الجمعة 4 ربيع الأول 1441 هـ

الموافق 1 نوفمبر 2019 م

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وبعثه إلى الناس بشيراً ونذيراً، فهداهم إلى الحق والصراط المستقيم بقوله وفعله، نحمده سبحانه ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله،بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين،وأصحابه الغر الميامين، والتابعين ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

أما بعد : فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، اتقوا الله حق التقوى، فبالتقوى ترفع الدرجات، وتقال العثرات، وتغفر الزلات، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

معاشر المسلمين: إن الحديث يحلو ويطيب عن عظماء الرجال، ولكن الحديث إذا كان عن الحبيب المصطفى  محمد، صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجاريه حديث، في روعته وحلاوته وجماله، إنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي ملأ حبه الأفئدة، وتشتاق إليه النفوس، وبذكره ترق وتلين القلوب، وعند الحديث عنه، تطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته،والالتقاء به في جنات النعيم، والموعد معه إن شاء الله تعالى عند حوضه الشريف، لنشرب منه شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وحديثنا اليوم في لمحات ونفحات، تعبق من صفات الرسول المجتبى، وشمائل الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. شذرات تزيد الحب حباً، والقلب قرباً، تجدد الإيمان، وتعضد الولاء، وتثمر الإتباع… صفاته وشمائله وكراماته وفضائله، أفق واسع  وسماء رحبة، وحديقة غناء يحار الناظر ماذا يقطف منها؟ وأي شيء يتخير؟… أيها المؤمنون:حينما نتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإننا نتطلب زيادة الإيمان، ومزيد التعظيم والتبجيل، وقدره حق قدره، وازدياد محبته، وكل ذلك مطلوب شرعاً، والثمرة في ذلك طاعته وإتباعه، وتعظيم أمره ونهيه، واقتفاء سنته وهديه، والثبات على شرعته وتعاليمه.

عباد الله: ومع إيماننا بأنه بشر مخلوق، إلا أن الله تعالى جمّله وكمّله، وطيّبه خلقاً وخُلقاً، وجمع له الفضائل كلها نسقاً متسقاً، محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب الهاشمي القرشي ، شرف نسبه، وكرم أصله، وفضل بلده ومنشأه، لا يحتاج إلى دليل عليه، فإنه نخبة بني هاشم، وسلالة قريش وصميمها، وأشرف العرب وأعزهم نفراً من جهة أبيه وأمه صلى الله عليه وآله وسلم، أما بلده مكة فأكرم بلاد الله على الله وعلى عباده.

محمد بن عبد الله رسول الله وخليله، فاضت بمحبته القلوب، وامتلأت بإجلاله الصدور، وأسبغ الله عليه من الحسن والجمال في منظره ومخبره، وخلقه وخُلقه ما جعله آية في الكمال والجمال، وإذا أحببنا أن نتعرف على صفاته الخلقية والخلقية، فتعالوا بنا نستمع إلى ما تحدثت عنه كتب الشمائل والسير والأحاديث عن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلقية والخلقية: فقد كان صلى الله عليه وسلم عظيم الشأن والقدر، فخماً مفخماً من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، وكان رجلاً مربوعاً ليس بالطويل ولا بالقصير بل كان وسطاً بين ذلك، وكان معتدل الخَلق، حسن الجسم، متماسك البدن، وكان أزهر اللون ليس بالأبيض الشديد البياض ولا الأسمر، وكان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر، ولم يكن شعره بالجعد ولا بالسَّبِط ، وكان شعره يصل إلى أنصاف أذنيه حيناً، ويرسله أحياناً فيصل إلى شَحمَة أُذُنيه، أو بين أذنيه وعاتقه، ولحيته كثيفة سوداء، توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.. وكان رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين، وكان منكباه واسعين، وأنه أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر والبطن، طويل المسربة موصول ما بين اللبة  والسرة بشعر يجري كالخيط.. وكان أبيض الإبطين، بين كتفيه خاتم النبوة:وهو غُدّة حمراء مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه وهي من علامات النبوة. وكان صلى الله عليه وسلم واسع العينين،  شديد سوادهما، أكحل مقرون الحاجبين  واسع الجبهة، إذا ضحك أو غضب يظهر له عرق في جبينه، وكان أنفه مستقيماً،  طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته. وكان مشرق الوجه غير عابس ولا مُكشر مثل الشمس والقمر مستديراً. طويل العنق أبيضها كأنها الفضة . قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما رأيتُ شيئاً أحسنَ من النبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كأنَّ الشمسَ تجري في وَجْهِهِ) ويقولُ (ما رأيتُ قبلَهُ ولا بعدَهُ مِثْلَهُ) ولله در القائل:

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني

وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ

خُلِقتَ مُبَرَّئاً مِن كُلِّ عَيبٍ

كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ

أيها المؤمنون: هذه بعض أوصاف النبي الكريم في جمال الخلق، وحسن الصورة، وكمال الهيئة… أما كمال النفس ومكارم الأخلاق فقد كان في أعلاها، وله من الذرى أسناها، ويكفي في ذلك شهادة ربه له (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقال صلى الله عليه وسلم  (أدبني ربي فأحسن تأديبي) لذا فقد كان مثالاً عالياً في كل فضيلة، كان صلى الله عليه وسلم دائم البِشر ، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عتاب ولا مداح ، طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يتبع عورته، يعفو ويصفح،  ويعاشر الناس بالرحمة واللطف، يتغافل عما لا يشتهيه ولا يذمه… أما الحلم والاحتمال ، والعفو والصبر فهي صفات ميزه ربه بها، (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنْ الْآخَرِ، إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْماً، فَإِنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ عِنْهُ) ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله، فإنه يغضب لله عز وجل.

أما الكرم والبذل والعطاء فإنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أعدل الناس، وأعفهم وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، كان يسمى قبل نبوته بالصادق الأمين، وكان أشجع الناس، لاقى الشدائد والأهوال وثبت وصمد، لم يلن ولم يتزعزع، قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إِنَّا كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ- وَيُرْوَى اشْتَدَّ الْبَأْسُ- وَاحْمَرَّتِ الحدق، اتقينا برسول الله صلّى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ)… أما أدبه وحياؤه، فيقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم أشدَّ حياءً من عذراءَ في خِدْرِها وكان إذا كرِه شيئاً عرَفْناه في وجهِه) لا يثبت نظره في وجه أحد، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة ، كان متواضعاً بعيداً عن الكبر، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس في أصحابه كأحدهم ، ويمنع من القيام له كما يقام للملوك، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ) وكان أوفى الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم وأشفقهم، وأرحم الخلق بالخلق، وصدق الله العظيم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) إنها الرحمة التي جمعت له قلوب الخلق، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) لطف في المعشر وتبسم عند اللقاء، في الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : ما حَجبَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منذُ أسلمتُ ، ولا رآني إلَّا تبسَّمَ) ، أما زهده في الدنيا فحسبك تقلله منها، وإعراضه عن زهرتها، وقد سيقت إليه بحذافيرها، وترادفت عليه فتوحها، إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيالٍ تِباعاً، حتَّى قُبِضَ) وقالت أيضاً : (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً ولا شاتاً ولا بعيراً).. أما خوفه صلى الله عليه وسلم من ربه وخشيته وطاعته له وشدة عبادته، فذاك شأن عظيم، يقوم الليل إلا قليلا، ويسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، ويصلي حتى تتورم قدماه، فيقال له قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول  (أفلا أكون عبداً شكوراً) قام ليلة فقرأ في ركعة سورة البقرة والنساء وآل عمران، ومع كل ذلك فإنه يقول:  (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)  وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: (فَكيفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ وجِئْنَا بكَ علَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً) قال  حسبك الآن، قال عبد الله ابن مسعود فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان بالدموع)

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا  خَيْرَ  الوَرَى

وَهَمَتْ عَلَيْكَ سَحَائِبُ الرِّضْوَانِ

عباد الله: هذا الحبيب يا محب ، وهذه بعض القطوف من شمائل النبي الرءوف، بحر من الحب لا ساحل له، وفضاء من الخير لا منتهى له، شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم لا تحدها الكلمات، ولا توفيها العبارات، وحسبنا من ذلك الإشارات، وإن على أمة الإسلام أن تتربى على سيرته، وأن تتخلق بخلقه، وتتبع هديه، وتستن بسنته ، وتقفوا أثره ، فما عرفت الدنيا ولن تعرف مثله، وإن لدينا نحن المسلمين من ميراثه ما نفاخر به الأمم،  ونسابق به الحضارات، فهذا النبع فأين الواردون ؟ وهذا المنهل فأين النائلون؟

ألا فاتقوا الله عباد الله واعرفوا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حقه، من الإيمان به ومحبته والدفاع عنه، وإتباع سنته، وعدم الخروج عن هديه، تكونوا من المفلحين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا أيها المسلمون: صح في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَعْلَمْتَهُ). قَالَ لاَ، قَالَ (أَعْلِمْهُ). قَالَ فَلَحِقَهُ، فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ أَحَبَّكَ الله الَّذِى أَحْبَبْتَنِي فيه.

أيها الأخوة والأخوات في الله: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا في الحديث السابق إلى أن من أحب إنساناً فليعلمه بحبه إياه فها نحن نعلنها اليوم جميعاً  (بأننا نحبك يا رسول الله) ..نحبك يا رسول الله ، لأن الله تعالى أحبك واصطفاك، وقربك إليه واجتباك، فأنت القائل: (أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي) وأنت القائل (أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِيَ فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَلاَ فَخْرَ) نحبك يا رسول الله: لأنك خليل الله وصفوته من خلقه ومجتباه،  نحبك يا رسول الله ونكثر من الصلاة عليك، لنكون قريبين منك يوم القيامة  فأنت القائل:  (أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً) … نحبك يا رسول الله: لأنك علَّمتنا الإسلام، وعلَّمتنا كلَّ خير وسعادة ووئام.. نحبك يا رسول الله، لأن حبك قربة إلى الله تعالى، وعبادة لله من أفضل العبادات …

نحبك يا رسول الله لأن حياتك دين،  فمن تبعك أعزه الله ، ومن خالفك خذله الله .. نحبك يا رسول الله، لأن أقوالك وأفعالك مليئة بالهدى والخير والنور … نحبك يا رسول الله:  لأنك أجهدت نفسك، وتحملت كل المشاق والتعب ، لكي نسعد ونرتاح، فإليك يرجع كل فضل علينا بعد فضل الله، فقد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشف الله بك الغمة.. نحبك يا رسول الله، لأن الله تعالى قد جعلك لنا نوراً  وجعلك بنا رءوفاً رحيماً .. نحبك يا رسول الله : لأنك شافعنا يوم الزحام، يوم نلقى الله ، وقد جعلك الله شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً،  نحبك يا رسول الله: لأنه في حبك وفاء لك  وإكراماً وتقديراً  نحبك يا رسول الله: لأنك لم تترك خيراً إلا ودللتنا عليه، ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه،  نحبك يا رسول الله، لأنك كنت أرفع وأرقى وأسمى نموذج حي في الحياة، كنت أرقى صورة  للمعلم المربي الفاضل، وللزوج المثالي، وللحاكم العادل،  وللقائد المحنك، وللأب الحاني .. نحبك يا رسول الله: فمن أخلاقك علمتنا الأخلاق، ومن عبادتك علمتنا كيف نعبد الله، ومن شجاعتك علمتنا الشجاعة وعدم الخوف إلا من الله، ومن كرمك علمتنا الكرم، ومن عفوك وصفحك علمتنا العفو، ومن رحمتك علمتنا الرحمة والرأفة، والود والعطف والحنان، نحبك يا رسول الله ، ونكثر من الصلاة عليك ، فأنت القائل: (إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَي فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَي صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ)

فاللهم اشرح صدورنا بمحبة نبينا محمد، واشفي صدورنا ممن آذانا في نبينا، اللهم ارزقنا طاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وإتباع هديه وسنته وتعاليمه.

اللهم ارفع درجته، وأكرم مقامه، وثقل ميزانه، واحشرنا في زمرته، وشفعه فينا، وأوردنا حوضه، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك، وحبَّ رسولك محمّد، وحب آل بيته الطاهرين، وحب أزواجه أمهات المؤمنين،وحب أصحابه الغر الميامين، وحبَّ كل عمل يقرّبنا إلى حبّك. اللهم اجعل حبَّك وحبَّ رسولك أحبَّ إلينا من أنفسنا ووالدينا والناس أجمعين… اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين،اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين،اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُوْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنِ عِيْسَىْ وَرَئِيْسَ وُزَرَائِهِ خليفة بن سلمان،  وَوَلِيَّ عَهْدِهِ سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ، وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَارَبْ الْعَالَمِيْنَ.. اللهم من أراد بلادنا وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا وجيشنا ورجال أمننا، بشر وسوء وفتنة فأشغله بنفسه، وأجعل كيده في نحره، وأدر دائرة السوء عليه يا سميع الدعاء… اللهم أصلح شبابنا وفتياتنا و نساءنا وأولادنا وبناتِنا، وأهدنا سبل السلام.. اللهم ارفع وادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المضطهدين في دينهم وأوطانهم، كن لهم ناصراً ومؤيداً في كل مكان، ولا تجعل لعدو ولا طاغية عليهم سبيلاً.. اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، ومن احتلال الغاصبين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، وارحم الله موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ نَوِّرْ عَلَىَ أَهْلِ الْقُبُوْرِ مَنْ الْمُسْلِمِيْنَ قُبُوْرِهِمْ،وَاغْفِرْ لِلأحْيَاءِ وَيَسِّرْ لَهُمْ أُمُوْرَهُمْ…

عِبَادَ الْلَّهِ:إِنَّ الْلَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِيْ الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ، فَاذْكُرُوْا الْلَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيْمُ الْجَلِيْلِ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَىَ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ الْلَّهِ أكبروالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ وَيَغْفِرْ الْلَّهَ لِيَ وَلَكُمْ.

           خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين