الجمعة 25 شوال 1440 هـ

الموافق 28 يونيو 2019 م

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدّر فهدى، سبحانه هو أمات وأحيى، وأضحك وأبكى، أنزل علينا الكتاب والفرقان ليهلِك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى الله على بصيرة هو ومن اتبعه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على طريقهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.. أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله فهي السعادة في الدارين، والنجاة يوم يقوم الناس لرب العالمين، (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمنوا ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: من الظواهر الاجتماعية المشاهدة في هذا الوقت وفي مثل هذه الأيام، والتي تستحق العرض والمساءلة، والبحث والمناقشة، بكل هدوء وموضوعية، وعلى مستوى التأصيل والمنهجية، ما يحصل في هذه الأيام من كل عام، حين تشتد حرارة الصيف، ويلقي بسَمُومه اللافح على بلادنا وعلى بعض البلدان، مما يحمل بعض الناس على الهروب إلى المصايف والمتنزهات، والفرار إلى الشواطئ والمنتجعات، والعزم على السفر والسياحة وإيثار الرحلات، يرافق ذلك فراغ من الشواغل، وتمتع بإجازة صيفية طويلة يقضيها الأبناء من الطلبة والطالبات، والمعلمين والمعلمات، والهيئات التعليمية والإدارية، بعد عناء عام دراسي كامل. وكذلك الموظفون الذين يوقتون إجازاتهم مع أبنائهم الطلاب.. وحيث قد أعد كثيرٌ من الناس البرامج لشغل إجازاتهم، وقضاء وقت فراغهم، وكثيرٌ منهم قد حزم حقائب السفر، وتوجه إلى المطارات عبر الأجواء، وعن طريق البر وغيره، وأعد هؤلاء أمتعة الترحال إلى هنا وهناك، تعالوا بنا عباد الله، لنضع هذه القضايا على الميزان الشرعي، ونعرضها على كتاب الله عز وجل وهدي رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مع التركيز على واقع بعض الناس في ذلك، وبيان الآثار السلبية عند غياب الضوابط الشرعية في هذه القضايا المهمة والواقعية، وذلك عن طريق هذه الوقفات السريعة:

الوقفة الأولى: مهمة الإنسان في هذه الحياة، هي عبوديته لله تعالى، وعدم الغفلة عن هذه العبادة طرفة عين: يقول سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فحياته كلها لله، وأعماله كلها لمولاه: فحيثما كان وحلَّ، وأينما وجد وارتحل، فإنه يجب على المسلم والمسلمة، أن  يضع التقوى شعاره، وطاعة الله دثاره، في سره وعلانيته، وعسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وحضره وسفره، وفراغه وشغله، في الشدة والرخاء، وفي حال البأساء والضراء، والأفراح والأتراح، هذا هو منهج المسلم الصادق في إسلامه، والجاد في انتمائه. يقول تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الوقفة الثانية: الوقت هو الحياة: فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يستغل وقته في مرضاة الله، ويشغله بطاعته سبحانه، فإن الإنسان مسئول عن وقته فيم أمضاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، فهل يستوي من يشغله بالطاعة بمن يدنسه بالمعصية؟! لا، وكلا: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)، (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ألا وإن من أهم الأسباب المعينة على استغلال الوقت: معرفة أحوال السلف الصالح، وكيف كانوا يحرصون على أوقاتهم، فهم خير من عرف قيمةَ الزمن، واستغله بما ينفع… قال الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد حرصاً منكم على دراهمكم ودنانيركم… وقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي)… وقال بعض السلف الصالح: (إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعةَ الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، وأما الموت فيقطعك عن الدنيا وأهلها)ا هـ. الوقفة الثالثة: الفراغ نعمة من نعم الله على عباده، يجب شغله بكل وسيلة شرعية؛ من تعلم العلم، والقيام بالعبادة بمفهومها الشامل الواسع، أو على الأقل بالأمور المباحة شرعاً دون ما هو محرم، ففي الحلال غنية عن الحرام، وفي الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) ، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لرجلٍ وهو يَعِظُه: اغتنِمْ خمساً قبل خمسٍ : شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك وحياتَك قبل موتِك،  وفراغَك قبل شُغلِك)

وكم كان الفراغ سبباً في الانحراف والفساد عند عدم استغلاله في الخير خصوصاً لدى الشباب والفتيات؟! فهو نعمة ولكن إذا استغل في معصية الله كان بلاءً ونقمة، ولله در القائل:

لَقَدْ أَهَاجَ الْفَرَاغُ عَلَيْك شُغْلاً

وَأَسْبَابُ الْبَلَاءِ مِنْ الْفَرَاغِ

إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَّهْ

مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ

الوقفة الرابعة: أن الإسلام لا يحجر على أتباعه أن يروحوا عن أنفسهم أو يدخلوا السرور على أهليهم وأبنائهم، وأن يقوموا بالوسائل المباحة في ذلك شرعاً، فالترفيه البريء، والترويح المباح لا غضاضة ولا حرج على الإنسان فيه، بل قد يكون مطلوباً -أحيانًا- لأغراض شرعية، لكن يجب أن يكون كل ترفيه وترويح في حدود ما هو مباحٌ شرعاً، أما أن يستغل ذلك فيما يُضعف الإيمان، ويهز العقيدة، ويخدش الفضيلة، ويُوقع في الفاحشة والرذيلة، ويقضي على الأخلاق والقيم والمثل، فلا وألف لا!

الوقفة الخامسة: أن السفر في الإسلام مباح ولا بأس به، لمن استطاع على تكاليفه، وصدق القائل:

سافرْ تَجِدْ عَوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ

وانصَبْ فإنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ

إنّي رأيتُ وقُوفَ الماءِ يُفسِدُهُ

إنْ ساحَ طابَ وإنْ لَم يَجرِ لَم يَطِبِ

والشَّمسُ لَو وَقَفتْ في الفُلكِ دائِمَةً

لَمَلَّها الناسُ مِن عُجِمٍ ومِن عَرَبِ

لكن السفر في الإسلام يا عباد الله له حدود مرعية، وضوابط شرعية: منها: أن يكون السفر في محيط  بلاد الإسلام المحافظة على شعائر دينها، أو البلاد المحافظة الآمنة التي لا يضيق فيها على المسلمين، أما أن يكون السفر إلى بقاع موبوءة، ومستنقعات محمومة، وبقاع مشبوهة، ومناظر خليعة، فلا، ما لم يكن ثَمَّ ضرورة إلى ذلك، ولم يستثنِ أهل العلم من ذلك: إلا من خرج لطلب علم لا يوجد في بلاد الإسلام، أو لضرورة كعلاج أو تجارة  أو إلى الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- ومساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين، مع القدرة على المحافظة على شعائر الإسلام، وهل يلقى الحمل الوديع في غابات الوحوش الكاسرة والسباع الضارية؟!

الوقفة السادسة: أنه ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن أعداء الإسلام والمسلمين يستهدفون أبناء المسلمين من السائحين للوقيعة بهم، فهم يبهرونهم عن طريق الغزو الفكري والأخلاقي ببلادهم، ويستغلون كثيراً من السائحين اقتصادياً وخلقياً، ويجرونهم رويداً رويداً إلى حيث الخنا والدعارة والفجور، والمخدرات والخمور، فيرجع بعضهم متنكراً لدينه ومجتمعه وبلاده وأمته… أين العقول والتفكير عن إحصاءات مرضى الهربس والسيلان  والإيدز وغيرها؟! وعن عصابات مروجي المسكرات والمخدرات؟! ونحن نقول للمسافرين: قبل أن ترفعوا أقدامكم فكروا أين تضعونها؟! نعم، سافروا للخير والفضيلة والدعوة والإصلاح والإغاثة والترفيه البريء والراحة، وتجديد طاقة النفس بعد كدها وإعيائها، والسير في مناكب الأرض، والتفكير في مخلوقات الله فيها، وكل ذلك مشروع ومرغوب ولا حرج عليكم فيه… كونوا ممثلين لبلادكم الإسلامية، مظهرين لدينكم، داعين إلى مبادئكم السمحة، حيث يتخبط العالم بحثًاً عن دين يدخل له الحرية والسلام، ولن يجده إلا في ظل الإسلام… فكونوا أيها المسافرون سفراء لدينكم وبلادكم، مثلوا الإسلام أحسن تمثيل، حذارِ أن يفهم العالم عن المسلمين وشبابهم أنهم أرباب شهوات فانية، ومغريات عاجلة، بل أفهموه بسلوككم أنكم أصحاب شخصية فذّة، وشريعة خالدة، ودين يرعى العقيدة والقيم، وشؤون الحياة، ويدير الحياة عن طريق الحق والعدل، ويبحث عما يدخل للعالم الرقي والحضارة… الوقفة السابعة: الشباب من الأبناء والبنات هم ثمرات الفؤاد، وفلذات الأكباد، فلا بد من تربيتهم تربية صحيحة، لابد من شغل أوقاتهم بطريقة متوازنة، فهذه أشهر الإجازة الصيفية التي يمرون بها في خلوٍّ من المشاغل الدراسية النظامية لابد أن يستغلها أولياء أمورهم ببرامج حافلة تكسبهم المهارات، وتنمي فيهم القدرات، وتقوي إيمانهم، وتثقل فكرهم، وتثري ثقافاتهم، وإن من المؤسف حقًّاً أن يعيش شباب في عمر الزهور، واكتمال القُوى، لا يُبالون في إضاعة أوقاتهم سُدى، بل إنهم يسطون على أوقات الآخرين ليقطعوها باللهو الباطل، والشؤون الساقطة، والأمور المحتقرة وأذية العباد.. يجب أن يُنقذ شباب الأمة من هذا الذهول المهلِك، والغفلة عن الغد، والاستغراق المميت في الحاضر، وإن من الغفلة والحرمان، وسبيل فناء الأمم، أن يألف شباب أصحاء السهر واللعب والنوم حتى تطلع عليهم الشمس، وتتوسط كبد السماء، وهم يغطُّون في نوم عميق، قد بال الشيطان في آذانهم،وتركوا صلواتهم، وإذا قام أحدهم فإذا هو ثقيل النفس،  هزيل القوى، كسلان، على حين تطلع الشمس على قوم آخرين من غير أهل الإسلام وهم منهمكون في وسائل معاشهم، وتدبير شؤونهم، وطلبهم للعلم، وتحقيقهم للنجاحات، وسنن الله تأبى إلا أن يُعطى كلُّ امرئ حسب استعداده وعمله وجدِّه، والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.

أيها المسلمون: إن خطورة الفراغ وثقل الإجازة يلقي بالمسؤولية والتبعة على مؤسساتنا التعليمية والاجتماعية والخدمية، وعلى الآباء والمربين، في توظيف أوقات الفراغ، ولوضع برامج تنسجم وتطلعات الأمة في استثمار طاقات الأبناء وتستوعبهم في محاضنها.. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم بعض مجالات النشاط التطوعي فيقول: تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلالَةِ لَكَ صَدَقَةٌ،  وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ) وغير ذلك من الأعمال التطوعية.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يشغل أوقاتنا وأوقات أولادنا وأهلينا بما يرضيه،ويجنبنا أسباب سخطه ومعاصيه،وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه،ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه على كل شيء قدير.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين،  أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة   فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه،والشكر له على توفيقه وامتنانه،ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه سبحانه،ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيل الله ورضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه،وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:  فيا أيها المسلمون: إن فرص استغلال الوقت كثيرة بحمد الله، فينبغي على الشباب من البنين والبنات  أن يحرصوا على الفرص الشرعية والمباحة، ويجتنبوا استغلال أوقاتهم في المحرمات والمشتبهات، وإن أنفس ما حفظت فيه الأوقات –يا رعاكم الله- تلاوة كتاب الله عز وجل وحفظ ما تيسر منه، وهذه بحمد الله مراكز تحفيظ القرآن الكريم، ودورات تجويده وتعليمه (للبنين والبنات) منتشرة في أرجاء هذه البلاد المباركة، وكذلك مراكز الأجيال والجاليات والمعاهد الشرعية، التي تدعمها وترعاها وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف جزى الله القائمين عليها خير الجزاء،  وهي فرصة لإلحاق الأبناء والبنات  بها. وهذه الجمعيات الإسلامية والخيرية، والنوادي الرياضية والثقافية، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، والمحافظات، والمجلس الأعلى للشباب، ووزارة الشباب والرياضة، و التي يقوم عليها نخبة من أهل الفضل والصلاح، جزاهم الله خيراً، فيفيدون الناشئة، ويصقلون مهاراتهم ومواهبهم، ويزيدون في علومهم ومعارفهم،بالدورات العلمية والشرعية والترفيهية، وتلك المعاهد التعليمية للحاسوب والانترنت واللغات لمن يريد أن يكتسب مهارة ويتعلم علماً، وتلك الأسفار النزيهة في محيط بلاد الإسلام،والبلاد المحافظة، وهي ولله الحمد كثيرة مليئة بالمناظر الخلابة،والمصايف الجميلة،  لمن أراد السياحة والنزهة البريئة، وما أجمل الرحلة إلى بيت الله الحرام في عمرة، وإلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة، لكن يجب على من أَمَّ هذين الحرمين الشريفين أن يتأدب بالآداب الشرعية، لا سيما النساء والفتيات حشمة وحجاباً وحياءً. وما أحسن القيام بزيارة ذوي القربى وصلة الأرحام داخل البلاد وخارجها، والترويح عن النفوس في حدود المباح شرعاً، ومما يسر المسلم ويفرحه، أن تشغل الإجازة بالزواجات والأعراس للبنين والبنات وتلك قضية مهمة، لكننا نوصي المسلمين في التزام منهج الإسلام في ذلك وعدم الخروج على تعاليمه؛ بالإسراف والبذخ والمغالاة والتكاليف الباهظة، والحذر من منكرات الأفراح والزواج التي تحصل عند بعض قليلي الديانة هداهم الله، التي تساهل فيها كثير من الناس، حتى الملتزمين منهم أصلحهم الله وهداهم.

عباد الله: نداء ملئه الحب والإشفاق إلى أولياء أمور الشباب وضرورة العناية بأبنائهم وتحصينِهم والاهتمام بهم، وتوجيههم وتقديم النصح والإرشاد لهم وتحذيرهم من المحرضين على العنف ومن عواقب وخطورة القيام بأي أعمال عنف وتحريق وتخريب أو إرهاب تستهدف أرواح المواطنين والمقيمين أو تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، لا سيّما في أوقات العطلات والإجازات، بعدما أفرَزت الأحداث الأخيرة، انخداعَ بعض شباب المجتمع بأفكار منحرفةٍ،وتصرفات متطرفة، تفسد عقولَهم وتخِلّ بأمن بلادِهم، ممَّا يؤكّد ضرورةَ استثمار أوقاتِ الشّباب وملءِ وقت فراغهم بالبرامج النّافعة التي تعود عليهم وعلى مجتمعِهم ووطنهم بالنّفع في أمور دينهم ودنياهم، وتحذيرهم من مجالسة أصحابِ الأفكار المتطرفة أو السّفر إلى بقاع مشبوهة، عمِّقوا فيهم مفاهيمَ الولاء لدينهم ووطنهم ومواطنيهم والتّلاحم مع ولاة أمورهم ، وأن يكونوا أعيُناً ساهرةً لحِفظ أمن بلادهم، رائدُ الجميع ذلك الإخلاص والصفاءُ وعُمق الولاء وصِدق الانتماء، وقبل ذلك وبعدَه عونُ الله وتوفيقه وفضله وتسديده، وحينئذ يسعَد الشباب ويُسعِدون، ويصلُحون ويصلِحون، ويحقِّقون لمجتمعِهم ووطنهم وأمّتهم ما إليه ترنو وإليه يصبون، وسنصِل وإيّاهم إلى موردٍ من الرِّيّ لا غُصَصَ فيه بإذن الله، وصمامٍ من الأمان لا خوفَ معه بتوفيق الله تعالى.. نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه،وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه،ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه،إنه على كل شيء قدير. اللهم إنا نسألك أن تصلح نياتنا وأولادنا وذرياتنا،وأن تجعلهم لنا خلفاً صالحاً،وأن تقيض لهم قرناء صالحين مصلحين، يهدونهم لما يسعدهم في دينهم ودنياهم،وأصلح مرشديهم ومعلميهم، ليكونوا قدوة حسنة لهم،تزكوا بهم الأعمال،وترشد بهم الأجيال،وأبعد عنهم رفقاء السوء،وشر الأشرار ياذا الجلال والإكرام…اللهم أعز الإسلام والمسلمين،اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين ، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان،اللهم أصلح قادتهم وعلمائهم وشبابهم وفتياتهم ونسائهم ورجالهم ياسميع الدعاء.اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين. الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُوْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنِ عِيْسَىْ وَرَئِيْسَ وُزَرَائِهِ خليفة بن سلمان وَوَلِيَّ عَهْدِهِ سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ، وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَارَبْ الْعَالَمِيْنَ.. اللهم إنا نعوذ بك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِك، وَ تُحَوِّل عافَيَتَك، وَ فُجَاءَةِ نِقْمَتِك . اللهم كن لإخواننا المستضعفين المضطهدين في كل مكان،اللهم كن لهم ناصراً ومؤيداً،في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن، اللهم أصلح أحوالهم وأحفظ دينهم وأمنهم، وصن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، واحقن دمائهم، وآمن روعهم وآمن خوفهم، وارحم شهداءهم، وأشف جرحاهم، ولا تجعل لعدو عليهم سبيلاً.

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ولي عليهم خيارهم، واصرف عنهم شرارهم، وجنبهم الفتن والشقاق والنزاع يا رب العالمين.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا،وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا،واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.)  الْلَّهُمَّ نَوِّرْ عَلَىَ أَهْلِ الْقُبُوْرِ مَنْ الْمُسْلِمِيْنَ قُبُوْرِهِمْ،وَاغْفِرْ لِلأحْيَاءِ وَيَسِّرْ لَهُمْ أُمُوْرَهُمْ. الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ،  وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

 خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين