الجمعة 14 شعبان 1440 هـ

الموافق 19 إبريل 2019 م

الحمد لله رب العالمين، من على من شاء من عباده بهدايتهم للإيمان، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرد بالكمال والجلال والعظمة والسلطان، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، المبعوث إلى كافة الإنس والجان، فبلغ رسالة ربه وبين غاية البيان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده حتى نشروا العدل والأمن والإيمان وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله.

كيف يأنس بالدنيا مفارقها؟! وكيف يأمن النار واردها؟! وأين الحزم والمبادرة ممن يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته  تهدم عمره؟! العمر يقود إلى الأجل، والحياة تقود إلى الموت، ودقات قلب المرء وأنفاسه هي الطريق إلى المصير، والبقاء في الدنيا سبيل الفناء، فاتقوا الله رحمكم الله، وكونوا ممن بادر الأعمال واستدركها، وجاهد النفس حتى ملكها، وعرف سبيل التقوى فسلكها، (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا اتَّقُوْا الْلَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الْلَّهَ إِنَّ الْلَّهَ خَبِيْرٌ بِمَا تَعْمَلُوْنَ، وَلا تَكُوْنُوْا كَالَّذِينَ نَسُوْا الْلَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُوْنَ)

معاشر المسلمين: إن مما يصلح القلوب، ويزكي الأعمال، ويوجب الحياء من رب العزة والجلال، ويثمر التوبة والإنابة إلى الله، تذكر نعم الله على عباده والخلق عامة، ونعم الله على الفرد خاصة …

وقد أمر الله عباده بتذكر النعم في كل وقت وحين  ليشكروه عليها، ويوفوا حقوقها لتدوم عليهم، ويزدادوا من خزائن جود ربهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوَا اذْكُرُوْا نِعْمَتَ الْلَّهِ عَلَيْكُمْ، إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوَا إِلَيْكُمْ أَيْديَهُمْ، فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ، وَاتَّقُوا الْلَّهَ وَعَلَىَ الْلَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُوْنَ) وأعظم النعم وأجلها الإيمان بالله الذي يكرم الله به الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنَاً كَمَنْ كَانَ فَاسِقَاً لا يَسْتَوُوْنَ) ومن أعظم نعم الله علينا بعد نعمة الإيمان نعمة الأمن والطمأنينة في الأوطان والديار، الأمن على الدين فلا يخاف المسلم الفتنة على دينه، يعبد الله لا يشرك به شيئاً، لا يصد عن ذلك .. والأمن على عرضه فلا يخاف الاعتداء عليه ولا على دمه .. والأمن على ماله فلا يخاف ضياعه .. والأمن في حله وترحاله .. ذلك الأمن يجب علينا أن نشكر الله عليه، وأن نعبده، ونجتنب معاصيه، ولهذا يمتن الله تعالى على أهل مكة حيث جعلها بلداً حراماً يأمن الناس فيها،فيقول عز وجل: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) وفي آية أخرى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) ويقول صلى الله عليه وسلم في بيان أهمية الأمن:( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ آَمِنَاً فِيْ سِرْبِهِ مُعَافىً فِيْ جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوْتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَهُ الْدُّنْيَا بِحَذَافِيْرِهَا)

أيها المؤمنون: الأمن تصلح به الحياة وتزدهر .. الأمن تنبسط معه الآمال وتتيسر معه الأرزاق، وتزيد معه التجارات، الأمن تتقدم معه التنمية .. الأمن ينتشر معه العلم والتعليم .. الأمن يعز فيه الدين والعدل، ويظهر فيه الأخيار على الأشرار .. الأمن سبب من أسباب الاستقرار .. بالأمن توظف الأموال في كل مشروع نافع للفرد والمجتمع، وتتوفر فرص العمل للجميع .. بالأمن تحقن الدماء، وتصان الأموال والأعراض .. وبالأمن تنام العيون وتطمئن في المضاجع .. بالأمن يتنعم الكبير والصغير والإنسان والحيوان. قيل لحكيم: أين تجد السرور؟ قال في الأمن، فإني وجدت الخائف لا عيش له.

عباد الله: الأمن نعمة من نعم الله العظيمة وآلائه  الكبيرة، لا تصلح الحياة إلا به، ولا يطيب العيش إلا باستتبابه، ولذلك جعله الله من نعيم أهل الجنة الدائم قال تعالى: (ادْخُلُوْهَا بِسَلامٍ آمِنِيْنَ) وقال أيضاً(وَهُمْ فِيْ الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ) وضد الأمن الخوف الذي تضيع به الدماء والأموال، ويضعف الدين، وتتقطع في الخوف السبل والتجارات، وتتعطل المصالح، وتتعطل التنمية، ويسطوا الأشرار والفجار، وتنتشر الفوضى، ويختفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وتتراجع الأموال، وتقسوا الحياة، وبالجملة عباد الله الخوف يشل الحياة،كلها ويدمرها.

أيها الأخوة المؤمنون: لقد جمعت شريعة الإسلام المحاسن كلها،فصانت الدين وحفظت العقول، وطهرت الأموال، وصانت الأعراض،وأمنت النفوس .. أمرت المسلم بإلقاء كلمة السلام والأمن والرحمة والاطمئنان، على أخيه المسلم، إشارة منها لنشر الأمن بين الناس،وأوجبت حفظ النفس،وحذرت من إظهار أسباب الروع بين صفوف المسلمين،فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا يُشِرْ أَحَدُكُمْ إِلَىَ أَخِيْهِ بِالسِّلاحِ فَإِنَّهُ لا يَدْرِيَ لَعَلَّ الْشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِيْ يَدِهِ فَيَقَعُ فِيْ حُفْرَةٍ مِنْ الْنَّارِ)، وحرمت الشريعة عليه الإشارة على أخيه بالسلاح ولوكان مازحاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم (مِنْ أَشَارَ إِلَىَ أَخِيْهِ بِحَدِيْدَةٍ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّىَ يَدَعَهَا وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأبِيْهِ وَأُمِّهِ) يقول أهل العلم: (هذه مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلاً ولعباً أم لا، لأن ترويع المسلم حرام بكل حال) وقد دعا الإسلام إلى كل عمل يبعث على الاطمئنان بين صفوف أفراده، وأمر بإخفاء أسباب الفزع في المجتمع، فقال عليه والصلاة والسلام (لا يَحِلُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً)، وما شرعت الحدود العادلة الحازمة في الإسلام على تنوعها إلا لتحقيق الأمن في المجتمعات،وإذا أختل الأمن تبدل الحال،ولم يهنأ أحد براحة بال، فيلحق الناس الفزع في عبادتهم،ويمنع المسلم من إظهار شعائر دينه،و ينضب وصول الخير إلى الآخرين، وينقطع تحصيل العلم، ولا توصل الأرحام، ويئن المريض فلا طبيب ولا دواء،وتختل المعايش،وتهجر الديار، وتفارق الأوطان، وتتفرق الأسر،وتنقض العهود والمواثيق، وتبور التجارة، ويتعسر طلب الرزق، وتبدل طباع الخلق.. فإذا سلبت نعمة الأمن والعياذ بالله فشا الجهل، وشاع الظلم،وسلبت الممتلكات،وأكل القوي الضعيف،وإذا حل الخوف أذيق المجتمع لباس الفقر والجوع قال تعالى: (فَأَذُقَهَا الْلَّهُ لِبَاسَ الْجُوْعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوْا يَصْنَعُوْنَ). قال الإمام القرطبي رحمه الله: (سمى الله الجوع والخوف لباساً؛لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس)

أيها المسلمون: نعمة الأمن من نعم الله حقاً،حقيق بأن تذكر ويذكر بها في كل وقت وحين،وأن يحافظ عليها… يقول سبحانه: (وَأَذْكُرُوَا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيْلٌ مُّسْتَضْعَفُوْنَ فِيْ الأرْضِ تَخَافُوْنَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ الْنَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الْطَّيِّبَاتِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ)

ونعمة الأمن تقابل بالذكر والشكر:(فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوْا الْلَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمُ مَّا لَمْ تَكُوْنُوْا تَعْلَمُوْنَ) والمعاصي والأمن لا يجتمعان، فالذنوب مزيلة للنعم، وبها تحل النقم قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ الْلَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرَاً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىَ قَوْمٍ حَتَّىَ يُغَيِّرُوْا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) .

فَإِذَا كُنْتَ فِيْ نِعْمَةٍ فَارْعَهَا

فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ تُزِيْلُ الْنِّعَمِ

وَدَاوِمْ عَلَيْهَا بِشُكْرِ الإلَهِ

فَشَكَرُ الإلَهِ يُزِيْلُ الْنِّقَمِ

يقول الفضيل إبن عياض رحمه الله (قلما قوم نزعوا نعمة ورجعت إليهم)

أيها المؤمنون: إذا فكرنا في حالنا، ونظرنا إلى وضعنا في هذه البلاد، وما نحن فيه من هذه النعمة العظيمة .. ورأينا أنفسنا ونحن نعيش هذا الأمن العظيم الذي يخرج فيه المرء منا ليقطع شمال هذه البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها آمناً مطمئناً،لا يخشى ولا يخاف إلا الله،ولا يحمل سلاحاً معه، فالبلد في خير ونعمة وفضل، يحتاج العباد فيه إلى أن يشكروا الله على هذه النعم بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم،وأن يحافظوا على هذه النعم والسلم الأهلي، قدر ما يمكنهم، وأن يعلم كل فرد أنه مسئول عن هذه النعم والحرص عليها بقدر إمكانه …

ولو نظرنا إلى ما حولنا من البلاد، وما نشاهده عبر هذه القنوات والفضائيات ووسائل التواصل، من تحريض وخراب وفساد وقتل ودمار وعدم أمن وعدم استقرار،  حتى وصل الأمر في بعض البلدان أن لا يخرج فيها الناس إلى المساجد لأداء الصلوات، لو نظرنا إلى كل هذا لحمدنا الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي نسأل الله أن يديمها علينا،وأن يحفظ علينا أمننا وإيماننا، ويحفظ ولاة أمورنا ولا يغير علينا، ونسأله تعالى أن يعين إخواننا المسئولين عن أمن البلاد ورجال الأمن المخلصين، ورجال قوة الدفاع البواسل، وأن ينصر جنودنا المرابطين على الثغور، الذين يسهرون على أمننا وسلامتنا وحفظ مصالحنا بعد حفظ الله عز وجل، ونسأله سبحانه أن يوفقهم لما يحب ويرضى، فبارك الله فيهم وفي جهودهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) . فالأمن أيها الأخوة مطلب في الحياة لا يستغني عنه العباد لحفظ المصالح الدينية والدنيوية،وما من عبد إلا ويبحث لنفسه عن أسباب أمنها،ومهما أوتي الإنسان من سلامة بدن، ووفرة رزق، فإنه لا يشعر بقيمتها إلا بالأمن والاستقرار.

نسأل الله أن يمن على الجميع بالتوبة النصوح، والاستقامة على الخير، وأن يحفظ مجتمعنا ومجتمعات المسلمين من كل بلاء، وأن يبقي علينا ديننا وأمننا وقيادتنا على الخير والهدى، إنه على كل شيء قدير.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَٱتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيْبَنَّ ٱلَّذِيَنَ ظَلَمُوَا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَٱعْلَمُوا أَنَّ ٱلَلَّهَ شَدِيْدُ ٱلْعِقَابِ)

بارك الله لي ولكم في القران العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا أيها المسلمون: إن من حق بلادنا البحرين علينا، أن نقدر هذه الخيرات والمكتسبات والمنجزات والإصلاحات التي تحققت بفضل الله، خصوصاً في هذا العهد الزاهر عهد جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه، ونسعى للمحافظة عليها، والحرص على زيادتها،  والسعي لمزيد من الإصلاح فيها، وشكر الله عليها، كما قال سبحانه: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).. عباد الله: من حق بلادنا البحرين علينا أن نسعى لتحقيق مصالحها، وندرأ الشر والفساد عنها، وننشر الأمن والاستقرار في ربوعها، ونحرص على وحدة  صفوفها وشرائحها وطوائفها.. من حقها علينا أن نسعى لرفعة شأنها في شتى الميادين، وأن نتعاون في مواصلة بناء صرحها الشامخ بإخلاص وهمة عالية،ومن حقها علينا أن نتحلى بأفضل الأخلاق وأحسنها في داخلها وفي خارجها، حتى نعكس صورة جميلة عن هذا الوطن الحبيب الطيب في أذهان من نلتقي بهم في داخله وخارجه، ومن حق هذه البلاد علينا أن نتصدى لكل من يسعى في إفسادها، أو يتآمر عليها، من أولئك الذين يسعون في الأرض فساداً وخراباً ودماراً،وعلينا أن نتصدى لكل من يريد  شق الصفوف،وإثارة الفتن، والإخلال بالأمن والاستقرار، بكل ما أوتينا من قوة البنان أو البيان، وأن ندافع عنها، ونذود عن حماها بالغالي والنفيس، بالكلمة والفعل في كل ميدان،وهذه هي الأمانة العظيمة التي يجب علينا أن نؤديها بإخلاص.

عباد الله: إنَّ قِيَمَنا الإسلاميةَ وتعاليمنا القرآنية، تَحُثُّنا على العملِ بإخلاصٍ لتحقيقِ أمنِ الوطنِ واستقرارِه ورخائِه وتقدمِه ورُقِيِّه، فإنَّ خدمةَ البلاد والعباد نوعٌ من أنواع العبادة العامةِ، التي يَتَقرَّبُ بها المسلم إلى ربِه ومولاه. وإننا اليوم أحوجَ ما نكونُ إلى أنْ نتسامح ونتصالح ونتصافح ونتناصح، ونفتحَ صفحة جديدة ملؤها الحب والوفاء والإخلاص للجميع، ونضع أيديَنا في يدِ كلِ مخلصٍ غيورٍ على هذا الوطن، ونلتفَ جميعاً حولَ قيادتِه العزيزة، لنقطعَ الطريقَ أمامَ كُلِ حاقِدٍ أو طامعٍ أو مُعْتَدٍ، ونَقِف سداً منيعاً وصفاً واحداً قوياً أمام تحدياتِ الداخلِ والخارج … ولذلك فإننا ندعو الجميع -كلاً من واقع مسئوليته- إلى الحفاظ على أمن البلد واستقراره، والدفع باتجاه التنمية والتطوير والتحضر، وعدم الوقوف حجر عثرة أمام هذا المشروع الإصلاحي الكبير الذي أرساه جلالة الملك حفظه الله، والذي توافقت وأجمعت عليه كافة الأطياف، ونخص بالذكر علماء الدين والخطباء والوعاظ والأئمة والسياسيين والمثقفين والمفكرين والكتاب والصحفيين ونواب الشعب والقائمين على الجمعيات والمؤسسات والباحثين..

إذ ندعوهم جميعاً إلى القيام بواجباتهم تجاه الوطن والمجتمع ومواصلة النصح والإرشاد والإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة، والعمل على ترشيد الخطاب الديني، ونبذ الطائفية والإرهاب والعنف، وتحكيم الشرع والعقل، وتصحيح الفكر الخاطئ لدى بعض الفئات ، التي يسوقها الحماس المندفع من شباب الوطن إلى طريق مسدود ليست في صالح أحد، وهي ليست من الدين في شيء، ولا هي في صالح الوطن ولا المواطن، حيث إنَّ مهمة العقلاء والحكماء في تصحيح مسار الشباب يرتكز على ضرورة تحقيق قاعدة اجتماع الكلمة ووحدة الصف، وترسيخ ثقافة التعايش السلمي، وتأكيد مبدأ الاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم وما دعا إليه الدين الحنيف من طاعة ولاة الأمر في المعروف، وصولاً إلى مجتمع تسوده روح المحبة والإخاء وينعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء والوحدة.

اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، وأهدنا سبل السلام، وأهدنا إلى صراطك المستقيم، اللهم ألف بين قلوبنا رعاة ورعية، ووحد كلمتنا وصفوفنا، وأحفظ علينا مودتنا وأخوتنا، وطهر قلوبنا من الحقد والحسد والبغضاء، وجنبنا الخلاف والنزاع والشقاق والخصام، واصرف عنا شر الأشرار وكيد الفجار ياذا الجلال والإكرام.

اللهم آمنا في وطننا، واجعله آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم وفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة.

اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين، وخليجنا، ورجال أمننا وجيوشنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين..اللهم إنا نستودعك وطننا وخليجنا وجنودنا البواسل المرابطين الذين يحاربون الآن عدوك وعدوهم، اللهم أحفظهم براً وبحراً  وجواً، وانصرهم على الطاغين الباغين المعتدين، اللهم سدد رميهم، وثبت أقدامهم، وأنزل سكينتك عليهم، وأعدهم إلى وطنهم وأهليهم سالمين غانمين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم كن للمستضعفين ناصرا ومؤيدا، اللهم انصرهم في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن وفي كل مكان.. اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، ومن احتلال الغاصبين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين. اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم بارك لنا فيما تبقى من شعبان وبلغنا رمضان وأعنا على الصيام والقيام يارب العالمين… الْلَّهُمَّ نَوِّرْ عَلَىَ أَهْلِ الْقُبُوْرِ مَنْ الْمُسْلِمِيْنَ قُبُوْرِهِمْ، وَاغْفِرْ لِلأحْيَاءِ وَيَسِّرْ لَهُمْ أُمُوْرَهُمْ.. اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…

سُبحان ربِّك ربِّ العزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله رب العالمين.

خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين