الجمعة 15 ذو الحجة 1440 هـ

الموافق 16 أغسطس 2019 م

الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزته إرادته، ونشهد أن لا إله إلا الله فاطر السموات العلا، ومنشئ الأرضين والثرى، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ) ونشهد أن  سيدنا ونبينا محمداً عبده المجتبى ورسوله المرتضى، بعثه بالنور المضيء والأمر المرضي، على حين فترة من الرسل، ودُروس من السبل، فدمغ به الطغيان، وأكمل به الإيمان، وأظهره على كل الأديان، وقمع به أهل الأوثان، فصلى الله وسلم وبارك عليه ما دار في السماء فلك، وما سبح في الملكوت ملك، وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله رحمكم الله، تقربوا إليه بطاعته، والإكثار من ذكره وشكره، وحسن عبادته، تودّدوا إليه بالتحدث بنعمه، والإحسان إلى خلقه، تعرفوا إليه في الرخاء، يعرفْكم في الشدة، إنكم لم تخلقوا عبثاً، ولم تتركوا سدى، ومن خاف اليوم أمِن غداً، والربح لمن باع الفاني بالباقي، والخسران لمن سدّت مسامعه الشهوات، وآثر الحياة الدنيا. (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: إن قضية التربية الصالحة الصحيحة، قد شغلت الآباء والأمهات، والمربين والمربيات، كل يريد أن يخرج جيلاً قوياً، جيلاً يكون شامة في جبين التاريخ، يعيد للأمة أمجادها، ويحيي لها ذكرها، ومن أهم وسائل التربية الصحيحة: التربية بالقدوة؛ فإن للأفعال تأثيراً لا يقل أثره عن الأقوال والتوجيهات، (والناس -كما يقول الإمام الغزالي رحمه الله- لا يتعلمون بآذانهم بل بعيونهم)، فالأم التي تلقي على ولدها عشرات الدروس في الصدق، ثم تكذب على أبيه أمامه مرة واحدة، ليست جديرة أن تعلم ابنها شيئاً، وليس هذا الولد مستعداً كذلك، أن يسمع من والده شيئاً؛ إذ لا يأمره بالصدق بالقول مرة، إلا وتجده يعلمه الكذب بالفعل مرات ومرات؛ فلا يطرق الباب أحدٌ إلا وتجد الأب يقول لولده: قل له: ليس أبي موجوداً..يقول أحد العلماء: (إن مثلاً واحداً أنفع للناس من عشرة مجلدات، لأن الأحياء لا تصدق إلا المثل الحي؛ لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم – وهو الرجل الواحد- بجهاده واستشهاده في سبيل الخير، أهدى للبشرية من آلاف الكتاب، الذين ملئوا بالفضائل والحكم بطون المجلدات، إن أكثر الناس يستطيعون الكلام عن المثل العليا، لكنهم لا يستطيعون أن يعيشوها).

أيها المؤمنون: إن الحديث عن قيمة القدوة الحسنة، ووجود القدوات ليس حديثاً مترفاً، ولا تنظيراً فلسفياً قليل الفائدة والمحتوى، بل الواقع أن الإنسان، إنما يكتسب أخلاقه وخبراته ومهاراته بالمحاكاة والاقتداء، والمشاهد أن الفعل الصامت يغلب القول البراق.. أنا وأنت، وهو وهي، كل منا بحاجة إلى وجود القدوة الهادي، وهي حاجة فطرية جبلية، وفي محكم التنزيل أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يقتدي بإخوانه الأنبياء عليهم السلام، فقال سبحانه: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) القدوة ليست كلمات تقال وتنمق، ولا عبارات تدبج وتعلق، بل هي فعال وحال، قبل أن تكون كلاماً ومقالاً.. بالقدوة تستصلح البيوت أو تفسد، وبالقدوة تبنى الأجيال أو تضيع.

إن أردتم التغيير الناعم، والتأثير الساحر فاصنعوا القدوات الصالحة.. خذوها وعوها: إن غرستم القدوات الصالحة، جنيتم جيلاً صالحاً طيب الأعراق.. أعطني قدوة واحدة، ووفر بعدها ألف خطبة، وألف ألف مقال.

أعطني قدوة صالحة، أعطيك عشرة أمثاله، بل أكثر، والله يبارك لمن يشاء.

القدوة الحسنة كالشجرة المثمرة، إن حل حلت معه البركة والثمرة، فبهم تزرع المفاهيم الحسنة، وتعزز القيم الجميلة.

ولو تأملنا دعوة الرسل وأتباعهم، وكيف أثروا في مجتمعهم، لعرفت أن سر ذلك، أن الناس شعروا بالاطمئنان بمن يدعوهم.

وهل تأثر جيل الصحابة وتغير من النقيض إلى النقيض إلا بسحر الأسوة المحمدية الحسنة، وهل فتحت الآفاق ودخل الناس في دين الله أفواجاً، إلا بتأثير القدوة الطيبة؟!

أيها الأخوة والأخوات في الله: وإذا كان هذا هو أثر القدوات وتأثيرهم، فاعلموا أن أفول القدوات هو مشروع هادم بامتياز..

إذا تساقط القدوات أو أسقطوا، فلا تجني من الأجيال، إلا أشباه الرجال..إذا غاب القدوات أو غيبوا، فانتظر جيلاً تافهاً في تفكيره واهتماماته، ومن يزرع الشوك فلا يتحين خروج العنب.. إذا فقدت القدوات في باب العمل، فانتظر جيلاً خاملاً كسولاً.. وإذا فقدت قدوات الأمانة، فارتقب حينها جيلاً خائناً فاسداً، للحقوق آكلاً ومضيعاً..وأما إذا غاب القدوات في العلم فسيتخذ الناس رؤوساً جهالا.. فغياب القدوة الصالحة نتيجته الحتمية: ظهور قدوات فاسدة، وهذا ما فهمه وأدركه أعداء الإسلام والمسلمين.

أيها المؤمنون: القدوة الحسنة الصالحة ليست هي لأفراد محدودين ومعدودين، بل كل منا لابد أن يحمل هم القدوة، وأن يكون مشروع قدوة، كل بحسبه ومحيطه، فالأب في بيته، والمعلم في فصله،والعالم والخطيب والداعية في مسجده ومجتمعه، والتاجر مع موظفيه، والوزير والمدير والرئيس مع مرؤوسيه.. ليس من شرط القدوة الطيبة أن يكون صاحبها مشهوراً عند الناس، فقد يكون ذائع الصيت، وليس بأهل أن يقتدى به، والقرآن الكريم خلد أسماء أئمة مشهورين، ولكنهم إلى النار يهدون. وليس من شرط الإمامة في الدين أن يكون صاحبها معصوماً، فكل بني آدم خطاء.. ليس من شرط الأسوة الحسنة الصالحة، الكمال، وأن يمتاز العبد في كل مجال.. فقد يفتح للعبد باب يكون فيه قدوة حسنة، دون باب آخر يكون مقصراً فيه. قد يأتي إنسان قدوة في أمانته، ضعيف في عبادته، وقد ترى آخر قدوة في الإصلاح والدعوة إلى الله، دون الإنفاق والصدقة.

وقل مثل ذلك في بقية الأقسام التي يحتاج إليها، ولو تأملت حال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدت الخير فيهم، والتميز موزعاً بينهم، فأرحم الأمة بالأمة أبو بكر الصديق، وأشدهم فى دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأشجعهم علي، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وإن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً.

فمجتمعنا -وكل مجتمع- بحاجة إلى القدوات الصالحين في الدعوة إلى الله والأخلاق والتربية والعمل والتميز والإتقان والإخلاص… كم نحن بحاجة إلى ذلك الموظف القدوة في إنجازه وحسن تعامله وحضوره وانصرافه ونزاهته وحفظه على مقدرات البلاد والعباد.

وإذا كانت القدوة الحسنة عملة عزيزة غالية، وحاجة شريفة عالية، يبقى السؤال الأهم: كيف نبني قدواتنا؟ وكيف نصنع أسواتنا؟ وكيف نمتثلها في أنفسنا وفي غيرنا؟ إن صناعة القدوة المؤثرة ليس بالأمر الهين، بل يحتاج إلى صبر ومصابرة، وتجلد ومثابرة.

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

عباد الله: إن اللبنة الأولى في بناء القدوة الحسنة هي تعظيم الله، ومراقبته، والإخلاص له، ليكون العمل بعدها صالحاً ومقبولاً.

أخبرني من قدوتك أخبرك من أنت، فربط الناس بخير القدوات صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم الذين تربوا عليه مؤذن بتخريج قدوات صالحين معتدلين.. القدوة الحسنة الصالحة، أس نجاحها ألا يناقض قولك فعلك.

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

استشعر يا طالب القدوة أن وراءك أعيناً ترمقك، وتقتفي أثرك، فإياك ومواطن التهم، وإياك إياك وأماكن العيب والريب.

أصلح ما بينك وبين الله عز وجل، يصلح الله لك حالك، ويكتب لك القبول بين عباده.

ولا تنس الابتهال، للملك المتعال، فعباد الرحمن، الذين أثنى عليهم الرحمن، كان من دعائهم: (واجعلنا للمتقين إماماً)

أيها المؤمنون: ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، أن الإمام الشافعي رحمه الله طلب منه أن يوصي معلم أولاد الخليفة هارون الرشيد، فقال له الشافعي: (ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاح نفسك، فإن أعنتهم معقودة بيدك، فالحسن عندهم ما تستحسنه والقبيح عندهم ما تركته).. لا تلوموا أخطاء الشباب إذا لم يروا القدوات، أو اهتزت عندهم الثقة بالكبار والثقات.. من حق الأجيال علينا أن يروا فينا ما نسر أن نراه فيهم… ولله در القائل:

مَشَى الطَّاووسُ يوماً باختيالٍ

فقلَّدَ شَكْلَ مِشْيَتِه بَنُوهُ

 

فقالَ: عَـلَامَ تَخْتَالونَ؟ قَـالُوا

بَدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُقَلِّدُوْهُ

وَيَنْشَـأُ نَـاشِـئُ الفِـتْـيـانِ مِنَّـا

على ما كان عوَّدَهُ أبوهُ

وَمَا دَانَ الْفَـتَى بِحِـجًى وَلَكِـنْ

يُعَوِّدُهُ التَّدَيُّنَ أَقْرَبُوهُ

فيا كل والد وأب وأم، ويا كل معلم ومرب أنتم صورة حية، فانظروا ماذا ترسمون، واختاروا اللون الذي تحبون..إذا رأى الولد من والده الاستقامة وغض الطرف، وعفة اللسان، ودوام الذكر والاستغفار، والخلق الحسن في التعامل والمعاملة، فهذه صورة محفوظة في الوجدان ستؤتي أكلها ولو بعد حين.. إذا مرض الأب فرفع يديه إلى السماء يتطلب الشفاء من الله، فهذه رسالة تربوية صامتة في الالتجاء إلى الله عز وجل.

تعلقك بالمسجد، ومشيك إليه للصلاة، يغرس في أولادك أهمية العبادة، والحرص على صلاة الجماعة، وقل مثل ذلك في أفعال البر والخير.. وتبقى الأم في مملكتها رمز الأسوة، فمنها وعبرها يبدأ الاقتداء.

فكوني يا أمة الله قدوة صالحة لبناتك في حجابك وعفافك، وحشمتك ولزوم سجادتك.

عززي صداقتك بأفراد مملكتك، فهو أجدر لكسب قلوبهم..كوني لهم صدراً حنوناً، وموجهة رحيمة، ومستشارة قريبة.

ولتكن عبارات التشجيع والثناء والدعاء، هي الأصل وهي البديل عن الشتائم والهجاء.

نسأل الله أن يجعلنا هداة مهتدين، وقدوات صالحين، وأن يصلح أزواجنا وذرياتنا، وأن يجعلنا للمتقين إماماً وأن يحيي قلوبنا بذكره، وأن يسعد أرواحنا بإتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إنه ولي ذلك والقادر عليه…

نفعني الله وإياكم بالقران العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

شكر المملكة على جهودها في حج 1440هـ

الحمد لله ولي الصالحين، نحمده سبحانه ونشكره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، إمام المرسلين وقائد الغرِّ المحجَّلِين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: لقد منَّ الله تعالى على الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في الأيام الماضية، بالحج إلى بيت الله الحرام، وأداء المناسك، والتعبد لله تعالى بتوحيده وتعظيمه والإكثار من ذكره، بكل يسر وسهولة وأمن وأمان واطمئنان ولله الحمد والمنة… ولقد بذلت المملكة العربية السعودية -أعزها الله بالإسلام- ممثلة في قيادتها وولاة أمرها وجميع المسئولين عن أمور الحج والحرمين الشريفين، بذل هؤلاء جهداً كبيراً، وسعياً حثيثاً مشكوراً ومذكوراً، في تيسير مناسك الحج لجميع الحجاج في كل مكان تطأ فيه أقدامهم، وظهر الجهد والتنظيم في جميع المناسك من أولها إلى آخرها، واستوعبت تلك الأراضي الطاهرة الأعداد الغفيرة من الحجاج بداية من دخولهم منافذ الدخول ومرورهم بالمواقيت المحددة شرعاً حتى وصولهم إلى مكة المكرمة، وقيامهم بالتنقل بين المناسك بكل يسر وسهولة، لقد مرت أيام الحج بفضل الله ميسرة سهلة، ليس فيها شائبة ولا حزن، وأدى الحجاج مناسكهم آمنين مطمئنين على أنفسهم وأموالهم وأهليهم، والكل فرح مسرور لما رأوه من تيسير وتعاون وبذل وعطاء من أبناء المملكة العربية السعودية حرسها الله.

ولقد رأينا ورأى غيرنا رجال الأمن والجيش والدفاع المدني والمستشفيات والأطباء والمسعفين والدعاة والمشايخ والمتطوعين من الرجال والنساء والشباب السعوديين في كل مكان من مشاعر الحج، يخدمون الحجاج، وتعلوهم البسمة، وتفوح منهم روح التعاون، فالكل يدٌ واحدةٌ، وأسرة واحدة، والجميع يريدون الخير لزائري بيت الله الحرام.. وقد سمعنا ألسنة الحجاج تلهج بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين ولحكومته الرشيدة وللشعب الكريم، على هذا الجهد العظيم والتنظيم الرائع، وما كان ذلك ليحصل إلا بفضل الله تعالى أولاً وأخراً، ثم بفضل جهود ولاة أمور تلك البلاد المباركة، وما قدموه من خدمات جليلة للحجاج في كل منسك من مناسكه، وذلك بتوسعة الحرمين الشريفين، وتطوير مرمى الجمرات، وبناء أدوار جديدة من أجل التيسير على الحجاج، والقيام بتنظيم حركة الحجاج عند الدخول إلى الجمرات والخروج منها، وتوسعة المسعى والمطاف، وتسيير القطارات في المشاعر، وتنظيم عملية تحرك الحجاج في سائر المناسك في تخطيط وتنظيم رائع بديع، يدل على المجهود الكبير الذي بذل من أجل خدمة حجاج بيت الله الحرام، ومن أجل راحتهم، ومن أجل أدائهم مناسك الحج بيسر وسهولة… ولقد ظهر للقاصي والداني الأمن والأمان اللذان اتصف بهما الحج في هذا العام وفي كل عام، وهذا يدل على عون الله تعالى ويقظة رجال الأمن وحرصهم حيث لم يألوا جهداً في بذل ما يستطيعون من أجل إنجاح حج هذا العام.

فهنيئاً للمملكة العربية السعودية هذا التنظيم الرائع، وهذا التوفيق الكبير، ومزيداً من هذه الخدمات الرائعة، وتلك الإنجازات الجبارة، ومزيداً من التعاون على الخير والبر والرحمة. ومزيداً من جهود الخير التي تيسر سبل الطاعة وتخففها على الناس.

جهود جبارة، حقيقة بالشكر والثناء والدعاء، وسؤالِ الله للقائمين على الحرمين الشريفين بالإعانة والتوفيق والتسديد والقبول..ونقول لأشقائنا وإخواننا في المملكة العربية السعودية لقد أحسنتم، أحسن الله إليكم، وبارك في جهودكم، وجزاكم الله عن حجاج بيت الله الحرام خير الجزاء، ونسأل الله تعالى أن يديم على بلاد الحرمين الشريفين وقادتها وولاتها وشعبها، نعمة الأمن والأمان والسلامة والإسلام، واجتماع الكلمة ووحدة الصف، وأن يصرف عنها كل كيد وسوء وشر ومكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.. ولا ننس أيضاً أن نتقدم بالشكر والتقدير لقيادتنا الكريمة ممثلة في جلالة الملك حمد بن عيسى، وسمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد حفظهم الله، والحكومة الموقرة، على دعمهم الكبير والمستمر، وتوجيهاتهم السديدة، لبعثة الحج البحرينية، وحرصهم على راحة حجاجنا من المواطنين والمقيمين، وتقديم أفضل الخدمات الممكنة لهم.. جزى الله الجميع خير الجزاء، وبارك في جهودهم، وسدد على طريق الخير خطاهم، وأجزل لهم الأجر والمثوبة…

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم اجعل بلادنا وخليجنا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في وطننا، ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.. اللهم من أراد بلادنا وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا وجيشنا ورجال أمننا، بشر وسوء وفتنة فأشغله بنفسه، وأجعل كيده في نحره، وأدر دائرة السوء عليه يا سميع الدعاء.. اللهم انصر عبادك المظلومين في كل مكان، اللهم كن معهم ناصراً ومؤيداً في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن وفي كل مكان، اللهم كن للأقليات المسلمة المضطهدة المنسية في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم احقن دماءهم، وأحفظ أعراضهم، وأطفالهم ونساءهم ورجالهم وشيوخهم، ولا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم..

اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنَ لنا أحباباً قد فقدناهم، وفي التُراب وسدَناهم، اللهم فاجعل النور في قبورهم يغشاهم، واكتُب يا ربنا الجنة سُكناهم، واكتُب لنا في دار النعيم لُقياهم، إنك مولانا ومولاهم برحمتك يا أرحم الراحمين. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله: (إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِىٱلْقُرْبَى وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العلي الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون ويغفر الله لي ولكم.

      خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين