما عناية، وذلكم بالتوعيةِ الفِكريَّة المُنضبِطة لقِيمة الأُسرة في المُجتمع، وتحصيل سُبُل استِقرارِها، ودَفع سُبُل تفكُّكها قبل الوقوع، أو برفعها بعد الوقوع. وتقديم الدراسات والدورات الصفِّيَّة والميدانية، التي تقضِي على العُنف الأُسريِّ أو تحُدُّ منه بنسبةٍ كبيرةٍ على أقلِّ تقديرٍ.

كما أنه ينبغي للجهاتِ المُشرِّعة أن تُولِيَ اهتِماماً بالِغًاً في سَنِّ ما من شأنِه ضبطُ الأُسرة، وسنِّ ما يُمكنُ من خلالِه اتِّخاذُ الإجراءات اللازِمة للمُمارسات اللامسؤولة، من قِبَل الأولاد تُجاه الأبوَين، أو من الأبوَين تُجاه الأولاد، أو من الزَّوجَين تُجاه أحدهما، أو التعسُّف والانحِراف عن أمر الله، بإبراز الفتُوَّة في استِخدام الولايةِ؛ لتنقلِبَ من إرفاقٍ بالأُسرة إلى شِقاقٍ بها. كما أن على المُؤسَّسات التعليمية مسؤوليَّةً كُبرى في استِحداثِ الموضوعات الدراسيَّة التي تُعنَى بشأنِ الأُسرة، في كافَّة مراحِلِ التعليم، من مُنطلَق أن الوقايةَ خيرٌ من العلاجِ. فإن مثلَ تلكُم الاهتِمامات الجادَّة تمنَحُ الأُسَرَ والبُيوت وعياً مُلازِماً، يُمكنُ بمُوجَبِه الخُروجَ من زوبَعةِ ذلكم الطَّبع الشارِخِ سِياج الأُسرة واستِقرار المُجتمع، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يتحلون بالرفق واللين والشفقة في تعاملهم مع أهليهم وأولادهم والناس أجمعين، اللهم  زين قلوبنا بالرفق واللين، وجنبنا الشدة والعنف، وارزقنا السكينة والوئام، وأنزل السعادة على قلوبنا وبيوتنا إنك أنت المنعم الوهاب.

اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والإعمال والأهواء والأدواء.

اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.

اللهم أكتب الشفاء العاجل لسمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، اللهم أحفظه من كل سوء ومكروه،  ومتعه بالصحة والعافية، وأمد في عمره، ورده إلى أرض الوطن سالماً معافى يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم من أراد بلادنا وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا وجيشنا ورجال أمننا، بشر وسوء وفتنة فأشغله بنفسه، وأجعل كيده في نحره، وأدر دائرة السوء عليه يا سميع الدعاء…

اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم واحقِن دماءَهم، واجمَع على الحقِّ والهُدى كلمتَهم، وولِّ عليهم خيارَهم واكفِهم شرارَهم، وابسُط الأمنَ والعدلَ والرخاءَ في ديارهم، وأعِذهم من الشُّرور والفتَن ما ظهرَ منها وما بطَن.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المضطهدين المظلومين في كل مكان، اللهم فرج همهم، ونفس كربهم، وأصلح أحوالهم، وألف بين قلوبهم، ولا تجعل لعدو ولاطاغية عليهم سبيلا… اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات إنك على كل شيء قدير.. اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمدا وعلى آله وصحبه أجمعين. عباد الله: إِنَّ الْلَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِيْ الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ، فَاذْكُرُوْا الْلَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيْم الْجَلِيْلِ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَىَ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ الْلَّهِ أَكْبَرُ، وَالْلَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ وَيَغْفِرْ الْلَّهَ لِيَ وَلَكُمْ.

           خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين