الجمعة 28 جمادى الآخرة 1439هـ
الموافق 16 مارس 2018م

الحمد لله الذي اهتدى بهديه ورحمته المهتدون، وضلّ بعدله وحكمته الضالون، (لا يُسألُ عمَّا يَفعلُ وهُم يُسْألُون)، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقّ جهاده، وتركنا على المحجّة البيضاء، ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد: فأوصيكم –عباد الله- ونفسي بتقوى الله، (وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)
معاشر المسلمين: إن المجتمع المسلم، مجتمع رحمة ومودة ومحبة وشفقة،كما وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز بأنهم: (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) وعلى هذا المبدأ يقوم الدين الحنيف، وتبنى الحضارات، والحضارة الحقيقية هي حضارة الأخلاق والشيم والسلوك والقيم… ولكن -يا عباد الله- هناك سلوك آخر يخلو من الرحمة والشفقة، ومن معاني الإنسانية، وينتهك أبسط الحقوق الأسرية، ويرسي دعائم التسلط والصلف والعنف والعنصرية، هذا السلوك الخاطئ بدأ يزيد وينتشر داخل أسرنا ومجتمعاتنا، لا يقل خطره عن الإجرام والإفساد في الأرض.
إنه العنف الأسري، وهو كل استخدام للقوه بطريقة غير شرعية من قبل شخص بالغ في العائلة ضد أفراد آخرين من هذه العائلة؟ ويشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها، وعنف الوالدين تجاه الأولاد وبالعكس. هذا السلوك الغريب الذي يخالف كل القيم والأعراف والأخلاق، بدأ مع الأسف الشديد ينهش في جسد كثير من الأسر، وظهرت مآسٍ أسرية تنبعث منها رائحة الألم والعذاب، وما خلف الستار لا يعلمه إلا الله عز وجل، فالعنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري انتشاراً في زمننا هذا، ورغم أننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبيّن لنا نسبة هذا العنف الأسري في مجتمعنا، إلا أن آثاراً له بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح؛ ما ينبئ أن نسبته في ارتفاع، وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرك بصفة سريعة وجدية، لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه… وللأسف عباد الله انتشر في كثير من بيوتنا جفاء بين الأب وأبنائه، وبين الأم وأبنائها، وبين الزوج وزوجته، وأكثر المتضررين من هذا العنف للأسف الشديد الأطفال، فلماذا كل هذا وهم أحباب الله وفلذات الأكباد ؟! ثم النساء في المرتبة الثانية، وهن أرق مخلوقات الله تبارك وتعالى… أيها المؤمنون: يلجأ بعض الرجال إلى الشدة والعنف، ظنًّاً منهم أنهم بذلك يحكمون السيطرة ويسيّرون أمور بيوتهم وحياتهم بالطريقة المثلى، التي من شأنها أن تنشئ جيلاً مهذباً ومثقفًاً، والحصول على زوجة مطيعة تحفظ البيت والأولاد، لكن هذا السلوك الخاطئ ليس من شأنه إلا أن يهدم بيوتًاً ويشرد نساءً وأطفالاً، كما أنه يتسبب في انتشار الكثير من الحالات النفسية، والاضطرابات السلوكية، لدى النساء والبنات والأطفال الذين يعيشون في وسط ينتشر فيه العنف والقسوة وتسيِّر حياته العصا والغلظة والفضاضة.
عباد الله: إن كان العنف يطال النساء من الزوجات، ويطال البنات والأبناء من المراهقين والمراهقات، فإنه يطال الأطفال أيضاً، ويعاملون به في بعض البيوت التي لا تملك درجة عالية من الوعي والفهم الصحيح لأسلوب التعامل مع الأطفال والصغار، فبعض الآباء يرتكب حماقة مع الأطفال فيرتكب ألواناً من العقاب غريبة وعجيبة تفضي إلى حوادث مؤلمة دون مراعاة واعتبار لرقة الطفولة وبراءتها… وكم سمعنا وقرأنا في الصحف اليومية وشاهدنا في الواقع وفي القنوات الفضائية عن أنواع وأشكال من هذا العنف!
أيها المسلمون: إن للعنف الأسري الموجه ضد النساء والبنات والأطفال أثره الكبير على الحياة الاجتماعية، فالأطفال من كلا الجنسين نتيجة السلوك العنيف الموجه ضدهم تنتابهم الانطوائية أو العدوانية، وفي حال الانطوائية يصبح الطفل بعد بلوغه وزواجه ضعيف الشخصية أمام زوجته وأولاده، وكذلك الأم التي تتعرض للعنف تصاب بالشيء ذاته، فالذين تعرضوا له في الصغر أثر عليهم سلباً في الكبر، حيث دمّر شخصياتهم وجعلها مستكينة مهضوماً حقها وغير قادرة على إدارة شؤونها… أما العدوانية فينتج عنها أشخاص ذوو طبيعة حادة تميل للعنف والحصول على مرادها بالقوة، حتى لو كان في ذلك ضير على الجميع.. والأطفال الواقعون تحت وطأة العنف قد ينفسون عما يعانون منه بسلوكيات عدوانية ضد مدرسيهم وزملائهم، وقد يكونون خطرين في بعض الأحيان… أما عن المرأة والزوجة فهي نتيجة العنف والقسوة سواء داخل أسرتها قبل الزواج أو خارج أسرتها بعد الزواج، فهي تسعى في معظم الحالات لتحمل ما لا يطاق، إما خوفًاً على نفسها من الأذى أو على عائلتها وأطفالها، ولهذا تأثيره الكبير عليها من الناحية النفسية والجسدية، فقد تصاب بأمراض عضوية مختلفة جراء الضغوطات النفسية التي ترزح تحتها، ناهيك عن الأذى البدني الذي يلحق بها.
أيها الإخوة والأخوات في الله:إن ظاهرة القسوة والعنف من أكثر المظاهر خطراً على الأسرة والفرد والمجتمع، تؤدي إلى اهتزاز الشخصية خصوصاً عند الأطفال، بل وينشأ عندهم أساليب خطيرة في العلاقات والسلوك، فالطفل الذي يتعرض للضرب المبرح والشتم والسب ينشأ معقداً نفسياً وذا عدوانية بغيضة، بل ويبدأ عنده الكره للوالدين، فيصبح عاقًّاً لوالديه.. يحدِّث أحدهم أن طفله كان يعاني من مشكلة سلوكية وهو أنه أعزكم الله يتبول في فراشه عند النوم، وهذا بسبب تخويف الأطفال وضربهم، وحينما بحث عن المشكلة وجد أن أمه تضربه ضرباً مبرحاً إذا تبول على فراشه؛ ما أثر على نفسية الطفل، والنتيجة انفصام في الشخصية وضعف في إدراك العقل. فلماذا – يا عباد الله- هذه القسوة وهذا العنف مع الأطفال الأبرياء؟! إن العنف مع هؤلاء ينتج عنه الانطواء والخجل والخوف من الكبار، وقبول الخنوع والخضوع والرضا بالذلة والمهانة، بل ويفضي إلى الفرار من المنزل، وكم سمعنا من فتيات وأولاد ونساء هربوا من منازلهم بسبب التسلط عليهم والقسوة في المعاملة! وكم نسمع من يضرب زوجته باستمرار ضرباً عنيفاً فيؤثر في جسدها بسبب أمر تافه حقير! وآخر يضرب أخواته على الدوام لأمور بسيطة لا تستحق ذلك! بل إن بعض الآباء ليس في قلبه الرحمة على بناته المسكينات، حتى إننا سمعنا من كوى ابنته بالنار بلا رحمة ولا شفقة… فهذه فتاه أرسلت إلى والدها رسالة تقول فيها: يا أبت: لا تلمني حينما طالبت المحكمة الشرعية بأن تنزع حضانتي منك، لقد فعلت ذلك هرباً من بطشك وبطش زوجتك الأخرى، وأنت تفعل ذلك انتقاماً من أمي التي انفصلت عنك بسبب سوء المعاملة التي كنت تعامل بها أمي، فما ذنبي يا أبت؟!
أيها الإخوة والأخوات في الله: أثبتت الدراسات على مستوى العالم الغربي والعربي أن أبرز المسببات للعنف الأسري وأكثرها انتشاراً هو تعاطي الخمور والمخدرات، يأتي بعده في الترتيب الأمراض النفسية والاجتماعية لدى أحد الزوجين أو كليهما، ثم اضطراب العلاقة بين الزوجين لأي سبب آخر غير المذكورين أعلاه، ثم قلة الوعي داخل الأسر والمجتمعات، وقبل هذا ضعف الأيمان، وعدم الخوف من الله تعالى.
هذه الرسائل -عباد الله- التي تصل إلى مسامعكم، وهذه القصص وغيرها كثير لا يتسع المقام لذكرها، تجعلنا نعيد النظر في المعاملة مع الأطفال والنساء والبنات، نعاملهم معاملة عطف ورحمة وحنان وشفقة، بل الواجب أن يلتفت كل واحد منا إلى أسلوب معاملته في بيته لزوجته وأطفاله وأولاده وبناته؛ ليعلم كيف يأسرهم بحبه لا بسوطه وغضبه، وليعلم كيف يحضنهم بقلبه لا أن يحضنهم بالعصا والسوط والمعاملة القاسية، فإن ظاهرة العنف -عباد الله- أصبحت ظاهره خطيرة في كثير من البيوت لا يعرفون كيف يعاملون الأطفال، ولا كيف يعاملون النساء، ولا كيف يعاملون البنات، ولا كيف يعاملون الخدم والعمال، ولا يعني هذا الكلام أننا ننهى عن الأدب والعقاب، ولكن بأسلوب تربوي على نهج سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان -بأبي هو وأمي- يعامل أهل بيته معاملة راقية ليس لها مثيل، في الصحيحين أن أعرابياً جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه يقبل الحسن بن علي رضي الله عنهما، فقال: أتقبلون صبيانكم؟! فقال له الرسول: (نعم)، فقال الأعرابي: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (من لا يرحم لا يرحم). ويقول: عليه الصلاة والسلام:(أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقًاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقاً) وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ وَلا امْرَأَةً وَلا خَادِماً إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..) ويقول صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ) هذا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقول الرجل لامرأته قبَّحَك الله، أو قبَّح الله وجهك، فما بالك بالسبِّ واللعن والهجر والضرب، قيل يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ)
ولما شكا بعض النسوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجهم وضربهم لهن:قال للرجال) :لن يضرب خياركم) وقال: (أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد؛ يضربها أول النهار ثم يجامعها آخره)!
عباد الله: هذه الرحمة النبوية من الله، وهذا النبي العظيم في معاملته لأهل بيته، افتقدته بعض الأسر في ضغوطات الحياة، وتزايد أعباء المعيشة، وقلة العلم، وضعف الروابط الأسرية، بل كان يقول عليه الصلاة والسلام: (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ) .. وهذا رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني، فقال: (لا تغضب)، ورددها عليه مراراً…
وإني لأعجب -أيها الإخوة- من آباء وأمهات يغضبون على أولادهم فيرفعون أكفهم وأصواتهم بالدعاء عليهم: اللهم افعل بهم كذا، اللهم خذهم، اللهم انتقم منهم … يدعون على أولادهم، وقد جهلوا أو نسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ، وذكر منها: (دَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ)
فاتقوا الله -عباد الله-، وأحسنوا المعاملة مع أسركم وأهليكم وأبنائكم، ولتكن بيوتكم منشأة على الحب والحنان والعطف والإيمان، وعلى طاعة الملك الديان؛ تسعدوا في الحال والمآل.
اللهم ألف بين قلوبنا، وأنزل على قلوبنا الرحمة والشفقة، وجنبنا العنف والشدة والغلظة، واجعلنا من عبادك الصالحين…
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فيا أيها المسلمون: الطفولة عالم البراءة والطهر الذي نسعد به، ويخفف الكثير من آلامنا في الحياة، امتدت إليه الأيدي المجرمة الآثمة، في بعض المجتمعات العربية لتغتال براءته، وتنتهك طهارته، في ظاهرة دخيلة على مجتمعات المسلمين، انتشرت وباتت كالنار في الهشيم بلا حياء من الله ولا خجل من عباد الله، إنها ظاهرة العنف والتحرش الجنسي بالأطفال في أحط أشكالها وصورها… إن التحرُّش الجنسي بالأطفال، يُعَدّ من أشنع الأفعال وأقبحها في نظر الشرع الشريف، وكبيرةً من كبائر الذنوب، تنأى عنها كل الفطر السويَّة، وانتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتلٌ للطفولة، وانتهاكٌ للبراءة، وهو أيضاً -إلى كونه فعلًا فاحشاً- غدرٌ وخيانةٌ؛ لأن الصغير لا يَعِي ولا يَفهَم ما يَقعُ عليه، والمتحرش عذابه عند الله أليم لأن حفظ الأعراض، من أولويات ومقاصد الشريعة الإسلامية، يقول صلى الله عليه وآله وسلم:(إن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، الحديث) وأوجبت الشريعة الإسلامية على الناس، اجتناب ما يؤدي إلى الفواحش فى المجتمع. يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) بالإضافة إلى أن التحرش، من أفعال الفحش والتفحُّش التي يُبغضُ اللهُ عزّ وجلّ صاحبَها، وصدر بشأنها الوعيد الشديد في الشرع الشريف؛ يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء) ويقول: (إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ).
أيها الأخوة والأخوات في الله: إن المتابع للإحصائيات التي تذكرها المراكز المختصة بالشئون الأسرية، يعجب من هول الأرقام التي تشير إليها هذه الدراسات من حجم الاعتداءات الجنسية على الأطفال مما يحتم على الآباء والأمهات والعقلاء الحذر والتحذير من هذه الظاهرة السيئة التي تهدد أطفال المسلمين وتفسد عليهم مستقبلهم جراء التمادي في الانحرافات الأخلاقية التي كان سببها الأول إهمال الأسرة وعدم المتابعة لأبنائهم..وبالنظر للإحصائيات التي تشير إلى أن غالب المعتدين على الأطفال ممن يوثق بهم من المحيط القريب منهم، كالأقارب أو الجيران أو الأصدقاء أو الخدم، لذا يجب على أولياء الأمور من الوالدين وغيرهم الحذر والمتابعة وعدم الغفلة عن الأبناء فكونوا رحمكم الله قريباً منهم..
أيها المسلمون: إن الإسلام قدم رؤية عميقة في الوقاية من الانحرافات الأخلاقية وفي حماية الأطفال، فقد أمر بستر العورة للصغار ذكورا وإناثاً، والتفريق بين الإخوة في المضاجع، والاستئذان على الوالدين وغيرها من الآداب، لذا كان لزاماً على أولياء الأمور التحلي بها في تربية أبنائهم وبناتهم وعدم الانجرار وراء ما تضخه قنوات التواصل والإعلام مما يهدم القيم وينشر الرذيلة بين أبنائنا وبناتنا.. ومنها تغليظ العقوبة على المعتدي في الشريعة الإسلامية، وذلك حفظاً للمجتمع من الانفلات الأخلاقي، يقول تعالى:( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) كما يجب على وسائل الإعلام المتعددة توعية الناس بجريمة الاعتداء على الأطفال وما لها من آثار سيئة على الطفل بل على المجتمع بأسره… وإن مما ينبغي على الوالدين أن يكثروا من الدعاء لأبنائهم وبناتهم بالهداية والصلاح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن دعوة الوالدين لأبنائهم دعوة مستجابة… اللهم أصلح أبنائنا وبناتنا، اللهم اجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين.. اللهم طهر قلوبهم، وحصن فروجهم، وحسن أخلاقهم، وأملأ قلوبهم نوراً وحكمة، وأهلهم لقبول كل نعمة، وأصلحهم وأصلح بهم البلاد والعباد.
اللهم جنبهم الفواحش والموبقات ورفقاء السوء وسلمهم من شر الأشرار وكيد الفجار يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل،اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجآءة نقمتك وجميع سخطك
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في وطننا، وفي خليجنا، ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين. اللهم انصر جندك وعبادك المستضعفين، وأيدهم في فلسطين وفي غوطة الشام وفي اليمن وفي كل مكان،اللهم إنا نستودعك أرواحهم وأعراضهم وأموالهم يا أرحم الراحمين.اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عباد الله: (إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العلي الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون ويغفر الله لي ولكم.

خطبة جامع الفاتح –   عدنان بن عبد الله القطان –   مملكة البحرين