الجمعة 28 محرم 1441 هـ 

الموافق 27 سبتمبر 2019 م

الحمد لله الذي أحل لعباده الطيبات، وأدرَّ عليهم من أصناف الأرزاق والأقوات، وحرّم عليهم ما يكون به ضرر في أبدانهم وعقولهم وأديانهم، وأحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، ووسع كل شيء رحمة وحكماً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير،والسراج المنير،صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي، بتقوى الله والتمسك بطاعته، والحذر من سخطه وعقابه، (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين : لقد كرّم الله تعالى الإنسان بالعقل، وجعله مناطَ التكليف، وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن الكريم والحديث الشريف… بالعقل تميّز الإنسان وتكرّم، وترقّى في شأنه وتعلّم، جعله الشارع الحكيم ضرورةً كبرى، وشرع لصيانتِه الحقَّ والحدّ، يقول تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ، وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) بالعقل يميّز الإنسان بين الخير والشرّ، والنفع والضرّ، وبه يتبيّن أوامرَ الشرع ويعرف الخطابَ، ويردّ الجواب، ويسعى في مصالحه الدينيّة والدنيويّة، فإذا أزال الإنسان عقله لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضلّ منها، يقول تعالى: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ). بل قد يُنتفع بالحيوان؛ أما الإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالةً على غيره، يُخشى شرّه ولا يُرجى خيره.

ومع كلِّ ذلك يا عباد الله فقد أبى بعض التائهين إلاّ الانحطاط إلى درَك الذلّة والانحدارَ، إلى المهانة والقِلّة؛ فأزالوا عقولَهم معارضين بذلك العقل والشرعَ والجِبِلّة؛ وذلك بتعاطي الخمور والمسكرات، والمفتّرات والمخدّرات.

أيها المؤمنون: آفةُ المجتمعات اليوم هي المسكرات والمخدّرات، أمّ الخبائث وأمّ الكبائر وأصل الشرور والمصائب، شتَّتتِ الأسَر، وهتكتِ الأعراض، وسبّبت السرقات، وجرّأت على القتل، وأودت بأصحابها إلى الانتحار والوفيات، وأنتجت كلّ بليّةٍ ورذيلة.. أجمع على ذمّها العقلاء منذ عهد الجاهليّة، وترفّع عنها النبلاء من قبلِ الإسلام، فلمّا جاء الإسلام، ذمّها فحرّمها ولعنها، ولعن شاربَها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولةَ إليه، يقول تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ)

فقد بيّن الله تعالى مفاسدَ الخمر، وأنها رجسٌ ونجَس، من عمل الشيطان، وأنها توقع العداوةَ والبغضاء، وتصدّ عن الصلاة، وتصدّ عن ذكر الله، وأنها سببٌ لعدم الفلاح.

عباد الله: والخمر المحرّمةُ هي كلّ ما خامر العقل مهما كان نوعُه، وأيّاً كان اسمُه؛ يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلّ خمرٍ حرامٌ) ويقول: (كلُّ شرابٍ أسكر فهو حرامٌ)، ويقول : (كلُّ مسكرٍ حرام، إنّ على الله عزّ وجلّ عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طينةِ الخبال)، قالوا: يا رسول الله، وما طينةُ الخبال؟ قال: (عرقُ أهل النار) أو: (عصارة أهل النار) ويقول صلى الله عليه وسلم: ( كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكلّ مسكرٍ حرامٌ، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يُدمنها لم يتُب؛ لم يشربها في الآخرة) ويقول: (مُدمن الخمر إن مات لقِيَ الله كعابدِ وثنٍ). الله أكبر، إنّها نصوصُ زجرٍ ووعيد وتخويفٍ وتهديد، يقفُ عند حدّها، من يعلَم أنه محاسَبٌ غداً أمامَ الله تبارك وتعالى.

أيها الأخوة والأخوات في الله: والمخدّرات بأنواعها شرٌّ من الخمر؛ فهي تفسد العقل، وتدمّر الجسد، وتُذهب المالَ، وتقتُل الغيرةَ، فهي تشارك الخمر في الإسكار، وتزيد عليها في كثرة الأضرار… وقد أجمع الناس كلّهم من المسلمين وغيرهم، على ضررِ المسكرات والمخدّرات ووبالها على الأفراد والمجتمعات، وتنادت لحربها جميع الدول وتعاهدت، وأدرك الجميع مخاطرها، حتى قال المنظرون: (إنّ خطرَ المخدّرات وتأثيرها المدمّر أشدُّ فتكاً من الحروب التي تأكل الأخضر واليابسَ، وتدمِّر الحضارات، وتقضي على القدرات وتعطّل الطاقات).

أيها المسلمون: نتحدّث عن المسكرات والمخدّرات، في وقتٍ ضجّت بالشكوى فيه البيوت، واصطلى بنارها المتعاطي وأهله ومن عاشره، وأحالت حياتَهم جحيماً لا يُطاق، فوالدٌ يشكي، وأمٌّ تبكي، وزوجةٌ حيرى، وأولادٌ تائهون في ضيعةٍ كبرى، ومن عوفي فليحمدِ الله تبارك تعالى. المخدّرات عباد الله كما يقول أهل الاختصاص من الأطباء والنفسيين بأنها تفسد العقل، وتقطع النسل، وتورث الجنون، وتجلب الوساوس والهموم، وأمراضاً عقليّة وعضويّة ليس لها شفاء، وتجعل صاحبَها حيواناً هائجاً ليس له صاحب، وتُرديه في أَسوَأ المهالك، مع ما تورثه من قلّة الغيرة وزوال الحميّة؛ حتى يصير متعاطيها ديّوثاً وممسوخاً عياذاً بالله.

وما تفكّكتِ الأسَر إلاّ من أثرها، وتفشّتِ الجرائم إلا بسببها، ومع غلائها، فإنّ مروِّجَها من أفقر الناس وأتعسهم حالاً.

أمّا متعاطيها: فإنّها لا تزال تستنزف مالَه حتى يضيقَ بالنفقة الواجبة على أهله وأولاده وعلى نفسه، وحتى تصبح أسرتُه عالةً يتكفّفون الناس، وربّما باعَ أهلَه وعِرضَه مقابلَ جرعَةِ مخدّر أو شَربةِ مسكرٍ، فهل من قلوبٍ تعي أو عقولٍ تفكّر في النهاية الموحشة والآثار المدمّرة لهذه البلايا ؟! مع فَقدِ الدين وضياعِ الإيمان، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن)، ويقول الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إنه -والله- لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجلٍ إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر)

أيها الإخوة والأخوات في الله: لانتشار هذا الوباء أسبابٌ وبواعث؛ منها ضَعفُ الإيمان، وضَعفُ الوازع الدينيّ، والأزمة الروحيّة التي سبّبتها كثرة المعاصي، ووسائلُ الإلهاء والتغفيل؛ فأبعدت الناس عن هدي الله وذكره، وهوّنت عليهم ارتكاب أيّ محظور، وأنتجت قلّةَ الخوف من الله، فلا يفكّر أحدهم في عذاب الآخرة ولا عقاب الدنيا، ومن لم يكن له دين صحيحٌ يمنعه؛ فلا عقلَ ينفعه، ولا زجرَ يردعه… والفراغ القاتل والبطالة، سوقٌ رائجة للمخدّرات والمسكرات، سيما عند الشباب والفتيات، خاصةً عند مصاحبةِ أصدقاء السوء ورفاق ورفيقات الشرّ، يهوّنون عليه الأمر ويجرّئونه على المنكر، ويزيّن الشيطان له المتعةَ الموهومةَ والهروبَ من الواقع، إنّ هذا الهروب ليس إلا غيبوبةً يعقبُها صحوٌ أليم، وتنقل ذويها إلى عالم التبلّد والبلاهة، ثمّ تأتي إفاقةٌ مضاعفة الحسرة… وتحمل  كثير من وسائل الإعلام، والفضائيات العبئ الكبير من مسؤوليّة ذلك، حينما تعرض الأفلام والمسلسلات على الناس التي يتعاطى فيها الممثلون الخمر والمخدرات على أنّه أمرٌ طبيعيّ ومن خصائص المجتمعات الراقية، وتُقحم ذلك في الدعايات للهو والمتعة.. وإذا سافر ضعيف الإيمان إلى بلاد العهر والإباحيّة؛ وقع في المحظور وأدمن عليها، وعاد لبلده باحثًاً عنها.

أيها المسلمون: إنّ أعداءكم لا يألونكم خبالاً،وصدق الله العظيم: (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ، وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) ، قد اتَّخذوا المسكراتِ والمخدّرات سلاحاً فاتكاً للسيطرة والعدوان، واستلاب العقول والأموال. إنّ بلادَ الإسلام تواجه هجوماً شرساً من جهاتٍ مشبوهة، بخططٍ وأهداف بعيدة المدى؛ لتهريب المخدّرات وترويجها بين أبناء المسلمين؛ لتحطيم البلاد كلِّها اجتماعيّاً واقتصاديّاً ودينيّاً وأخلاقيّاً وفي كلّ المجالات، حتى أضحت حرب المخدّرات أحدَ أنواع الحروب المعاصرة الخطيرة، والذي يقف في الميدان يدرك مدى ضراوةِ هذه الحرب، ولا زال طوفان المخدّرات المدمّر تئنُّ منه خفايا البيوت وأروقةُ المحاكم وجدرانُ السجون؛ مما يُنبيك عن غَور الجرح وعمق المأساة.

وبعد هذا يا عباد الله: فإنّ الحديثَ عن تفشي المسكرات والمخدّرات ونِسَبها وآثارها وقصصها ومآسيها لهو حديث مؤلم، ولكن السكوت عنه لا يزيد الأمرَ إلا إيلاماً؛ لذا فلا

بدّ من الوعي بحقائق الأمور، وإدراك حجمِ الخطر، ثم التكاتُف والتآزر بين كافة أفراد المجتمع ومؤسّساته الرسمية والدينية والأهلية، وأخص بالذكر التربويين والعلماء والخطباء والمثقفين والمفكرين، وأسر الشباب والفتيات، وذلك للتحذير من المخدرات للحد من هذا الشر والوباء وصدّه، قبل استفحال الداء والبلاء في مجتمعاتنا.

لا بدّ من تنمية الرقابةِ الذاتيّة بالإيمان والخوف من اللهِ عز وجل في قلوبِ الناس عامّةً والناشئة خاصّة، ولن يردع البشرَ شيءٌ كوازع الدِّيانة… لا بدّ من تكثيفِ التوعية بأضرار المسكرات والمخدّرات، والتركيز على ذلك في المناهج الدراسية، وفي وسائل الإعلام ووسائل التواصل، كما يجب العناية بالشباب والفتيات وملءُ فراغهم بما ينفعهم وينفع مجتمعهم… كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واجبة على كلِّ مسلمٍ، ولو ائتمرنا بيننا وتناهينا ونصحنا وتناصحنا؛ لما وجَدَ الشيطان سبيلاً إلى ضعيفٍ بيننا… لا بدّ أن يتكاتفَ أفراد المجتمع مع الجهاتِ المسئولة على نبذِ المروّجين والتبليغ عنهم، والحذر من التستّر عليهم أو التهاون معهم، لا بد من تغليظ العقوبة على المتاجرين والمروجين والمهربين للمخدرات حتى يكونوا عبرة للمعتبرين… أما المبتلى بالتعاطي فهو مريض بحاجةٍ إلى المساعدة والعلاج، لا إلى مجرّد الشفقة والسكوت السلبيّ… وهنا لا بدّ من تقديم الشكر والإشادة بما تبذله وزارة الداخلية ووزيرها ورجال الأمن والنيابة العامة، والجمارك، والمحافظات والمراكز العلاجية والوقائية، وجهاتُ مكافحة المخدّرات، ومن يقومون بالتوعيةِ بأضرار المخدرات من جهود مشكورةٍ للحدّ منها ومتابعتها والقبض على المهربين، وتوعية الناس وتحذيرهم من مخاطرها وننتظر منهم ومن غيرهم المزيد، أعانهم الله وبارك في جهودهم، وسدّدهم وأنجح مساعيَهم وعافانا الله وإياكم والمسلمين من كلّ سوءٍ ومكروه…

أيها المسلمون: النصيحة المكرّرة والوصيّة المؤكّدة للوالدين هي الحرص على الأبناء والبنات ومتابعتهم وملاحظتهم، ولا يعني ذلك حصارهم، بل التربية والمراقبة والثقة والمتابعة، أمّا إذا كانت الثقة عمياء أو وضِعت في غير محلّها؛ فإنّ نتاجَها الحسرةُ والندامة… على الآباء والأمّهات والمربّين والمربّيات أن يتقوا الله تعالى في الأبناء والبنات ويقوموا بواجبِهم في التربية والإرشاد والتوجيه، بصدقٍ وعزمٍ وإخلاصٍ وجدّيةٍ، والحذَرَ الحذَر من التّهاونِ واللامُبالاة فإنّ الفرد لو وقع فريسةً للمخدّرات صعُب الخلاص والفكاك منها…

فاللهمّ أحفظنا وأحفظ علينا، وعافنا في أنفسنا وفي ديننا وأهلنا وأولادنا، وقنا والمسلمين شرَّ هذه البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردّاً جميلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، أحلّ الطيبات وحرّم الخبائث، نحمده تعالى ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، ونشهَد أنَّ محمَّداً عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد فيا أيها المسلمون: إن المخدرات التي يزرعها ويصنعها ويصدرها ويروجها شياطين الإنس؛ ليحققوا بذلك مقصدين أثنين يسعون لهما: المقصد الأول: إفساد المجتمعات المسلمة، حتى لا يفكر متعاطي المخدرات إلا بما تهتم به البهائم، وإذا فشت المخدرات في المجتمع ولم تحارب فقد تُوُدِّع منها… المقصد الثاني: كسب المال الحرام -وبئس الكسب-؛ فالمال المكتسب من المخدرات والمسكرات لا خيرَ ولا بركةَ فيه، بل هو يفسد القلب، ويدمر البيوت، ويشتت الأسر والمجتمعات ويدمرها، ويفقد بسببه الأمن والأمان،ويتدهور الاقتصاد، ويورث الخزي والعار والدمار.

أيها المؤمنون: احذروا مصائد الشيطان التي يصطاد بها أتباعَه؛ ليكونوا معه في جهنم خالدين.. فيا أيها المسئول عن مكافحة المخدرات : أنت على ثغر كبير؛ فإياك أن يدخل الشر والدمار على مجتمعك من المنفذ الذي وُضعتَ فيه؛ فإن الدولة وولي الأمر ائتمنك على مسئولية وأمانة تحاسب عليها أمام الله تعالى …ويا أيها الأب والأم والوصي والأخ والمدرس والقريب: أحسنوا الرعاية على أولادكم – ذكورِهم وإناثِهم-، وجنبوهم جلساءَ السوء وما يضرهم، وامنعوهم من أماكن الفساد، واحذروا عليهم من السهر مع رُفقة السوء، وامنعوهم من التدخين؛ فإنه بداية المخدرات والمفتِّرات.

ويا أيها المجتمع: كن متعاوناً على فعل الخيرات ومحاربة المنكرات.

وأنت أيها المروج: كيف تطيب نفسُك بأن تدمر نفسَك ومجتمعك، وأن تسعى للإفساد والفساد في الأرض، وأن تكون من حزب الشيطان، وأن تكون من الذين يسعون في الأرض فساداً؟! أينفعك مالك؟! أتنفعك دنياك؟! أينفعك شيء اكتسبته من هذا الطريق الحرام؟! اتق الله في نفسك وفي أهلك وفي أولاد المسلمين، وارجع إلى الله عز وجل ، وكن داعياً إلى الخير، ولا تكن سبباً في الشر وداعياً إلى الشر.. يقول تعالى : (َوتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)… ومن ابْتُلي بشيء من هذه القاذورات.. من ابتلي بالخمر والمسكرات، ومن ابتلي بالمخدرات أو بالمفترات، فليَتُبْ إلى الله تبارك وتعالى؛ فإن الله -عز وجل- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويفرح بتوبة عبده، وقد أمر الله -عز وجل- بالتوبة فقال: (.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:  (كل ابن آدم خَطَّاء، وخير الخطاءين التوابون)

عباد الله: ومن احتاج إلى أن يعان، ويشرف عليه طبيب لترك هذه المخدرات فليتقدم إلى أحد المراكز التي أعدتها الدولة وفقها الله لتوجيه المدمنين وعلاجهم، وليقبل نصح الناصحين، وليخلع هواه، ويبتعد عن رفقة السوء؛ فإن هؤلاء هم الذين أوقعوه فيما هو فيه، وسيوقعونه غداً فيما هو أعظم.. في نار جهنم، عياذاً بالله، أو أن يقع في السجن بأسبابهم، وأن يضيع كثيراً من عمره ومستقبله أو يضيع عمره كله.

فاتقوا الله عباد الله وتعاونوا على الخير.. وحاربوا الشر؛ فإن الله -تبارك وتعالى- جعل من صفات المؤمنين المسلمين أن يوصي بعضُهم بعضاً لكل خير، وأن يتآمروا بالمعروف، وأن يتناهوا عن المنكر.. قال تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)

اللهم أهدنا وأولادنا وذرياتنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه.

اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيْمانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.

اللهم أصلح أولادنا وبناتنا وذرياتنا وأولاد المسلمين، واجعلهم هاديين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، وجنبهم الفواحش والمنكرات والخمور والمخدرات، وجنبهم رفقاء السوء، واجعلهم شاكرين لنعمك، مثنين بها، قابليها، وأتمها علينا وعليهم، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع وادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والخمور والمخدرات والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين، وخليجنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان  وولي عهده سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وسدد على طريق الخير خطاهم، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم كن لهم في فلسطين وفي بلاد الشام وفي اليمن وفي كل مكان…اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، ومن احتلال الغاصبين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.

اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.)  اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات،والمسلين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات إنك على كل شيء قدير.. اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ويغفر الله لي ولكم.

           خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين